قفزة في حالات الطلاق والزواج بين السعوديين بعد تخفيف قيود “كورونا” 4 آلاف حالة انفصال يقابلها 19 ألف نكاح في شهر ذي القعدة

أسباب تقنية وأخرى أسرية رفعت أعداد حالات الانفصال الأسرية

القطيف: شذى المرزوق

سجل شهر ذو القعدة الماضي، قفزة مزدوجة في حالات الطلاق والزواج على مستوى المملكة، مقارنة بما سبقه من أشهر في عام 2020، عاشت فيها البلاد ظروفاً فرضتها جائحة كورونا، انتهت جزئياً في الثلث الأخير من شهر شوال الماضي.

وبلغ عدد حالات الطلاق في ذي القعدة، 4079 حالة (6477 في ذي القعدة من عام 1440هـ)، مقابل 19.185 عقد نكاح (13.050 في الفترة ذاتها من العام ما قبل الماضي)، وفقاً لإحصاءات وزارة العدل التي نشرتها أول من أمس (الثلاثاء).

وشهدت المملكة في الأشهر الثلاثة التي سبقت ذي القعدة فرض قيود على حركة التنقل، وإغلاق الإدارات الحكومية، وتقديم كثير من الخدمات إلكترونياً، لتعود الحركة إلى طبيعتها أواخر شوال، مع تطبيق التباعد الاجتماعي والتزام البروتوكولات الصحية.

الطلاق في الحجر

تُعد حالات الطلاق في ذي القعدة “قفزة” عند مقارنتها بما سبقه من أشهر، فمقابل 4079 حالة طلاق خلال هذا الشهر؛ شهد شوال 798 طلاقاً، بينما بلغت في رمضان 167، وأقل الحالات كانت في شعبان (134 حالة)، وتعتبر هذه الأشهر الثلاثة فترة الحجر المنزلي الذي فرضته جائحة كورونا.

لكن الفترة التي سبقت ظهور حالات الإصابة بفيروس كورونا شهدت هي الأخرى حالات طلاق مرتفعة مقارنة حتى بذي القعدة، ففي جمادى الأول (يناير)، وحتى بدايات جمادى الآخرة بلغت حالات الطلاق 5476 صكاً، وزادت في جمادى الثاني (فبراير) الى 7500 حالة، ومع نهاية رجب (بداية ظهور “كورونا”) بدأت حالات الطلاق في الانخفاض ووصلت    إلى 3769.

وبلغ إجمالي صكوك الطلاق منذ بدء عام 2020 وحتى نهاية يوليو الماضي، 21.920 صكاً.

المنطقة الشرقية ثالثاً

 بحسب المعدل المناطقي؛ تعتبر الشرقية ثالث المناطق في حالات الطلاق بعد مكة المكرمة والرياض خلال ذي القعدة، ووصلت الصكوك في مكة إلى 878، أما الصدارة فكانت للعاصمة، إذ بلغت 1271 صكاً، واستحوذت المنطقتان على 53% من إجمالي حالات الطلاق، بينما كان عددها في الشرقية 460 طلاقاً. وجاءت الحدود الشمالية في ذيل القائمة بـ43 حالة انفصال.

وراوحت صكوك الطلاق الصادرة يومياً في جميع المناطق بين 117 و289 صكاً، وراوح عدد الصكوك الشهرية للأشهر الـ12 السابقة من عام 1441هـ، بين 134 في حد أدنى، و7500 في الأعلى.

عقود النكاح في 2020

في المقابل؛ يعتبر شهر يوليو (ذو القعدة) الأعلى في عقود النكاح الصادرة منذ بدء 2020، فمنذ نهاية جمادى الأول (بداية يناير) حتى ما قبل أغسطس الجاري، بلغ إجماليها 63.188 عقداً. ففي جمادى الأول كانت 13.662 عقداً، في حين انخفضت بمعدل بسيط في جمادى الثاني لتصل إلى 13.101 عقد، وانخفضت في الشهر الذي يليه (رجب) إلى 8614 عقداً، وسجل انخفاضاً أكبر فيما تلاه من الأشهر، إذ وصل في شعبان إلى 1392، وفي رمضان 1103، وهي فترة الحجر المنزلي بعد توقف أنشطة المحاكم في توثيق العقود.

