القهوة.. كوب بدلاً عن “فنجال”.. وكهرباء مكان “دلة”.. والباقي “فشخرة مزاج”…! البن هو البن منذ 500 سنة.. وما تغيّر هو "التسويق" والاستعراض البصري

إعداد: بنين عويشير

تحرير: صُبرة

في الجوهر؛ لم يتغيّر شيء. البنّ هو البن، والقهوة هي القهوة، والمشروب هو المشروب. ما تغيّر هو الشكل: “الفنجال” صار كوباً، “الدلة” صارت جهازاً كهربائياً. وما عدا ذلك؛ ليس إلا تفاصيل أضيفت أو ابتعدت: حلّت الإضافات محلّ “الهيل”، و “الماركة” محلّ مصدر الزراعة..!

منذ قرابة 500 سنة والمجتمع العربي يحتسى القهوة جيلاً بعد جيل. الفرد وحده، والمجموعة معاً. غالبية الصباحات تبدأ بمرارة المشروب الأسود. أدمنت الأجيال “الكافيين” في تحسين مزاجها، ودعم مشاعر الاجتماعات.

تحديث النمط

وما يحدث في عالمنا اليوم؛ ليس أكثر من “تحديث” لنمط قديم جداً. يحتسون القهوة باستمرار، ويحرصون على توفرها في المنزل ومكان العمل، ويطلبونها في “القهاوي” الشعبية.. والتراث مستمر بلباسٍ جديد. وبما أن نمط الحياة تغيّر كلّياً؛ فإن القهوة تغيّر نمطها أيضاً.

نمط اليوم؛ هو نمط “التسويق”، والصورة، والبهرجة في كل شيء.. صورة السلعة أشهر بكثير من السلعة نفسها.. ذلك ينسحب على الثياب والعطور والسيارات.. وكلّ شيء..!

عادة احتساء القهوة التي كانت صامتة.. صارت صاخبة.. صاخبة جداً. إنه نمط الحياة، لا القهوة وحدها.

وهذا ما يجعل من وسائل التواصل فاقعة في استعراض صور مشروب من مشروبات اليوم. نمط حياة اليوم؛ هو “الاستمتاع بإظهار المتعة”. وجبة طعام، باس جديد، شرفة فندق.. كل شيء في يومياتنا خامة ممتازة لاستعراض المتعة.. المتعة الحقيقية.. والمتعة الزائفة.. لا فرق.

ما القهوة..؟

صُبرة أجرت استفتاءً إلكترونياً؛ أمس، بمناسبة اليوم العالمي للقهوة، وسألت الناس عن رأيهم فيمن يلتقط صوراً لقهوته التي يحتسيها.. هناك 37.6% قالوا إن السبب هو التباهي، في حين قال 14.8% إن السبب هو إثبات شيء ما، لكن  47.6٪ أرجعوا الموضوع إلى التسلية..!

احتساء القهوة في رأي قراء صُبرة، يدل على:

  • 76.7٪ مجرد مشروب جيد.
  • 23.3٪ مشروب نخبوي.

في المنزل

الأجيال القديمة؛ كانت تحتسي القهوة في المنازل.. “القهاوي” لم تكن منتشرة على الكثرة الكاثرة التي نشاهدها اليوم. وحين سألنا قرّاء “صُبرة” عن الأماكن التي يحتسون فيها القهوة؛ كانت إجاباتهم على النحو التالي:

  • 46.6٪ المنزل.
  • 45٪ المقهى والمنزل معًا.
  • 8.5٪ المقهى.

كوب واحد

وحول عدد الأكواب التي يحتسونها يومياً، قالوا:

  • 56.6٪ كوب واحد.
  • 20.6٪ كوبان.
  • 16.4٪ 3 أكواب.
  • 6.3٪ أكثر من 5 أكواب.

تسلية

وحين سألناهم عن رأيهم في من يصور قهوته بشكل مستمر؛ جاءت الإجابات:

  • 47.6٪ للتسلية.
  • 37.6٪ للتباهي.
  • 14.8٪ لإثبات شي ما.

لا جديد

هناك 189 شاركوا في استفتاء “صُبرة”، 63٪ منهم إناث، و37٪ ذكور. وقد شارك بعضهم بتعليقات موسعة حول القهوة واحتسائها وأهميتها..

