عام على “كورونا”؛ كيف غَيَرَ الفيروس المُستجد الكرة الأرضية؟ 4 قطاعات رئيسة في حياتنا تبدلت خلال 365 يوماً

القطيف: أمنية محمد

العالم الذي عرفناه سابقاً تغير، خلال عام منذ اكتشاف أول حالة مصابة بفيروس كورونا المُستجد، في مستشفى ووهان في الـ17 من نوفمبر 2019، بعدها كرت السبحة، تزايدت الأرقام، حتى بلغلت 55.1 مليون إصابة، و1.33 حالة وفاة، بينما تعافى 35.4 مليون والبقية في حالة “حرجة”، حتى كتابة هذه السطور.

بدأت القصة منذ دخول أولى الحالات مستشفى ووهان، لم نكن نعلم أن هذه الحالة ستجر ورائها ملايين القصص من الصحة إلى المناخ، مرورًا في الاقتصاد.

نساء، أطفال، ورجال يرتدون الكمامات، المحال أغلقت، وَقرنَ في بيوتنا ليأنس بعضاً بعض خلال ليالي الشتاء  التي شابها القلق، نسينا الشواطئ ونزهات التسوق والمطاعم والسينما لأشهر. الفيروس ألقى بظلاله على الاقتصاد الذي أصبح في أسوأ أوضاعه تاريخياً منذ الحرب العالمية الثانية.

تكبدت الشركات خسائر فادحة، وقرارات تؤخذ على سبيل النجاة، لتتخلى عن موظفيها وترتفع نسبة البطالة العالمية.

بعد مرور عام على “كورونا”؛ كيف تغيرت الكرة الأرضية؟

 

من الحركة إلى “خليك في البيت”

ظلت الأرقام تتزايد منذ إعلان الحالة الأولى في ووهان، لم يكن أحد يعلم أن هذه الووهان محاطة بكل هذا الوباء، حتى بدأت الدول في إعلان 10 آلاف حالة إصابة عالمية بالفيروس خلال شهر يناير، بعدها أعلنت منظمة الصحة العالمية “كورونا” وباءً عالمياً “فاشية فيروس كورونا المستجد طارئة صحية تثير القلق دولياً”.

بحلول 31 يناير، أعلنت المنظمة عن الوباء، هذه اللحظة غيرت حياتنا تماماً، وطدت قلقنا المتزايد من القبلات وقضت على رغبتنا في سلام حميم، بعد أن أعلنت المنظمة أن القبلات نقلت الفيروس إلى 1439 شخصاً في فبراير 2020.

محاذير صحية لاحقتنا حتى في بيت الراحة، أصبح علينا التزام المسافات بعد أن كنا متلاصقين، وحيدون في ليالي الحظر من دون أصدقاء، لنستبدل أحاديثنا وجهاً لوجه، بالحديث عّبرّ تطبيقات العالم الافتراضي.

انتشرت العديد من مقاطع الفيديو عن السلام بالانحناء، ابتكر آخرون طريقة السلام بالأقدام، أو بكوع اليد، لمنع التلامس.

ظروف طاولت أيامنا هذه، بعدها أعلنت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC)، حزمة من الإرشادات الصحية للوقاية من الفيروس، مئات مقاطع الفيديو يتداولها رواد مواقع التواصل الاجتماعي؛ عن التزام التباعد، من بينها تهنئة بأعياد الميلاد خلف زجاج المنزل، أو الاطمئنان على الأجداد، واستغرق الكثيرون وقتاً لتعلم غسل اليدين بشكل صحيح لمدة 20 ثانية.

غيرت التدابير الوقائية من الفيروس حياتنا إلى حد جعل مراهقون من نيوزيلندا يكشفون خلال دراسة، أنهم يغسلون أيديهم من 6 إلى 15 مرة يومياً  خلال الجائحة، بعد أن كانوا يغسلون أيديهم من 3 إلى 10 مرات.

في 18 مارس أصبح ارتداء الكمامات سلوكاً معتاداً، بل أصدرت بعض الدول عقوبات على غير مرتديها، لتجنب الإصابة بالعدوى. وحسب منظمة “Mask4All”؛ فإن 100 دولة و20 ولاية أميركية ألزمت مواطنيها ارتداء الكمامة.

بعدما كان التحفيز على الحركة للوقاية من الأمراض المزمنة، أطلقت منظمة الصحة العالمية خلال شهر مارس، حملة “Stay At Home” أو “خليك في البيت” لمنع زيادة أعداد المصابين.

بينما التحفيز على الأنشطة اليومية، وتطهير البيوت والأسطح عادة مستحبة، بعدما كانت تشير إلى الإصابة بالوسواس القهري.

وأثرت هذه الاحتياطات على الحال النفسية للأشخاص، وأدت إلى زيادة معدلات الإصابة باضطرابات القلق والاكتئاب والوسواس القهري، وأثرت الجائحة على الصحة النفسية والعقلية للأطفال، بسبب إغلاق المدارس، حسب “الواشنطن بوست”.

حتى الآن، أعلنت 216 دولة عن عدد حالات الإصابة بفيروس كورونا المستجد، بحسب موقع “World meter”.

هل يتعافى التعليم من الوباء؟

فصول مكدسة وزحام الطلبة في المدارس، مزينيين الشوارع بملابسهم الموحدة، وحقائبهم، ذهاباً وإياباً من المدرسة، مشهد لم نراه وقد لا نراه قريباً، بعدما اتخذت الحكومات قرارًا بإغلاق المدارس إثر ظهور حالات إصابة بالعدوى بين الطلبة.

