وردة الصويمل من العوامية إلى دبي وباريس: أمي علمتني التجارة استهواها الرسم فتخصصت في «الأسنان» لتتاجر في الرموش والعدسات ومواد التجميل
مولودة برج الثور تطبق مقولة الإمام علي: استيعنوا على قضاء حوائكم بالكتمان
العوامية: معصومة الزاهر
كانت طفلة تهوى الرسم، لديها مرسم في المنزل، وساعدتها والدتها في تنمية موهبتها بإلحاقها في دورات الرسم.
عاشت خبيرة التجميل وردة الصويمل أجواء التجارة منذ كانت في الـ13، تساعد والدتها في تجارتها. الأم كانت تملك صالون تجميل وبوتيك وتتاجر في الملابس الجاهزة والعطور في بلدتها؛ العوامية. وكانت – كما تذكر وردة – «الوحيدة في المنطقة التي تورد الملابس الإسبانية والأميركية، وتبيعها».
ملازمتها والدتها وخروجها معها للتجارة منذ الطفولة، ومساعدتها لها في المحاسبة وانتقاء الأزياء، دفعها لخوض التجارة باكراً، وهذا ما جعل وصولها لعالم الأعمال «أمراً طبيعياً»، فهي تكمل مسيرة بطريقة مختلفة تناسب الأعمال التجارية اليوم.
سوقنا الأقوى خليجياً
«لدينا في السعودية أقوى سوق في الخليج، ومع التطورات الجديدة التي تشهدها البلاد؛ فنحن نملك سوقاً غنية، ويجب أن يدخل الجميع فيه، فهو مُتاح للجميع»، هكذا تشخص وردة حال السوق السعودية في حديثها لـ«صُبرة».
تقول «سوقنا تتطور سريعاً، والاستهلاك سريع أيضاً، وهو الأفضل في الخليج بلا منازع». ورغم أنها تملك مكتباً إدارياً في دبي؛ لكنها تؤكد أن السوق التي تعمل فيها هي السعودية «فهي أهم سوق».
نجاح في زمن العقبات
تسترسل الصويمل في الحديث عن وضع المرأة اليوم، فهي ترى أن لها «مكانة اجتماعية أكبر، فما عادت بحاجة لأحد ينهي إجراءاتها، ويسعى في أمورها التجارية، فهي تستخرج اليوم السجل التجاري، ولديها سيارة تقودها بنفسها».
تضيف «المرأة الآن أقوى، ولن تواجه صعوبات واجهت من سبقنها، فقد نجحت أنا وغيري في زمن لم نجد فيه كل هذه التسهيلات، بل كانت فيه عوائق عدة، لذا سيكون نجاح المرأة اليوم مضموناً أكثر، وهي الآن الأقوى، وتشارك في مجالات كثيرة، ليست تجارية واقتصادية فقط؛ بل أصبحت تعتلي مناصب عدة، وهناك دعم حكومي لها ولتقدمها، من خادم الحرمين الشريفين، وولي العهد (حفظهما الله)».
وتلفت إلى أن المرأة السعودية أصبحت الآن «خط أحمر، فلا يمسها أحد تعسفاً، وتغيرت الكثير من الأمور لصالحها، فيجب عليها أن تنهض في جميع المجالات».
موظفة «الصحة” أصبحت «تاجرة»
لم تولد وردة «تاجرة» في فمها ملعقة من ذهب، كما لم تعثر صدفة على مصباح علاء الدين، مسحته فانطلق منه مارد قال لها «شبيك لبيك»، فكان سر نجاحها. تقول «كان توفيقاً من رب العالمين، ورضى الوالدين».
عملت الصويمل موظفة في وزارة الصحة لسنوات، بعدما حصلت على شهادة من جامعة الملك سعود في طب الأسنان، بعدها افتتحت مركز تجميل، وخلال العمل فيه راودتها فكرة عمل «خط عدسات». تبرر ذلك بالقول «لاحظت ارتداء بعض زبائني عدسات يتضح عليها سوء الجودة، وتصبح أعينهن حمراء، لم يكن مرتاحات معها».
