[تعقيب] 3 وقفات في موضوع الحاج حسين الفرج

عصام الفرج

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا وعلى آله الطيبين الطاهرين من الآن إلى قيام يوم الدين، وبعد:

مقدمة:

ورد في نهج البلاغة عن أمير المؤمنين علية السلام في الخطبة رقم ٩٠٢ يصف بها الحق يقول:

“الحق أوسع الأشياء في التواصف، وأضيقها في التناصف”

إن البشر كلهم منذ بداية خلقهم وعلى اختلاف توجهاتهم وعقائدهم وآرائهم يدعون أنهم على الحق وأن الحق معهم ولهم وعلى هذا الأساس يقاتلون بعضهم البعض وتراق الدماء وتزهق الأرواح حتى وصل الأمر بالبعض للقول بأن ليس هناك شي‏ء اسمه الحق والحقيقة فالكل يدعيه من وجهة نظره وقالوا بأن الحق من الأمور النسبية التي تختلف من شخص إلى آخر بحسب مقياس كل شخص أو فئة أو أمة فتاهوا في معناه وإمكان معرفته.

قبل دخولنا في صلب موضوعنا: التصحيح الاستدراكي على التقرير الذي نشرته صحيفة صبرة مشكورة بتاريخ ٦-١٢-٢٠٢٠م، تحت عنوان “حسين الفرج من رأس تنورة إلى بقيق ذهابا وإيابا”. أحببنا أن نعرج على بعض النقاط التي لا بد من الإشارة لها باعتبارها مدخلاً أساساً ومقدمة توضيحية لأسباب هذا التصحيح وهي كالتالي:

تعريف مختصر لعلم التاريخ

يُصنَّف التاريخ غالباً، بوصفه واحداً من العلوم الاجتماعية، جنباً إلى جنب مع عدد من ميادين البحث كالاقتصاد، وعلم النفس، وعلم الاجتماع، ولكن المؤرخين يختلفون عن غيرهم من علماء الدراسات الاجتماعية في الطريقة التي تتم بها دراسة التطورات الاجتماعية. فبينما يبحث علماء الاجتماع عن قوانين تُفسر بعضًا من أنماط السلوك المتكررة في وقت ما، فإن المؤرخين يدرسون الأحوال والحوادث في ذلك الزمن، وقد يلجأ المؤرخون لبعض نظريات العلوم الاجتماعية، والعلوم الأخرى التي تساعدهم في شرح تلك الأحوال والحوادث.

مضمون التاريخ

كان المؤرخون حتى القرن العشرين يعنون في المقام الأول بالأحداث السياسية، وكانت كتاباتهم مقصورة على الدبلوماسية والحروب، وشؤون الدولة. أما الآن، فإن المؤرخين يدرسون العديد من المواضيع الأخرى، فينظر بعضهم في الأحوال الاقتصادية والاجتماعية ويتقصّى آخرون تطور الحضارات والفنون، أو العناصر الأخرى للحضارة.

ما الذي يقوم به المؤرخون في عملية تدوين التاريخ..؟

1-اختيار مادة البحث التاريخي من قضية ما أو شخص ينتمي لفترة معينة من الماضي لدراستها وتدوين كل ابعاد جوانبها وأحوالها.

٢- قراءة العديد من المصادر حيث يعتمد المؤرخين إلى عدة مصادر يمكن حصرها في ثلاثة انواع رئيسية وهي:

الأول/ البحث في المصادر الوثائقية الحديثة والقديمة بجميع أنواعا من المكتوبة والمرئية والسمعية المسجلة.

الثانية/ المصادر المنقولة من المعاصرين لتلك القضية من مشاركين أو شهود عيان على مجرياتها او العارفين بأحوال الشخصيات والأحداث.

ثالثا/ علم المقارنة والتقريب والترجيح والذي يعتمد على جمع الكثير من الأحداث والشواهد والبراهين في زمن معين، والتي يكون لها إرتباط بموضوع البحث التاريخي او الشخصي.

بعد إن ذكرنا مقدمة في علم التاريخ والمؤرخون وبشكل مختصر للتوضيح؛ لا بد ان نعرج على المكمل الثاني في علم التدوين للتاريخ وهو التحقيق والمحققون.