أجبرت الجائحة الدول على إغلاق المدارس والجامعات في منتصف مارس 2020، وتأثر 50% من الطلبة على مستوى العالم، و875 مليون طالب وطالبة انقطع عن الدراسة، و53 بلداً تأثر بهذا الإغلاق. 

أعتبرت منظمة الأمم المتحدة للعلم والثقافة (يونيسكو)، في يوليو الماضي، انتشار “كوفيد-19” هو “أزمة تعليمية كبرى”، إذ يهدد الأطفال الأكثر فقراً بالحرمان من التعليم، مثل أزمة 2008، التي كان من تبعتها حرمان 260 مليون طفل من التعليم، مشيرة إلى أن “كوفيد-19” قد يؤدي إلى تضاعف الأعداد.

التأقلم والاستمرار شكل تحدياً أمام الطلاب والمعلمين، وضغطاً على الإدارات التعليمية، لتوفير منصات إلكترونية بديلة للتعليم عن بُعد، بدلًا من الحضور.

بحلول 26 مارس دشنت “يونيسكو” التحالف العالمي للتعليم، بمساهمة منظمات دولية لإيجاد حلول للأزمة 1.5 مليار دارس، عّبرّ 6 منصات تعليمية نصحت بها “يونيسكو” خلال عملية التعليم عن بُعد، وهي خطوة أطلقت عليها المنظمة “تعافي التعليم من الفيروس المدمر”.

انضم للتحالف أكثر من 140 عضواً من أسرة الأمم المتحدة والمجتمع المدني والأوساط الأكاديمية والقطاع الخاص من أجل ضمان “#استمرار_التعلّم” بحسب إعلان “يونيسكو”.

اجتمع أعضاء التحالف حول ثلاث محاور رئيسية، وهي: إمكانية الاتصال الإلكتروني، المعلمون وقضايا الجنسين، إلى جانب دعمهم قضايا تعافي قطاع التعليم.

السقوط المدوي

وصف خبراء اقتصاديون ما حدث خلال الجائحة بـ”صدمة سريعة وشديدة”، حيث صُنفت الأزمة بأنها أكبر من أزمة عامي 2008-2009، والتي ألقت عبئاً ثقيلاً على المنشآت الكبرى وعصفت بالصغيرة، بينما ظلت المتوسطة في صراع من أجل البقاء.

في 8 يونيو الماضي، أصدر البنك الدولي تقريراً حول انكماش الاقتصاد العالمي، بنسبة 5.2% بحسب تقارير البنوك، وبهذه النتيجة؛ فإن الاقتصاد شهد كسادًا تاريخياً منذ الحرب العالمية الثانية.

ووفقاً لتقديرات البنك الدولي الأولية، فإن هذه الأزمة تكلف الدول العربية حوالى 3.7% من الناتج الإجمالي للمنطقة خلال 2020، وهو ما يترجم بخسارة نحو 42 بليون دولار أميركي، وفقدان 1.7 مليون وظيفة وهبوط ما يقرب من 8.3 مليون مواطن إلى دائرة الفقر، وفقاً لتقرير منظمة “إسكوا” 2020، كما ذكر بحث نشرته جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية.

الناتج المحلي الإجمالي للدول العربية، قبل وبعد الجائحة عام 2020.

ومن المتوقع أن ينخفض متوسط نصيب الفرد من الدخل بنسبة 3.6%، وهو ما يؤثر على الحياة المعيشية للأشخاص والتسبب بحسب بحث جامعة نايف 2020.

هَمٌ آخر بانتظار دول مجلس التعاون الخليجي هو النفط، وحسب البنك الدولي؛ فإن الانخفاض كان تاريخياً للمرة الأولى، في إبريل الماضي هوت الأسعار حتى وصل سعر البرميل الخام إلى ما دون الصفر، نتيجة توقف  المصانع خلال ذروة تفشي الفيروس.

وهَمٌ عالمي هو إغلاق الطيران، فبحسب تقديرات اتحاد النقل الجوي الدولي، انخفضت عائدات الركاب في الخطوط الجوية إلى 314 مليار دولار، وهو ما يعادل 55% مقارنًة في العام الماضي.

“الكوكب يتنفس”

طالما تمنينا اللجوء إلى الطبيعة الصافية، والتوقف قليلاً عن استنشاق عودام السيارات، لكن هذه اللحظة التي أغلقت فيها العديد من المصانع، وتركنا الحياة للكوكب يتنفس من انبعاثات الغازات بعيداً عن العوادم البشرية المدمرة، أصبحت لحظة مقدسة للطبيعة، بعدما اختتمت سنة 2019 أيامها بحريق في غابات الأمازون البرازيلية، وحريق في الغابات الأسترالية الذي امتد حتى بداية عام 2020، أدت هذه الحرائق إلى انبعاث  7800 مليون طن من ثاني أوكسيد الكربون.

لكن كل عوامل هبوط الاقتصاد والحركة المنزلية أثرت على الطبيعة، فبعد شهرين تنفست الصعداء، بسبب إغلاق المصانع وتوقف حركة الطيران، حيث أظهرت دراسة نشرتها المكتبة الوطنية الأميركية “NCBI” للطب في سبتمبر 2020، انخفاض انبعاثات ثاني أكسيد النيتروجين المؤدية إلى تلوث الهواء نسبة 54.3 %.

تأثير كورونا على البيئة إيجابيات وسلبيات
تأثير كورونا على البيئة إيجابيات وسلبيات

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×