كانت تنصحهن بنزعها، وعدم لبسها «فالمكياج وظيفته التجميل، ولكن عندما يوضع بطريقة صحيحة. فلمعت في ذهني فكرة إنتاج عدسات. نفذت دراسة؛ فوجدت المنتجات المتوافرة لدينا ذات جودة رديئة، وليست طبيعية أبداً، فبحثت عن أفضل المصانع في العالم لتنفيذ خط عدسات طبيعية، بمواصفات تتناسب مع ذوق المرأة العربية، والشرق أوسطية تحديداً».
بدأت وردة بإصدار عدسات بخمسة ألوان، تؤكد أنها «حققت نجاحاً باهراً جداً، وأحب الجميع الألوان، وحققت مبيعات كبيرة ولله الحمد، وأصبحت منذ أول سنة رقماً مهماً في عالم العدسات اللاصقة».
من الرموش للمكياج فالعطور
تدرجت وردة بعدها إلى خط «الرموش الطبيعية»، وزارت مصانع عدة خارج السعودية، تجولت فيها إلى أن وصلت إلى الجودة والمعايير التي كانت تفكر فيها، وانتجتها لتطرحها لاحقاً في السوق.
توجهت لاحقاً إلى صناعة المكياج والعطور في فرنسا، تعاونت مع أكبر المصانع العالمية المنتجة لمستحضرات التجميل، لأشهر الماركات العالمية في باريس.
أطلقت الصويمل عطراً في «إيفنت» عام 2017، استقطب أكثر من عشرة آلاف امرأة، لم يستطع الدخول منهن سوى ثلاثة آلاف فقط.
تتردد وردة اليوم، في افتتاح آخر «لعدم وجود مكان يسع الجميع، ويعز علي عودة واحدة منهن خالية الوفاض» كما قالت.
كانت الصويمل تدير كل شيء بنفسها، تقول «أنا امرأة من برج الثور، ومعروف عن مواليد هذا البرج امتلاكهم شخصية عملية، وعقل تجاري مبتكر، فأنا لم أدرس إدارة الأعمال، ولا تخصصت فيه، كل شيء جاء بالفطرة».
لم أحفر لأحد
تؤكد الصويمل، احترامها «المنافس الشريف»، تقول «السوق تتسع للجميع، واتبع نظاماً أوروبياً؛ لم أحفر لأحد، ولم أكد لأحد، ولله الحمد. وأتمنى الخير للجميع، ووردة بمفردها لن تغطي السوق السعودية الكبيرة، فهو بحاجة للجميع، ودائماً أعطي المفاتيح لمن يرغب، أنصحهن بالاجتهاد والعمل، والابتعاد عن الطريق السهل، وحتى لو أعطيتهن المعلومات؛ فهن بحاجة لتثقيف أنفسهن والبحث والسعي، فأنا عملت بمفردي، ولم يعطني أحد شيئاً، فالاستمرار هو الاختبار الأصعب».
قاعدة وردة الصويمل في الحياة تقوم على «ألا أنتظر من أحد شيئاً أبداً، بل أن أعمل أنا بنفسي. كانت بدايتي صعبة جداً، وحُوربت من جميع الاتجاهات، وبعدها أزلت عثرة الاكتراث بأي أحد يحاربني. وكانت هذه أول خطوة لي على درب النجاح».
البيض لم يكن في سلة واحدة
فيروس كورونا لم يترك تاجراً لم يلق بتأثيراته عليه. لكن الصويمل تحمد الله «لم أتضرر كثيراً، بسبب تنوع استثماراتي»، مؤكدة أن هذا شيء «مهم جداً» في مجال الاستثمار والتجارة، ربما تطبيقاً لمبدأ «لا تضع بيضك في سلة واحدة».
ألهمت الأزمات الاقتصادية وردة مشروعاً جديداً، ترى أنه «فريد من نوعه، سينطلق العام المقبل بإذن الله»، مُستدركة «لن أعلن عنه الآن، ولكنني مؤمنة به كثيراً، خصوصاً بعد أزمة فيروس كورونا العالمية، هي فكرة جديدة ومُبتكرة».
تختتم وردة الصويمل حديثها لـ «صُبرة» بالقول «تعلمت أن أقلل من علاقتي بالميديا، أتحدث قليلاً عن ما أخطط له، حتى ينتهي، وكما يقول الإمام علي عليه السلام: استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان فإن كل ذي نعمة محسود».