ومع عودة الأنشطة تدريجياً؛ شهدت حالات الزواج ارتفاعاً، فبلغت في شوال كانت 6131 حالة زواج وتوثيق عقد، لترتفع بشكل كبير في ذي القعدة إلى أكثر من ثلاثة أضعاف، وصولاً إلى 19.185 عقد نكاح موثق.

تكدس القضايا سبباً

علمت “صبرة” ان حركة النكاح والطلاق في فترة الحجر لم تتعطل أبداً، بل كانت تتم بشكل سلس، مع تحول أكثر الخدمات إلى إلكترونية، فيما لم يتوقف إدخال المعلومات إلا أثناء العطل الرسمية، “خوفاً من عبث العابثين من الدخول إلى البرنامج المعتمد” بحسب مأذون أنكحة.

وربما تأجلت مواعيد الطلاق أثناء توقف المحاكم عن استقبال المراجعين بسبب الجائحة، لأن كثير من قضايا الطلاق تحتاج إلى حضور الأطراف المعنية، وهو ما كان متعذراً مع إغلاق المحاكم، وقيود كورونا، ما زاد عدد حالات الطلاق في ذي القعدة، حين ارتفعت غالبية القيود.

صراعات خفية

من جانبه، رأى الاختصاصي النفسي ناصر الراشد، أن ظروف الجائحة التي تسببت في العزل المنزلي لغالبية الأزواج سبب غير مباشر في تزايد حالات الطلاق بعد تخفيف قيود الجائحة، وأن الوضع ساعد في ظهور صراعات قد تكون خفية.

وعن تأثير كورونا على الأسرة، قال الراشد لـ”صبرة” “الاسرة هي جزء من المجتمع، تؤثر وتتأثر بما يحدث حولها، وهذا الظرف الاستثنائي الذي مرت به المملكة والعام كله له أثره على الأسرة بشكل أو آخر”.

وأضاف “لا نستطيع الجزم بأن الجائحة هي السبب في ارتفاع الطلاق، بل نضع احتمالات عدة، منها الوقت الطويل الذي مكثه الزوج برفقة زوجته على غير ما اعتاد، أو بخلاف الوقت المألوف في الظروف الطبيعية، ما أثر على طريقه التواصل بينهما، وبالتالي أدى إلى تشكيل ضغوط على الزوجين”.

سمات الزوجين بعيداً عن “كورونا”

وأشار الاختصاصي الراشد، إلى بعض السمات غير الظاهرة، والتي قد تكون تكشفت أكثر بسبب هذا التواصل الكثيف، مستدركاً بأنه كسبب “يحتاج إلى تأكيد بطرق منهجية وعلمية أكثر”.

ولفت إلى أن التفاعل أو التواصل الزواجي يعتمد على سمات الطرفين عموماً، مؤكداً أن الزوجين الذين كانت تربطهما علاقة قوية وجيدة قبل الجائحة، وبينهما تواصل ايجابي وصحي “لن تؤثر عليهما ظروف الجائحة تأثيراً كبيراً، لدرجة الوصول إلى التفكك الأسري”.

وأضاف الراشد أن “الأسرة التي كانت مُهيأة سابقاً للوصول لهذا المستوى من التفكك أو الانفصال أو اختيار إنهاء العلاقة، فإن ترسب المشكلات الموجودة قبل الجائحة وفرت فرصة سلبية لظهور المشكلة على السطح، ما دفع بهم إلى اختيار الانفصال وإنهاء العلاقة”.

وكما أن هناك فرصاً للنجاح – حسب الراشد – فإن هناك فرصاً للفشل، منها العوامل النفسية التي ترجع لشخصية الزوجين، أو عوامل خارجة عن هذا الإطار، مثل اقتصاديات الأسرة، أو وجود مجال للتنفيس بشكل أكبر قبل الجائحة، من خلال التواصل مع الآخرين، والانشغال بالعمل. وبما أن هذا المسار انقطع فترة الحجر؛ فبالتالي صار التنفيس داخل الأسرة، ما يضعنا أمام احتمال أكبر بارتفاع مستوى الأزمة بين الزوجين، وضغط التعامل الذي أدى إلى الانفصال.

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×