محاباة رؤساء التحرير في المكافآت
عبدالرؤوف الغزال
عملت لأكثر من ثلاثة عقود في الصحافة، وخلالها؛ أشرفت فيها على أقسام عديدة منها. وما يهمني ـ هنا ـ أن اروي تجربتي فيها وبالتحديد تقييم أجور الكتاب.
في التسعينات الميلادية كان رئيس تحرير صحيفة “اليوم” هو الأستاذ سلطان البازعي، وقد وضعت مخططا لصفحة الرأي وزويا الكتاب، وراعيت فيها استقطاب أسماء بارزة، وأخرى غير معروفة توسمت فيها الموهبة، إضافة إلى شخصيات لها حضور اجتماعي في المنطقة الشرقية.
وكان أصعب ما واجهناه هو تحديد الأجور، ضمن المعايير المتعارف عليها في الصحف المحلية. وقد وجدت أن الأفضل هو التعامل بما يُعرف بـ “نظام المكافأة المقطوعة” للأسماء البارزة، والمكافأة حسب عدد الكلمات للأسماء الجديدة، مع تحديد المساحة لكلتا الفئتين.
الكاتب المعروف حددنا له ٦ ريالات للكلمة، على ألا يتجاوز مقاله ٧٠٠ كلمة، وللاسم الجديد ريالان، على ألا يتجاوز عدد مقاله ٤٠٠ كلمة.
كان اجتهاداً محكوماً بميزانية الصفحة وشهرة الكاتب.
لكن ما حدث في منتصف التسعينات هو المضاربة على أسعار الكتاب من قبل الصحف، حتى بلغت أرقاما فلكية، حتى منتصف عام ٢٠٠٠ ميلادية، بسبب رؤساء التحرير وتدخل بعض أعضاء مجالس إدارات الصحف النافذين.
مثال على ذلك؛ كان لدينا كاتب ندفع له ١٢ ألفاً، قفزت مكافأته إلى ٣٠ ألف، وكاتب آخر من 8 آلاف إلى ٢٠ ألفاً.
المحاباة والمجاملة لبعض الكتاب مع وفرة في أرباح الصحف؛ كل ذلك مجتمعاً عجل بسقوط أسعار مكافآت الكتاب فيما بعد.
الأمر لم يقتصر على الكتاب، إنما شمل أجور الصحفيين في انتقالهم بين الصحف الأخرى.
وأتذكر أن صحفيا انتقل من صحيفته الى صحيفتنا براتب ٢٢ ألف وكان أجره السابق في صحيفته ٨٠٠٠ ريال.
فعندما يُترك الأمر لرؤساء التحرير دون ضوابط؛ يحدث الخلل، خصوصاً أن مجالس إدارات الصحف تحدد ميزانية للتحرير يتصرف فيها رؤساء التحرير باعتبارها حقا مطلقا في التصرف دون محاسبة، مما يؤدي الى هدر مالي نرى الآن نتائجه.
وأختم بمثال أحد رؤساء التحرير وظف مستشارا للتحرير بمبلغ ٣٠ ألفاً، بينما كان راتبه السابق في القطاع الخاص لا يتعدى ١٢ ألف ريال.
يكتبون في “صُبرة”