سيرة طالب 117] بصيص نور في ظلام البحث

الشيخ علي الفرج

لم يكن تأليف كتاب “مرجعية القرآن” مجرد مشروع فكري عابر، بل كان رحلة عميقة في أعماق اليقين، ويطبع قريبا إن شاء الله، اصطدمت في إحدى محطات هذه الرحلة بعقبة كادت تعصف بكيان هذا الكتاب.

عقبة شغلت تفكيري وعقلي لأكثر من شهرين متواصلين، وأرهقتني حد السهر وأكرر قراءاتي وأستمع لمحاضرات شتى لكن لم يفك شفرته. كانت تلك العقبة تمثل المرتكز الأهم والأخطر؛ فبسقوطها كان الكتاب سينهار ويتبدد، وبقيامها سيستقيم بنيانه.

تلك العقبة كانت تتجسد في سؤال واحد صغير، يتردد صداه على ألسنة الجميع، من أراد الاحتجاج على فكرة “مرجعية القرآن” يخدش بإبرة مخدرة وينتهي الكتاب، هذا السؤال أسمع صداه من الناس، سواء كان مثقفًا، عالمًا، جاهلاً، طفلاً، كبيرًا، أو رجلاً… هذا السؤال الأزلي: هل ذكر في القرآن عدد فروض الصلاة؟ فإذا لم تجب فأنت محتاج الى مرجعية الحديث، فأنت عدت كما كنت.

سؤال بسيط في ظاهره، عميق في تأثيره، يحمل في طياته تحديًا كبيرًا لمن يتناول مرجعية القرآن كمصدر وحيد.

إلهام وحل المعضلة

وبينما كنا نعيش في رحاب شهر محرم الحرام، ونستظل بفيض الإمام الحسين سلام الله عليه، الذي لا يأتي منه إلا الخير والنعم، في ليلة الثامن من محرم عام 1447 هـ، توجهت إلى الله عز وجل بقلبٍ خاشع وأنا في طريقي إلى المآتم الحسينية. طلبت منه سبحانه أن ينير بصيرتي، وأن يلهمني حلًا لهذه المعضلة، أي عدد الصلاة الواجبة في القرآن، ويكون هذا الإلهام في وقت ذروة المصيبة.

وما إن بدأ الخطيب الحسيني بنعي مصيبة القاسم ابن الإمام الحسن عليه السلام، حتى بدأت تتوالى عليّ أفكار جديدة وتحليلات غير مسبوقة. كانت تلك اللحظة بمثابة إلهام إلهي، وبداية سراج ضوء شمس في نهاية كهف مظلم مغلق، شعاع أمل اخترق ظلام الحيرة. بعدها، ذهبت إلى منزلي مباشرة انغمست في الكتابة، كتابة متواصلة استمرت خمسة أيام بلياليها، لم أتوقف فيها إلا للضرورة، لأفك شفرة هذه الفكرة المحورية، وأرسخ أساس هذا الكتاب الذي بات الآن يرى النور بفضل الله.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×