علم التحقيق

وهو علم يعنى بمراجعة كل المعلومات بجميع انواعها وضبطها. كما اختلف المختصون في مجال التحقيق لتعريفه، فمنهم من قال:

إن علم التحقيق هو إخراج المعلومات بشكل يطابق الأصل.

والآخر قال: هو بذل الجهد للخروج بمعلومات صحيحة كما كانت في الحقيقة.

وآخر قال: هو علم يقوم على إخراج تحريف أو خطاء أو زيادة أو نقصان من معلومات معينة، حتى تصل إلى حد المطابقة مع الأصل.

وهناك أقوال كثيرة لتعريف علم التحقيق حسب مجاله وموضوعه.

وعلم التدوين للمؤرخين والمحققين لم ينشأ على دفعة واحدة، بل انه قد يمر بمراحل كلّ مرحلة تتمم سابقتها وتضيف إليها شيء جديد من الزيادة او التعديل او حتى الحذف وفق قواعد البحث والتحقيق.

ولكي لا نطيل على القارئ بعد هذه المقدمة؛ كان لنا لابد من التأمل في عملية التدوين في علم التراجم الشخصية والأحداث الزمنية وفق قواعد التدوين والتحقيق من دون أي تأثر عاطفي أو إجتماعي مع الأخذ بعين الأعتبار في تقبل الانتقاذ أو الإشكالات والشبهات أو حتى النفي، إذا كانت مطابقة لقواعد التدوين والبحث والتحقيق، لكي نصل إلى الهدف الحقيقي الذي من أجله كتب حدث زمني أو ترجمة لحياة شخصية معينة، ومن هذا المنطلق جاء مقالنا هذا الذي بين أيديكم ليكون تصحيحاً إستدراكياً لما صرحنا به من معلومات حول شخصية والدنا المرحوم الحاج حسين الشيخ عبدالكريم الفرج أبو عبدالكريم.

فنحن رغم انتمائنا لهذة الشخصية من الناحية النسبية، كأحد أبنائه المعاصرين لحقبة زمنية من حياتة، إلا إننا استخدمنا أسلوب البحث والتحقيق في جميع المصادر، كما اوضحنا سابقاً، كي نصل إلى قناعة تامة في صحة ما نصرح به.

إلا أن بعض الحقائق والمعلومات قد تكون من المسلمات والموروث الأسري حسب مصادرها المختلفه، وقد يتبين بعد التصريح بها، أو زمن من تداولها عدم صحتها، أو اختلاف جزء منها عن الواقع.

ومن واجب الإنصاف لذى الباحثين والمحققين مراجعة هذه المعلومات، والتأكد حين وجود معلومة أخرى تنفي أو تصحح جزئيات من تلك المسلمات.

 وهنا سوف استعرض التعليق التصحيحي والاستداركي للتقرير السابق:

أولا/ فيما يخص سباق الدرجات الهوائية الأول في المملكة العربية السعودية الذي نظمته شركة الزيت العربية الأمريكية (أرامكو السعودية حالياً)، وذلك في عام ١٣٨٠ هجري، والذي كان الفائز بالمركز الأول فيهوهو الحاج حسين الفرج أبو عبدالكريم، وحسب تفصيله الذي ذكر في التقرير السابق، فقد استندنا فيه إلى معلومات من عدة مصادر لسنا في صدد ذكرها، والذي تم نشره مسبقاً بشكل مختصر في حساب انستغرام “بني عوام” ثم فصل خبره في تقرير صحيفة صبرة، حتى لاقى صدى واسعاً من التناقل والانتشار. وهنا لا بد أن نقف عند نقطة هامة على المعلومة التي وردت خطأً في التقرير، وجزا الله العم الحاج علي الشيخ عبدالكريم الفرج أبو عباس، خير الجزاء حين آطلع عليها وحرصاً منه على نقل المعلومة الصحيحة لكونه معاصراً وشاهد عيان على هذا الحدث، قدم لنا استدلال خطأ المصدر السابق، وهو كون المسافة الصحيحة من رأس تنورة إلى بقيق، وهذا خلاف الواقع الذي شاهده وعاصرة.