أحد المعلقين لم يذكر اسمه، ولكنه قال: “شرب القهوة عادة من زمن أجدادنا مو شيء جديد علينا عشان يكون رمز لأي حاجة، مجرد مشروب مثل الشاي أو العصير… هناك من يحبه ومُدمن عليه وهناك من لا يحبه.”

معلق آخر لم يذكر اسمه قال “”القهوة مشروب قديم تعلمنا شربه من الأباء والأجداد صغارًا بعدما جذبتنا رائحته المميزة أثناء إعداده وشربه، إعطائه أكبر من حجمه كمشروب لا تتعدى كونها إصطناع لتجارة ربحية للبائع وتسلية للمستهلك.”

المصدر: حساب وزارة التجارة، أمس، تويتر.

ربح وخسارة

عيسى السالم تحدث عن تجربة تجارية له مع القهوة لم يُكتب لها النجاح.. فقال “فتحت مقهى قبل ١٥ عاماً أو أكثر، وكان جميلاً ذا حديقة ونافورة وجلسات خارجية جميلة جدًا وكنت أخبر الشباب هذا مشروع المستقبل، إلا أنه لظروف خارجة عن الإرادة تم اغلاق المقهى قبل اكتمال فتح قسم العائلات.”

أما بدر فيسرد قصة تدلّ على الفرق بين ما هو تجاري وما هو منزلي بالنسبة للمستهلك.. يقول “كنت يومياً أشتري القهوة من المقهى خارج المنزل، يكلفني أن شريت كوباً في اليوم 10 ريالاً و أوقات كوبين بما يساوي 20 ريالاً.

ثم اشتريت مكينه قهوه بـ 300 ريال، اشتريت البُن بـ 120 ريالاً، واشتريت الحليب كرتون 35 ريالاً، فأصبح الكوب يكلفني 5 ريالاً.. وأشرب اللاتيه وهي اسبريسو مع حليب.”

القهوة كما يرونها

فاطمه المحروس قالت إن “مشكلة القهوه أنها تسبب خفقاناً، ومُرّه، كثرتها تضر ولكن الإنسان لا يستطيع التوقف عن شرب شيء يُحبه.”

وعبرت حياة عبدالله آل طالب عن رأيها فقالت عن القهوة “صُنعت لتمنح الصباح دلاله، مستقرة في فنجان أبيض على حافة شباكٍ تحاكي برودة الشتاء بدفئها، وسماوية المطر وعذوبته بمذاقها، يراها المحبُّ دواء للهوى والحنين والذكرى، نكهة متجددّة ليس لك أن تملّ منها وإن أضحت عادة صباحية تمارسها كل يوم، فهي مفتاح الصباح الذي تَكفُّ عقارب الوقت عن الحركة دونه.

وهناك تعليقات متباينة:

  • ديانا المساعيد: “وما العشق إلا كوب من القهوة.”
  • عبدالله أباحسين الجبيل قال:” أنا أفضل قهوتي بعملي وليس البيت أو المقهى.”
  • أسماء المخلافي: “القهوه مزاج ممتاز مشروب قليل السعرات الحراريه سريع التحضير ذا طعم متنوع يرضي الجميع.”
  • عقيلة المطرود: “القهوة سيدة المزاج  منذُ الصغر، ونحن نشربها تعدل المزاج  وتصحصح، وعادات وتقاليد الأهل تشرب بعد الوجبات.”
  • إيمان آل راشد: “القهوه صديقة لمن لا صديق له.”
  • هدى العميري: “ما الفرق بين شرب القهوة و احتساء القهوة؟.”
  • ليلى: “من فوائد القهوة تحسين مستوى الطاقة والذكاء.”
  • رغد القطان: “أنا افضل شرب القهوه مره فالشهر.”
  • هداية البحراني: “هي مشروب رائع و لكن بدون تبذير.”
  • يونس الصليل: “هناك تغير في سلوكيات الشباب

بلا أسماء:

هناك مجموعة كبيرة من قرّاء “صُبرة” لها تعليقات متباينة أيضاً، وذات نوعية.. وهي كالتالي:

