تعقيباً على العوامي: شخصية رحمة بن جابر أحاطت بها الأساطير

المهندس جلال الهارون

لفتت انتباهي ـ بشدة ـ مقالة السيد عدنان العوامي عن الشيخ رحمه بن جابر الجلاهمة وعنوانها (البريطانيون شوّهوا سمعة رحمة بن جابر لأسباب استعمارية). ولا اخفيكم فإنني بين قوسين “أدّعي” أنني مطلع بشكل جيد على سيرة رحمة بن جابر الجلاهمة، لذا أستطيع أن أجزم بأن حقيقة شخصيته لا تزال بعيدة جداً عن كل ما نشر عنه.

ينحدر رحمه بن جابر بن عذبي الجلاهمه من عشيرة “العتوب” التي سكنت الكويت في عام ١١١٣هـ الموافق ١٧٠١م.

كان والده أحد شيوخ عشيرة العتوب، وفي الكويت؛ ولد رحمه بن جابر، وعندما كان صبياً هاجر جزء كبير من عشيرة مع والده إلى قطر وسكنوا في بلدة الزبارة.. كان ذلك بعد عام ١١٨٢هجري.

وفي عام ١١٩٧هجري تمكنت عشيرة العتوب من الاستحواذ على جزر البحرين، ولكن أسرة آل خليفه كان لهم الحظ الأوفر من غنائم البحرين، لكونهم الزعماء الأكثر نفوذاً من أسرة جابر بن عذبي.

حدث خلاف كبير انتهى بهجرة الجلاهمة إلى جزيرة خارج التابعة لبندر بوشهر، وفيها تخطى رحمة بن جابر مرحلة الصبا ودخل مرحلة الشباب.

وفي عام ١٢١٢هجري استولى ابن سعود على الأحساء وقطر وبذلك نقل العتوب عاصمتهم من الزبارة في شبه جزيرة قطر إلى البحرين. وعندها هاجرت أسرة الشيخ جابر بن عذبي الجلاهمة إلى قطر وتحالفوا مع ابن سعود، وهنا أصبح جابر بن عذبي حاكم بلدة خور حسان القطرية، ثم بعد وفاة الشيخ جابر ورث زعامة القبيلة الابن الأصغر رحمه بن جابر.

كان رحمة بن جابر مؤمناً بأن والده وعشيرته ظلموا كثيراً ولم ينالوا حقهم من غنائم البحرين.

لذا سخر رحمة بن جابر سفن عشيرته والعشائر الأخرى القطرية التي كانت خاضعه لحاكم نجد (ابن سعود) وعلى رأس قبائل قطر التي تحالفات مع رحمة بن جابر قبيلة البوسميط وقبيلة الكبسة.

وشارك رحمة في الكثير من المعارك ضد عتوب البحرين، وفي عام ١٢٢٥هجري تحالف أمام مسقط مع عتوب البحرين وانضمت إليهم أيضاً القبائل العربية في ساحل فارس، وتمكنوا من تدمير بلدة خور حسان مقر الشيخ رحمة بن جابر. وعندها اضطر إلى الهجرة الى القطيف وطلب حماية الأمير إبراهيم بن عفيصان، وبالفعل سمح له بالانتقال ليسكن في ساحل الظهران، وبني له قلعه في جزيرة صغيره هناك تسمى الدمام وكان يرافق رحمة في تلك السنة الجلاهمة والبوسميط.

واثناء إقامته في الدمام تصالح الإمام عبدالله بن سعود آخر حكام الدولة السعودية الأولى مع آل خليفه حكام البحرين، وهذا ما جعل رحمه بن جابر يشعر بعدم الأمان، لذا بدأ في التواصل سراً مع السيد سعيد بن سلطان حاكم عمان.

هذا التصرف أزعج الإمام عبدالله كثيراً، لذا أمر بهدم قلعه الدمام وإخراج رحمة بن جابر الجلاهمه منها، وبالفعل حدث ذلك قرابة عام ١٢٣١هجري.

بعد هدم قلعه الدمام هاجر رحمة بن جابر وجماعته إلى بوشهر، وطلبوا حماية المقيم السياسي البريطاني هناك، وبالفعل حصلوا على إذن وسكن مع ٥٠٠ فرد من أتباعه في المنطقة الخضراء في بوشهر (سبزاباد) وابتعد رحمة عن السياسة واشتغل في التجارة، خصوصاً تجارة الخيول.

ثم بلغه في عام ١٢٣٣هجري بأن القوات المصرية هاجمت العاصمة الدولة السعودية الدرعية، وفي ذلك الوقت تحديداً طلب المقيم البريطاني من رحمة بن جابر تنفيذ بعض العمليات الحربية بالقرب من البحرين، وكانت هذه العمليات تتمثل في قطع الإمدادات الغذائية التي كانت سفن قواسم لنجة تقوم بنقلها من البحرين إلى البريمي لتصل إلى عاصمة السعوديين في عمان، وبالفعل تمكن رحمه بن جابر وجماعته من إغراق ١٢ سفينة قاسمية.

وفي نفس هذه السنة اتفق رحمه بن جابر مع كل من الشيخ نصر آل مذكور حاكم بوشهر والسيد سعيد حاكم مسقط على أن ينقل مقر إقامته من بوشهر إلى الدمام، وأن ينفذ من هناك هجوماً مباغتاً بهدف احتلال البحرين، بشرط أن يتم تعينه حاكما فيها، وفي نفس الوقت يكون تابعاً لحاكم مسقط وحاكم بوشهر، وبهدف ضمان التزام رحمة بهذا الاتفاق اخذ الشيخ بشر بن رحمه الجلاهمة رهينه وتم احتجاز في بوشهر.

وبالفعل انتقل رحمه إلى الدمام وأعاد ترميم قلعتها وفي ذلك الوقت تقابل مع الضابط البريطاني “سادلير”.

وبعد الانتهاء من ترميم قلعه الدمام، ونصْب المدافع فيها تحالف رحمة بن جابر مع قائد القوات المصرية إبراهيم باشا، في نفس الوقت أيضاً تحالف مع داود باشا والي بغداد ومع حلفائه آل عريعر شيوخ بني خالد.

وبذل رحمه بن جابر جهداً كبيراً بهدف إطلاق سراح ابنه بشر، لذا كان يتواصل كثيرا مع المقيم البريطاني في بوشهر وفي نهاية الأمر تم إطلاق سراحه وسمح له الانتقال إلى قلعه الدمام.

القصة مليئة بالأحداث ولا يسع المجال هنا لسردها كاملة، وعرض كل الوثائق التي تنقّي سيرته من كل الأساطير والروايات الضعيفة التي شوهت الحقيقة.

وفيما يلي مرفق لكم قصيدة كتبها رحمه بن جابر الجلاهمة تعكس جانباً من حقيقة هذا الرجل.

اقرأ الموضوع الأصل

[ميناء القطيف 27] البريطانيون شوّهوا سمعة رحمة بن جابر لأسباب استعمارية

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×