وكان واجباً علينا كباحثين عن التاريخ والحقيقة، تغيير ما صدر منا من معلوماتنا حول المسافة، حيث أن ما صح هو كونها من رأس تنورة إلى منطقة الجعيمة، وذلك حسب الطرق القديمة للمسافة بين تلك المنطقتين. وهنا تمكن الأمانه العلمية في النقل، والتي لم نستند فيها على أساس عاطفي أو تعصبي، يما كنا نعتقد بصحته ومن المسلمات.

ثانياً/ نود ان نوضح للذين اطلعوا على التقرير السابق أن ما كان في التقرير هو أمور تتعلق بشخصية غنية عن التعريف، بما له من مكانة وتاريخ مشهود بين الأجيال السابقة والمعاصرة له، ولسنا في صناعة ما هو ليس له، أو ما لم يقم بإنجازه على صعيد حياته الاجتماعية أو الدينية أو الأسرية، ولكن كتقديم جزء من الكل، ولتحقيق الفائدة التاريخية والاقتداء في مسيرة الحياة للأجيال القادمة، بما قام به الآباء والأجداد، وبما قدمته هذه الشخصية أو غيرها.

ثالثاً/ استدراكاً لما قمنا بذكره في التقرير عن كونه أول من أدخل الكهرباء لمنزله في مسورة العوامية عام ١٣٨٣هـ، ومن ثم قيامه بإنشاء شركة مع مجموعة من ٦ اشخاص عند شراء مولدات أخرى، وجعلها مصدراً للكهرباء في حي المسورة عام ١٣٨٤ هجري، وقد ذكر تفصيلها مع أسماء المشاركين في التقرير، والتي سميت “شركة مواطير العوامية”، وكان ذكر هذه المرحلة من مراحل وجود الكهرباء في العوامية، سواء كان في منزله أو مسورة العوامية كشاهد لما قام به هو شخصياً، وليس تقرير مفصل عن مراحل وتطور دخول الكهرباء لاحياء أخرى، أو بشكل كلي للعوامية، إلا أننا اضطررنا لذكر الشركة الأخرى، والتي أسست بعدها بسنة تقريبا عام ١٣٨٥ هجري، وقد ذكرنا تفصيل أسماء المشاركين بها، وختمنا بذكر تكون الشركة النهائية التي على ضوئها دخلت الكهرباء بشكل كلي للعوامية.

أن هذا السرد جاء شرحاً موجزاً كي لا يلتبس على بعض المطلعين على التقرير السابق معنى أول من أدخل الكهرباء في العوامية، إلا إننا وجدنا من يقدم اعتراضه دون تثبت وبشكل غير منطقي، رغم أننا استندنا في عملية التحقيق فيها على مصادر عدة، منها كتاب “العوامية” للأخ زكي الصالح، وشهادة شهود العيان والمعاصرين وبعض المشاركين في الشركة الأولى والثانية، حتى بلغ الخبر حد التواتر من الصحة والمسلمات.

وعوداً على ما ذكرت؛ رغم كل ما تطرقنا لشرحه هو ما قام به المرحوم الحاج حسين الفرج أبو عبدالكريم، ولسنا في سرد ما قام به غيره فيما بعد، ورغم ذلك تطرقنا له وفصل فيه.

في الختام، أود أن الخص أن لكل معلومة مصادر، وقد تحتمل الصحة حتى يتبين عكسها، ولا حرج في التعديل والركون إلى ما هو صحيح، إذا اثبت صحته.

والشكر كل الشكر لصحيفة صبرة على تعاونها، وإلى جميع القراء المنصفين وأصحاب القلوب النيرة.

الحمد لله أولا وأخيراً ظاهراً وباطناً

بسم الله الرحمن الرحيم

{فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا تُعَذِّبْهُمْ ۖ قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكَ ۖ وَالسَّلَامُ عَلَىٰ مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَىٰ}

سورة طه آية ٤٧

عصام حسين الشيخ عبدالكريم الفرج ـ ابوحسن

اقرأ ايضاً

حسين الفرج.. من رأس تنورة إلى بقيق ذهاباً وإياباً.. على “سيكل 24”

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×