  • “لا أنصح بارتياد المقاهي باستمرار، صنع القهوة في المنزل أفضل.”
  • “أصبحنا في زمن يُعتبر فيه مُصوّر القهوة مُتباهِياً، ولكن على العكس تمامًا هناك فئة تقدس القهوة وتعتبرها جزءاً من يومها ومُكملاً له بجدية، فهناك حقًا نوع من البشر يصاب بالصُداع وضيق المزاج عندما لا تكون بداية يومه كوب قهوته المُفضل على عكس المُتباهي والساخِر، هناك من لا يستطيع إنجاز مُذاكرته وأعماله المُتراكمة ومهام يومه بدون القهوة بواقعية وجدية والقلِيل من يفهم هذا الأمر في ظِل وجود الساخرين والمُتباهِين.”
  • “الكافيهات في المنطقة كثيرة جداً، ولكنها في نفس الوقت مشروع ناجح ودائماً نجدها مزدحمة.”
  • “القهوة أصبحت هواية أكثر من كونها مشروب.”
  • “القهوة مرغوبه للكثيرين بسبب الكافيين المحتوي فيها، لمساعدها على التركيز وتحسين المزاج.”
  • “لا أنظر على انها شيء اساسي في الحياة لكن إكسسوارات الحياة اللي نعيشها أعطتها فوق حقها، مثلاً انظر قبل ١٠ سنوات، المقاهي تُعد على الأصابع، أما في وقتنا الحالي لا تُعد ولا تحصى.”
  • “أرتبطت القهوة في مخيلة البعض بأنها ذاك المشروب المصاحب في اوقات الأُنس والعزلة، تارة تكون الصاحب المؤنس وتارة تكون المصاحب للأُنس والاصدقاء.”
  • “القهوة أصبحت موضة، وليست للشرب”.
  • “القهوة سيدة المكان.”
  • “القهوة أصبحت ترف في الآونة الأخيرة وأغلب المشاعر التي تدور في الأذهان حولها من حيث انها تُحسن المزاج كلها أمور نفسية لا صحة علمية لها، والدليل الشعور بطعم القهوة أو غيره من المشروبات او الأطعمة تختلف وتصبح أكثر متعة مع من نحب.”
  • “لا تُشرب القهوه لإثبات انني المثقف مع الكتاب، بل اشربها عند المزاج مع الرواق.”
  • “المزاج السعيد تصنعه القهوه.”
  • “من المفترض وصحيًا، أن لانشرب القهوة بشكل يومي.”
  • “القهوة جيدة في حالة عدم الإكثار منها وشربها حبًا بها وليس للتباهي بها.”
  • “أصبح شرب القهوة موضة إجتماعية، ويجب دراسة هذه الظاهرة.”
  • “أرى أن البعض تؤثر فيهم الدعايات التجارية نحو القهوة بشكل مُبالغ فيه.”
  • “القهوة أشبه بوقود لتشغيل المخ، لا استغني عنها سواء للتسلية، أو أثناء القراءة، أو العمل.”
  • “اتصوّر بأن الشركات الكبيرة المعنية بصناعة آلات القهوة ستنقل المشاريع للبيت، بما في ذلك الحماسات باهظة الثمن.”
  • “عدم الإفراط في شرب القهوة.”
  • “عالم القهوة مثل عالم السيارات.. فيها من يتباهى، وفيها من يشتري ما لا قدرة له عليه، وفيها من يأخذ على قدر حاجته و مستواه المالي.”
  • “إن القهوة لاتدل على المكانة الإجتماعية ابدًا، بل هي مشروب يُستهلك لطعمه الجيّد، أو يستخدم كمنشطات، أنا لا أفضل القهوة لوحدها، بل بإضافة الحليب معها.”
  • “فعلاً أصبح شراء القهوة بأسعار خيالية للتباهي فقط، وتم استغلال أفراد المُجتمع بالتسويق والترويج لمقاهي معينة.”
  • “إن القهوة مشروب لصيق بحياتنا ومتحذر في تاريخنا الإجتماعي.”
  • “فن القهوة نوع من أنواع الفنون يكمن جمالها في سطحها الذي هو إثبات أن الذي صنعها يهتم بمهنته، ولا أجد تصويرها هو إثبات أو تباهي لأي شي، القهوة الجيدة هي معادلة وفن، تكمن في اختيار بُن جيد وتحميص ممتاز، طحنة مناسبة للبن وإستخلاص بين ٢٤-٣٥ ثانية، مما يجعل طعمها معتدل. إذا زاد وقت الاستخلاص أصبحت القهوة مرة، وإذا قل أصبحت القهوة حامضة.”
  • “احيانًا يلجأ الإنسان إليها لعامل نفسي وأخرى اجتماعي، وتخيمها لأي سبب كان يضر ولا ينفع، فعلى كل شخص منا أن لا تأسره قهوة ولا تملكه قهوة ولا تستهلكه قهوة كي لا يضعف.”
  • “انا لا أشرب القهوة، أشرب الشاي فقط.. واذا المقهى يقدم قهوة خالية من الكافيين اشرب فنجاناً واحداً فقط.”

