وقفة مع التكريم

محمود ماجد ال مرزوق*

ما أكثرها مهرجانات التكريم في مدارسنا أو منطقتا التعليمية، حتى أصبحت الشغل الشاغل لكثير من قادة المدارس ومعلميها وبعض أفراد المجتمع، ظنا منهم أنهم يصنعون جيلاً متنافساً في التحصيل الدراسي.

وهذا بطبيعة الحال فيه استنزاف للأموال وهدر للأوقات، ناهيك عن توفر أرضية لزيادة نسبة مستويات الطلاب الدراسية المقنّعة، ورسالة غير مباشرة للمدارس والمعلمين بإعطاء أرقام أو ما تسمى “درجات”، من دون جهد أكاديمي للطالب، مما يفرغ الدرجة من محتواها.

وَمِمَّا يزيد الطين بلة هو مباركة الكثير من أولياء الأمور مثل هذه المهرجانات التي لا تغني ولا تسمن من جوع، فبدلاعن أن يكون هناك توجه حقيقي لرفع مستوى أداء أبنائنا الطلاب أكاديمياً ومهارياً؛ نجدهم يتبارون ويتفاخرون على تخريج دفعة جديدة في كل عام من الحاصلين على معدلات مرتفعة على مستوى التحصيل الدراسي، بينما نجدهم في حقيقة الأمر بعيدين كل البعد عن التفوق وغير جديرين بهذا الاستحقاق، وذلك نظراً للبون الشاسع بين ما حصلوا عليه من درجات مرتفعة خلال دراستهم النظامية وبين درجات المحك المرجعي من خلال اختبار القدرات العامة أو الاختبار التحصيلي، وهو ما يدلل على وجود خلل كبير يجب تداركه قبل فوات الأوان.

وهنا أتساءل هل من المنطقي أن تتساوى كفاءة المدارس من حيث جودة المحتوى وطرق وأساليب تقويم الطلاب في قبالة تفاوت واضح في المعدلات المرتفعة لطلابها الخريجين..؟

فمثلا المدرسة “س” تعطي نمطاً معيناً من التقييم مما يسمح بتخريج أعداد أكبر من أصحاب المعدلات المرتفعة أكثر من المدرسة “ص“.

هنا يكون معيار التقييم تشوبه الدقة وبه ملاحظات اختلاف البيئة والمعلمين وغيرها.

 

التكريم على مستوى المدرسة

هنا توجد نفس الإشكالات ونعطي عدة ملاحظات:

ـ هل حصل الطلاب على قدر متساوٍ من التحصيل وأجريت لهم نفس ظروف التقييم من حيث نفس المعلمين ونفس وسائل التدريس..؟

إن كان الجواب بلا فينطبق على ما ذكرناه بالفقرة الأولى.

وإن كان الجواب نعم فله ملاحظة سأذكرها بالفقرة التالية.

 

هنا تأتي بهذه الفقرة بداخل البيئة المنزلية للطلاب:

ـ هل حصل الطلاب على بيئة متساوية من حيث المستوى الأكاديمي والوضع الاجتماعي والمادي ومدى الاهتمام..؟

إن كان الجواب بنعم أو لا كل له عيوبه كما ذكرناه بالفقرة الأولى.

 

عيوب التكريم بالطرق التقليدية

١. أصبح التنافس بين الطلاب للأسف على الدرجة أكثر من التحصيل المدرسي مما يدفع الطلاب وأولياء الأمور بالرضا والراحة بحصول أبنائهم على أعلى الدرجات بغض النظر عن المستوى الدراسي والتحصيل المعرفي وهذا بسبب الضخ الإعلامي وتعليق اللافتات والصور وكل أسرة تريد أن يكون ابنها من ضمن من يتم تكريمهم

أذكر لكم بعض الأمثلة:

ـ رضا الطلاب بالحصول على درجة مرتفعة إذا عرض عليه بدل التعرض لأداة تقييم من امتحان وما شابه.

ـ هروب بعض المعلمين للأسف وعدم الاعتراف بالتقصير من قبلهم بالأداء أو عدم قدرتهم على مواجهة سؤال الأهالي بإعطاء الطلاب درجات مرتفعة حيث يجد رضا الأهالي المحك الرئيس والدافع الأهم بالنسبة إليه من مستوى الطالب الحقيقي.

ـ نظرة المجتمع من خارج المدارس لها وتقييم المجتمع للمدارس بأن أعداد الطلاب الأكثر تفوقا بالدرجات هي المدرسة الأفضل لأن عدد الطلاب المكرمين أكثر من غيرها ظنا منهم أنه مقياس للأداء والتفوق الحقيقي.

 

٢. الإحباط الذي يحصل لبعض الطلاب من التكريم بهذه الطريقة لعدم عدالتها ومساواتها من حيث فرص التحصيل وطرق التدريس والبيئة الاجتماعية.

 

٣. تبيان حقيقة مستوى الطلاب للأسف باختبارات موحدة، فتجد مثلا طالباً ذا معدل مرتفع يحصل على درجة متدنية بالقدرات والتحصيل، مما لا يعكس مستوى الطالب الحقيقي وكأنه خدع بمعدله بالمدرسة.

 

إن جامعات العالم لا تنظر للمعدل الدراسي بل لها طرقها ووسائلها لتقييم من ينضم إليها، من حيث المستوى الأكاديمي.

هنا أضع ملاحظات ونقد للتكريم تاركا المجال للأكاديميين بوضع آليات مقننه وموحدة المعايير يتعرض لها أبناؤنا بدلاً من هذا التخبط والتباري بأعداد كبيرة من الطلاب بمعدلات كبيرة غير منطقية أبدا وبعيدة عن الواقع.

____________

*معلم رعاية تفوق وابتكار.

 

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×