القُمبار وليالي السّون صيد الأسماك من الأسياف حين يختفي القمر

حسن دعبل

وتُلفظ گمبار أو گنبار. ولا يُعرف عن أصل المفردة ولفظها، ومن أين أتت، واستوطنت، ووطّنت في اللّسان البحري. لكنها جزء من تلك التجارة القديمة، وسفنها القادمة من الهند والسند، وغيرها من أسطول السفن التجارية البحرية القديمة، ولتي كانت تمر بأسياف وجزر البحر السفلي، وبنادره.

والقُمبار هي حِبال ليف جوز الهند، الشبيهة بليف النخيل المتكاثرة في الأسياف وجزرها البحرية، وهي نفس اللّيف أو القطن المستعمل في مهنة القلاليف لوشار، وصيانة السفن الخشبية القديمة، أو ما يُسمى ب”لِتكلّفت”. ولم يكن في القديم البعيد غير هذه الحِبال “الگمبار” التي تُستعمل وتستخدم، وتُخرز بداخل الخشب، أو بين ألواح العِطف والشلامين، وتُدخّل بين ثقوبها، وبمهرة وحدس القلاليف، وخبرتهم في وشار هذه الخشب البحرية. حيث لم تدخل المسامير في وشار الخشب، إلا بعد أن أبحرت السفن الأوروبية إلى هذه المياه الآمنة.

القُمبار: طريقة قديمة وتقليدية، وشبه بدائية لصيد السمك بقربِ الأسياف، أو حتى الميافر، وتتم بوجود الفَنر أو السَراي، أو اللّمبة أو المشعل، وهي غرشة مملوءة بگاز، ومحشوة بفتيل الگمبار الذي إكتسبت منها إسمه، ومغطاة من فتحتها بتمرٍ، وصاخوب أو طبقة بنصف فتحة الگرگور الصغير. وقديماً تُغطى فتحاتها بأعواد الخيزران أو أعواد الأسل. وسحّاب، أو چيسة لحفظ السمچ، والسحّاب من التنك، أو نصف قِربة “جربة” كبيرة مفتوحة من نصفها العلوي.

وللقمبار مواسمه، ولياليه، وتُسمى “السّون”. والسّون هي الليالي غير القمرية في حسابات الشهر، أي الليالي الغير مُقمرة، وربما لتلك الحسابات علاقة بالقمر، مولده، كماله، ومحاقه، ومجاري الكواكب وحركة سير الأسماك. لكن له أيضاً سكون الليل في الصيد، وظلامه، وسَحره، والمدّ والجَزر. ولليالي القمبار ونصايف مايته أعراس لبحارته ومقمبريه المهرة. وربما بقيت تلك المهنة التقليدية البحرية تُمارس في خور السنابس، وازياي ركساته حتى سنوات متأخرة وقريبة، وقبل أن تلفظ هذه المهنة التراثية، والمتوارثة أنفاسها الأخيرة، وتُطفأ مشاعلها، وقبل أن يولد قمر سونها ويغيب من غير قمبارٍ ومقمبرين، وحسابات يقظة بحنين البحر ومهنه، وهي تندثر وتتناسى.

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×