المسقلب الذي تزين صدره بوسام الملك عبدالعزيز: أنقذت “زينب” اقتداءً بـ”العباس” تبرع بكليته لإنقاذ ابنة أخيه من الفشل الكلوي قبل 3 سنوات
القطيف: شذى المرزوق
في داخله؛ يشعر عبدالله المسقلب بنوع من الفخر، بعدما تزين صدره بوسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الثالثة، إثر صدور أمر ملكي أمس (الأربعاء)، بمنحه هذا الوسام مع آخرين، لما قدموه من “خدمة مجتمعية”.
قبل ثلاث سنوات، لم يكن هدف المسقلب الحصول على الوسام، لكنه لم يخف شعوره بـ”السعادة الغامرة” بالحصول عليه. باختصار؛ كان هدف هذا القديحي أن ينقذ “زينب” من الألم والمعاناة بعد سنوات من رحلتها مع المرض.
تبرع عبدالله بكليته لأبنة أخيه زينب حسين المسقلب، التي كانت تعاني من الفشل الكلوي، والذي جعل هذه الصغيرة (لم تتجاوز حينها الثامنة)، حبيسة جلسات الغسل البريتوني التي تستمر ساعات.
تحت منبر الحسين
بلهجته القديحية؛ يلخص المسقلب دافعه في حديثه لـ”صُبرة”، “أنا ربيب منابر الحسين، وفي رحاب أبي الفضل العباس بن علي نتعلم التضحيات، ولزينب يحلو الفداء، وإن قمت بالتضحية بكلية واحدة لابنة أخي زينب، فالعباس سلام الله عليه ضحى بالكفين وأكثر من أجل سيدتنا ومولاتنا زينب سلام الله عليها، وفداءً لأخيه الإمام الحسين وأبناء أخيه”، مضيفاً “إن قدر لي ان أضحي لزينب أخرى بعضو آخر من جسدي؛ فلن اتردد”.
يرى عبدالله، ابنة أخيه زينب حسين “كل أم وأخت وابنة، وكذا كل فتاة في مجتمعي ووطني”.
وما العم إلا أب آخر
ارتبطت عائلة المسقلب بالمجالس الحسينية وخدمة المنبر. لذا؛ لم يكن مستغرباً أن يرى عبدالله في العباس “قدوةً”، وفي التضحية “مبدأً”، ما دفعه للتبرع بعضو من جسده لينهي معاناة ابنة أخيه زينب.
هذه المعاناة استمرت سنتين، بين جلسات الغسل الكلوي في المستشفى، وقسطرة الغسل الكلوي البروتوني المنزلي، والذي أنهك جسد الصغيرة، ونوه عمها بأنه كان يشهد بعينيه “حجم الألم الذي كانت تعيشه ابنة أخي الصغيرة. كان أكبر من الاحتمال”.
عبدالله لم ير زينب “ابنت أخ” فقط، بل هي “ابنتي أيضاً، فكيف لا أكون عوناً لها على هذا الابتلاء، وأنا أراها تذبل في كل مرة تأتي منهكة من جلسة غسل كليتها”.
كليتان متطابقتان
لذلك؛ لم يتردد عبدالله لحظة واحدة في التبرع بكليته قبل ثلاث سنوات، يقول “حينها؛ كنت أبلغ الـ25 عاماً؛ وبعد فحوصات عدة في مستشفى الملك فهد التخصصي بالدمام، تبين مطابقة وملائمة كليتي لتزرع في جسد زينب، وبالفعل تمت الجراحة بنجاح، وما تبع ذلك من تعب كان فقط آثار ما بعد العملية”.
سيكمل عبدالله الـ30 من عمره بعد فترة، مؤكداً أنه “بأتم الصحة والعافية، وصغيرتنا زينب على وشك بلوغ الـ12، صبية تزهر يوماً بعد آخر، أدعو الله أن يمد في عمري لأراها عروساً في أبهى صورة، وفي أحسن ما تكون عليه صحتها”.
أصدقاء الكلى
لم ينته دور المسقلب بالتبرع بكليته لابنة أخيه، ربما بدأ بهذا الحدث، فبعد أشهر من هذه التجربة وتعافيه من تبعات جراحة التبرع، انضم إلى “أصدقاء الكلى”، والتي يعرفها بأنها “مجموعة تطوعية مهتمة في صحة المصابين بمرضى الكلى، لنقدم توعية بالمرض، والأسباب المؤدية له”.
وأيضاً انضم إلى عدد من اللجان التطوعية التوعوية الصحية. فلا يكد يغيب عن أي فعالية من فعاليات اليوم العالمي للكُلى التي تُقام في محافظة القطيف. ويعتقد أن تجربة التبرع بالكلى “محطة مهمة” غيرت حياته، وجعلته أكثر اهتماماً في الصحة والرياضة، وكل ما يُعنى في الوقاية من الأمراض، مستشهداً بمقولة “الوقاية خير من العلاج”.
وسام الملك عبدالعزيز
أما وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الثالثة الذي تم منحه له أمس، فيراه عبدالله المسقلب “وسام شكر وتقدير ملكي لجهد مواطن أو مقيم أراد أن يساهم في الأعمال الخيرية من خلال التبرع بعضو”.