[مثل اليوم] رحيل الشاعر محمد رضي الشماسي أديب احترمه التقليديون والحداثيون معاً

القطيف: صُبرة

في مثل هذا اليوم (6 نوفمبر 2014) رحل الشاعر السعودي محمد رضي الشماسي عن عمر 75 عاماً، على إثر أزمة قلبيةٍ. وودّعت القطيف أدبياً وأكاديمياً ملتزماً، ورجلاً نبيلاً عُرف بسيرة محافظة وحياةٍ هادئة، تركت أثرها في جزءٍ من جيل الأدباء الشباب منذ عقد الثمانينيات وما بعدها.

جيل جديد

ينتمي محمد رضي الشماسي إلى جيل من المتعلّمين الذين زاوجوا الدراسة الدينية والأكاديمية، فقد درس الفقه أكاديمياً في كلية أصول الفقه في مدينة النجف العراقية، وهي مؤسسة أكاديمية متطوّرة عن أسلوب الدراسة في الحوزة، أسّسها الشيخ محمد رضا المظفر، وكان الشماسي من أوائل خرّيجيها، وحصل منها على إجازة في الفقه الجعفري سنة 1975م.

وبعد عودته إلى المملكة؛ استأنف دراسته الأكاديمية في الولايات المتحدة الأمريكية التي عاد منها سنة 1980 حاملاً الماجستير في الأدب العربي من جامعة إنديانا. وعمل محاضراً في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن حتى تقاعده.

حضور ثقافي

بقدر اشتغاله محاضراً في الجامعة؛ سعى الأديب الشماسي إلى تسجيل حضوره الثقافي عبر النشر في الصحف والدوريات الثقافية، وعلى الرغم من قلة إنتاجه وتباعد أوقات النشر؛ بقي الشماسي متصفاً بأسلوب كلاسيكيٍّ حيٍّ، ومعبّراً عن ثقافة أدبية محافظة. وقد اهتمّ بالكتابة عن أدباء وشعراء عاصرهم أو أعجب بهم. ويُمكن وصف هذه الكتابات بأنها ذات ميل إلى مذهبه في الأدب والشعر المناصر للرومانسيات الكلاسيكية، مثل كتابته عن “بدوي الجبل” و “شاعر الكفاف” و “أستاذ الصناعتين”. وهو مذهب لخّصه في مقدمة أحد مقالات بقوله “الإنسان الذي يعيش لعقيدته، أو لوطنه وأمته، أو ملتزماً لمبدأ من مبادئ الخير، هو الإنسان الذي يستحق التكريم في حياته”.

وقد ضمّ بعض ما كتبه من المقالات وقراءات الأدب في كتابه “سيدتي الكلمة”.

شاعر مقل

ومثلما كان مقلّاً في النثر؛ كان مقلاً في الشعر أيضاً. وأغلب شعر مجموع في مجموعته “عنوان الحب”، وكما هو العنوان؛ فإن ما شغل الشماسي في الشعر هو الحب بمعانيه المتعددة، الحب للأرض والإنسان والطبيعة. وقد عكس “عنوان الحب” طبيعة الرجل الوادعة المحبة، وفي الوقت ذاته؛ المحافظة على شكل القصيدة العمودية ولغتها الرومانسية الكلاسيكية في آن. وهذا الأسلوب شائعٌ جداً في شعراء القطيف الذين نشروا نتاجهم بين أربعينيات القرن الماضي وأواخر ثمانينياته.

من الجيل الثاني

تاريخياً؛ ينتمي الشماسي إلى الجيل الثاني من شعراء القطيف الجُدد. الجيل الأول بدأ بخالد الفرج والشيخ عبدالحميد الخطي، ومنهم محمد سعيد المسلم ومحمد سعيد الخنيزي ومحمد سعيد الجشي وعبدالواحد الخنيزي وعباس خزام. وهؤلاء بدأوا منذ الأربعينيات. وقد تبنّوا الأشكال الرومانسية في الأسلوب، والموضوعات الجديدة، قياساً بشعراء الأجيال السابقين الذين كانوا كلاسيكيين في الشكل والموضوع.

أما الجيل الثاني فقد بدأ ظهوره في الستينيات، ومنهم: محمد سعيد البريكي وعدنان العوامي والسيد حسن أبو الرحي ومحمد رضي الشماسي. وهؤلاء شكّلوا امتداداً للجيل السابق، ولم يخرجوا عن الخط العمودي، مع وجود بعض الاستثناءات غير المؤثرة.

محمد رضي الشماسي أخلص لخط جيله، في الشكل والمضمون، وفي الأفكار الأدبية أيضاً. ولذلك؛ يُمكن تصنيفه ضمن شعراء الشكل الكلاسيكي المحافظ الذين جدّدوا في اللغة ضمن حدود الرومانسية. ومن المرجّح أنه لحياته النجفية أثر في ترسيخ هذه القيم الأدبية.

احترام اجتماعي

لكنّ ما ميّز الشماسي، في محيطه الاجتماعي، هو روحه الوادعة المحبة، وتشجيعه للأدباء الشباب، واحترامه لقيم المجتمع، وتواضعه الحميم، وعلاقاته الاجتماعية المنفتحة. وهو ما أكسبه احتراماً لدى المتخالفين ثقافياً وأدبياً، وفي أمسية الشعر التي نظمها له منتدى الثلاثاء، واحدٌ من الأدلة على ذلك؛ فقد حضرتها أطياف من المهتمين بالشعر، من القصيدة العمودية الكلاسيكية جداً، إلى كتاب قصيدة النثر. وهو ما يعكس احتراماً لشخص الشاعر الشماسي وتجربته الأدبية.

محمد رضي الشماسي

  • ولد في قلعة القطيف سنة 1939مـ 1360 هـ.
  • درس الابتدائية والمتوسطة في القطيف.
  • أكمل الثانوية في الدمام.
  • عام 1963 حاول الالتحاق بجامعة دمشق لدراسة القانون.
  • توجه إلى العراق عام 1971، وحصل على البكالوريوس في اللغة العربية والعلوم الإسلامية من كلية الفقه بالنجف سنة 1975.
  • حصل على الماجستير في الأدب العربي من جامعة إنديانا الأمريكية سنة 1980.
  • عمل معيداً ثم محاضرا للغة العربية بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن بالظهران، حتى تقاعده، سنة 2003.
  • توفي في 6 نوفمبر 2014 ـ 14 محرم 1436، ودفن في مقبرة الخباقة.

الصور: من أمسية شعر له في منتدى الثلاثاء، أرشيف حبيب محمود

صور

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×