القهوة و “واو” الهبّة…!

“للأسف – كل الأسف – أن القهوة (هذه الأيام) هي (الهبّة)؛ ولتكون أنت يا شاب و شابة مواكباً للعص، لابد لك من تناولها، تصويرها، و التباهي بها، و الحديث عنها أمام الجميع، كما لو أنها معشوقتك، كما لو أنها ليلى و أنت قيسها. (هبّة) لها عمر وسينتهي عمرها (عمر الهبّة) وليس عمر القهوة،

فالقهوة كما الشاي كنا نتناوله منذ زمن بعيد، وربما قبل أن يولد من يصدعون الرأس بحديثهم عنها و تصويرهم لها، حسناً، عرفنا أنكم “واو” و هبة و حركات و مع الموضة، بس خفوا شوي، ما يحتاج ندخل السوشيل ميديا كل يوم و نشوف كل الأكواب اللي شربتها و تصور لي كل قهوة شربتها.

القهوة بريئة من تصرفات صارت (تغث و تطفش) والسبب من يركضون وراء الهبّة لا وراء القهوة. أصبح من البرستيج والإتكيت الشخصي والاجتماعي الحديث عن محصول القهوة وغلالها وطريقة تحميصها وتحضيرها بكل لطف ورقة وحنان و تقبيل وإطفاء الأنوار لكي لا تنزعج حبات القهوة أثناء طحنها و تخضيرها، ثم تبدأ المرحلة العشقية و الغرامية من إمساك و احتضان مع كوب القهوة الدافى!

غداً تطلع هبة جديدة، وتلقى كل أصحاب هبة القهوة يتركونها و يتجهون للهبة الجديدة، و تظل القهوة كما هي قهوة ومميزة ولها من يشربها كل يوم، دون الحاجة لإحداث ضجيج و صخب و إزعاج و تباهي، فهي في الأخير.. كوب قهوة.”

أجواء

“يبدو أن تناول القهوة وتصويرها بما يحيط بها من أجواء يشير بشكلٍ ما إلى تبنّي أسلوب مرغوب من أساليب الحياة بخصائص محددة كالعصرية، والمستوى الاقتصادي الجيد، والالتزام بمتطلبات التثقّف، قد تبدو أنها دلالة للرغبة في الانتساب إلى طبقة إجتماعية محددة. “

في منزلي

“انا أفضّل أن اشرب قهوتي بالمنزل عن الكوفيهات، بما في ذلك أنّه لا يُكلف نصف ريال فقط. ومستوى الإعداد أفضل من أي قهوة في الشارع، وأعتقد أن ما يحدث في الشارع من أغلب الجيل الجديد، فهو مجرّد فخفخة و إسراف لا تمت للواقع بصلة.”

رفيق عائلي

“القهوة مشروب له مُذاق ونكهه خاصه، هو الرفيق الدائِم للعائلة في الجلسات وحتى المآتم الحُسينية لاتستغني عنه ويضاف له الهيل، القهوة ليس َمن أمس، أو اليوم، بل هو تُراث خالد، شاعت القهوة الآن بأنواع مختلفة لأسماء غربية ولكن تبقى نكهة القهوة العربية الاصيلة هي الأساس، هي الأقوى، تبقى من جيل الطيبين إلى الآن لها شموخ رغم اختلاف الأجيال.”

فراغ

“هنالك فراغ عاطفي ما، يتم استغلاله عن طريق إشباعه بالرائحة والطعم، الشيء الذي لا يملأ الفراغ، إنما يحرّض على المزيد، ثم الإدمان، وما يعتقد أنه يُزيل الصداع هو المسبب الأول له، من محبي القهوة سابقًا، وارجو العودة للقهوة السوداء.”

الشاي

“كنتُ أفضّل الشاي، و لما أُصبت بالسكري تحولت للقهوة لتفادي استخدام السكر، لأني لم استسغ الشاي من غير سكر. ومع مرور الوقت، أصبح كوب القهوة بالحليب المكثّف مشروبي اليومي المفضل.”

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×