الخرّاري يفصل المثقف “البصَري” عن “العام” في قراءة الصورة الفوتوغرافية استضافه برنامج "تمائم" في أمسية حضرها مبدعون

من رائد الجشي

ضمن برنامج تمائم الحواري التفاعلي بين مبدعين من مجالات فنية مختلفة, قدم الفوتوغرافي محمد  الخراري ورقة مدعمة بعرض بصري تتكامل فيه المفردة اللغوية بالبصرية بعنوان “العمل الفني بين قراءتين”، بدأه بالحديث عن جماعة التصوير الفوتوغرافي وأثرها على الحضور الشعبي ورم الهوة بين المنتج والمتلقي.

ثم عن ملامح الفوتوغراف لبصرية الخاصة وأدوات القراءة المميزة له عن بقية الفنون. وسلط الضوء على القراءة الأولى وهي القراءة الفنية أو التقنية التي يكتفي بها بعض المختصين والمثقفين البصريين  كملاحظة ومحاكمة  ( العنوان, الإضاءة, والتكوين ) بينما يكتفي بعض المثقفين العامين بقراءة ثانية والتي تهتم ب( الواقع, الفكر, العاطفة, اللاشعور والخيال ) متجاهلين القراءة الأولى. الخراري شرح بسلاسة تلك العناصر وسوء الاستغناء بواحدة عن الأخرى وأوصى بالقراءتين وربطهم بالصورة الشعرية وقراءة الشعر بين الفنية النظمية والمعنى والخيال الشعري

وأثرى الحضور النوعي الأمسية بالمداخلات. حيث ركزت على:

1-التمييز بين الموضوع والمحور وأن الموضوع الخاص جدا هو المكان الأقرب الذي يرى به الفنان ذاته, على أن لا يتخذ الموضوع العام حجة للصياغة البصرية والمعالجة الفنية.

 2- كيفية الموازنة بين القراءتين لا بعد إنجاز العمل فقط  بل قبل إنتاجه.

3- حول وجود الإجابة  أو غيابها بصريا في العمل الفني وأثره على العمل,

4- حول الأثر الانعكاسي من المكتوب على تكوين الصورة في توليد الفكرة

5- وعن التجربة المزاوجة بين فني الصورة والشعر ومدى اتساع مجالات الخيال والتكوين بينهما

6- حول التلاقي السينمائي والمعالجة الفنية والفكرية

وعدة محاور أخرى  وقد شارك في الأمسية فاعلين في المجال الفني والمسرحي والشعري والخط العربي والقراءة والتدريب وهم ( الخطاطان  نافع تحيفة وحسن رضوان, الكاتب المسرحي عباس الحايك, الشاعر والفوتوغرافي صبحي الجارودي, القاص والكاتب حسن حمادة, السينمائي موسى الثنيان والفوتوغرافي نسيم ال عبد الجبار والشعراء سعيد الجشي, علي الشيخ, فريد النمر,هادي رسول ورائد الجشي.

 

العمل الفني بين قراءتين

محمد الخراري

بمجرد تناولنا للصورة الفوتوغرافية الفنية وصفًا وتحليلاً ومناقشة في أوساطنا المحلية مباشرة نستذكر جهود نادي الفنون بالقطيف وجماعة التصوير الضوئي تحديدًا. فقبل تأسيس الجماعة كان تناول الصورة ” الفنية ” وحضورها الشعبي ضعيفًا جدًا، وعلى نطاق صغير. ومع بداية تأسيس الجماعة عام 1418هـ، بدأت المعارض الفنية، والأنشطة المصاحبة المختلفة، أضف إلى فعاليات طوال العام، كل ذلك ساهم في خلق جيل فوتوغرافي يمارس التصوير الضوئي كفن وينتج صورًا على أسس وأصول جمالية. كما ساهم في ردم الهوة بين منتج العمل والمتلقي وأصبحت هناك لغة مشتركة بينهما. كما أن تداول الصور الفنية على مستوى العالم وانتشارها عبر وسائل التواصل الاجتماعي وحضورها القوي ساهم في دخول المتلقي بمختلف توجهاته لعالم الصورة.

ومع هذه الحالة الصحية لحضور الصورة الفنية، بدأ تلقي الصورة وقراءتها يختلف من شخص لآخر حتى على مستوى الفنانين والمثقفين أنفسهم. وهنا سنحاول تقديم نقطتين فقط حول قراءة العمل الفني والتي قد تساهم في مراجعة أنفسنا عند تعاطينا للصورة الفنية وقراءتها بشكل أدق.

الفوتوغراف وملامحه الخاصة:

لكل فن ملامحه الخاصة التي تميزه عن الفنون الأخرى مهما كانت متقاربة فيما بينها. أضف إلى أنه ينبغي علينا التعامل مع العمل الفني بصريًا وبعد ذلك الانتقال إلى مكامن نجاحه، ومضامينه الأخرى.

ولكي يكون العمل الفني معبرًا عن معنى ” بطريقة بصرية ” مثلما تعبر الكلمة عن معنى ” بطريقة مسموعة، أو مقروءة “، فلابد أن تكون عناصر الشكل مرتبة ومنتظمة بطريقة خاصة أسوة بترتيب الكلمات لتكوين جملة تعبر عن معنى معين وبشكل مدهش ومثير للمتلقي.

ولذا فإن الفنون البصرية مهما كان نوعها فإنها تتكون من وحدات، أي عناصر مرئية Visual Elements، وهي لا تعدو أن تكون نقطة، أو خطًا، أو مساحة أو كتلة أو أكثر..

وفي ترتيب هذه الوحدات بشكل معين ما يثير في النفس أحاسيس بمعان معينة، ومن المؤكد أنه مع اختلاف ترتيب هذه الوحدات المرئية فإن المعاني تختلف. كذلك مادة التصوير الرئيسة وهي الضوء، ينبغي أن يكون له دلالة تعبر عن مقاصده، ويلزمنا توظيف ثنائية الضوء والظل بشكلها الصحيح.

هذه المكونات البصرية ( المرئية ) إضافة إلى الضوء والظل والمميزة للصورة الفوتوغرافية عن بقية الفنون التعبيرية الأخرى، ينبغي دراستها بشكل جيد، ومستقل عن باقي الفنون ليتم الحكم على الصورة، أو العمل الفني بشكل واع. ففهم العمل بشكل عام، والتعرف على مقصده المجمل لا يغني عن تذوق كامل تفاصيله..

كل هذا يدخل ضمن القراءة الشكلية إن صح التعبير للعمل.. وسنتحدث عنها كقراءة من قراءات العمل الفني والمنتشرة بين أوساط الفنانين!

وبعدها نتحدث عن القراءة الضمنية للعمل الفني وهي قراءة المثقفين، والتي تتكئ على العناصر التالية: ( الواقع، الفكر، العاطفة، اللاشعور، الخيال ) ويعتبرها الكثير المواد الأساسية لبناء العمل الفني.

خاتمة:

الفنان، والمثقف البصري، يُركّز على القراءة الأولى بشكل كبير، وقد يذهب إلى حدود القراءة الثانية. أما المثقف ( العام ) فإنه يميل للقراءة الثانية بشكل واضح، وقد يحوم حول حمى القراءة الأولى.

 توصية:

الدمج بين القراءتين هو ما سيميز، ويضيف للصورة الفوتوغرافية، والمشهد البصري عامة تميّزا خاصًا، وينقلنا لخطوات أوعى في عالم الفنون الجميلة.

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×