شيخ ظرفاء القطيف.. حسن القصّاب
السيد عباس الشبركة
.. “تذكرت بهلول وسرعة بديهته ورجاحة عقله الذي يأتي ويغيب في عصرنا الذي انتشر مجانينه فبدأوا يتحدثون عن الجاذبية الأرضية والفتوحات الإسلامية وعظائم الأمور بدون أن يستردوا ولو جزءا بسيطا من عقل ذهب أدراج الرياح، فعندما خلت الساحة من المفكرين ذهب «مثقفو الغوغاء» ليرسلوا مسلمات لا تقبل الشك من خلال منابر إعلامية يتحدثون بها لعامة الناس بدون ضوابط أو قوانين)*
شخصية “بهلول” من الشخصيات التراثية المثيرة للجدل، مثلها مثل اشعب وجحا وهبنقة وغيرهم. فقد اشتهر بالفكاهة والطرافة الممزوجة بالحكمة والموعظة، في الوقت الذي قيل إنه مجنون، أو أن نوبات من الجنون تصيبه في بعض الأحيان.
بهلول القطيف هو حسن بن محمد القصاب (حسن خماجه) من اشهر الشخصيات الفكاهية في القطيف. يتجمع الصغار والكبار من كل حدب وصوب حوله، يقودهم حب الفضول والاستطلاع لمعرفة نوادره ومفاجآته.. كان “سيركاً مجانياً مفتوحاً”..
إحدى نداءات التواصل العاجل؛ كان ناراً على علم، كل سكان القطيف يعرفونه. كان يقطن القلعة، حماسته لا تُحدّ في ضرب الطبلة في زفات المعاريس. “هو من عشيرة “سمارة”، حسب وصف أديب القطيف السيد عدنان العوامي..!
في الثمانينات انتشر له شريط “كاسيت” وهو ينعي نفسه متخيلاً موته (قبل وفاته الواقعية)، مفصّلاً الموضوع تماماً كما يفعل الخطباء في وصف تفاصيل وفاة الإمام علي، عليه السلام. وقد صف حالة الهرج والمرج والذهول الذي أصاب الناس بفقده،
وقد علق بصوته:
“راح أبو خماج البطل.. راح وراحت دولته”.
يذكرني بمرثية مالك ابن الريب حين رثى نفسه قبل الموت. كان مزّاحاً إلى أقصى حد، لكنه كان محبوباً إلى أقصى حدّ أيضاً. وعلى الرغم من حالة الهزل التي لا تفارقه؛ كان يحترم الناس، يُنْقَل عنه في ليلة زفافه؛ أنه الشباب الذي زفوه عريساً مرّوا بفرفة “الطيران” في سوابيط القلعة. وفي أحد المواقع فاجأهم وطلب منهم التوقف عن “التطبيل”، وشرح لهم السببب.. قال “لقد اقتربنا من دار المقدس الشيخ فرج العمران “عليه شآبيب الرحمة”، ولا يصح هذا الفعل في حضرة العلماء وأهل الإيمان.
كان حسن بن محمد القصاب المشهور بـ “خماجة” أيقونة من أيقونات القطيف وكفى..!
——–
مصادر
*جريدة عكاظ
١- سيرة غير ذاتية للكاتب مخطوط.
٢- السيد عدنان العوامي اديب القطيف ومثقفها: حامد السعيد.
٣- زكي العوامي: موقع حروفي.
الصور: من أرشيف عثمان أبو الليرات، بإذن من ابنه: علي.