الكمامات بين اختيار وإجبار

الدكتور وسيم الطلالوة

في بداية تفشي جائحة كورونا؛ نصحت منظمة الصحة العالمية بعدم استخدام الكمامات، مبررة السبب ب لمس الوجه بحسب الدراسات. وقالت ـ وقتها ـ إن لمس الوجه هو سبب رئيس لرفع انتشار العدوى وهو عدم معرفة كيفيه استخدام الكمامات وأوضحت ان المصاب هو فقط من يستخدم الكمام أو من يعتني بمصابين.

1

إن من أسباب لمس الوجه هو اتجاه هواء الزفير إلى العين فيجعل الكثير من البشر يلمس وجهه وهو لا  يشعر، بعد أن لامست يده الأسطح. ولعل لبس الكمام للمصاب يجعله يتنفس بطريقه تزيد من انتشار الفايروس بسبب تنفسه ثاني أكسيد الكربون، وحيث إن طريقة التخلص من الكمامات بعدم رميها في الأماكن المخصصة قد تكون مصدراً للوباء.

2

بينما أوضح مركز الأمراض والسيطرة أن لبس الكمام لا يقيك، وإنما يقي غيرك بسبب منع تبادل الرذاذ. وهذا عند لبس الكمام بينما كي تقي نفسك يجب أن تفرض تباعداً جسدياً لا يقل عن مترين.

3

وهذا ما نصحت به منظمة الصحة العالمية و مركز الأمراض السيطرة والوقاية؛ إذ إن التباعد الجسدي هو لتفادي تساقط الرذاذ على الوجه.

وينقسم الرذاذ الى قسمين: رذاذ ورذيذة، حسب الاحجام وتتفاوت من نانوميتر إلى اقل من مايكروميتر. وأخطر انتقال يكمن في الرذيذات الصغيرة التي قد تجف ويبقى الفيروس، وهو بحجم أقل من  خمسمئة نانو، فيبقى حجم الفيروس المستنشق، وهو من مئة إلى مئة و25 نانوميتر.

في هذه المرحلة؛ يصبح الانتقال هوائياً ثانوياً يمكن تمييزه عن الأمراض التي تنتقل عن طريق الهواء.

وبهذا نستنتج أن من الصعب ـ أيضاً ـ أن يحمي الكمام من هذه الطريقتين في انتقال الفيروس،  أو باستخدام قناع الوجه، وهو من سبل الوقاية، وتسمى بطرق الحماية الشخصية.

لذلك فإن الكمام يحمي غيرك ولا يحميك حماية كافية، الا بوجود تباعد جسدي كافٍ، والا أصبح قناع الوجه أمراً واحباً للحماية من الفيروس.

4

ويبقى السؤال المحير للأذهان: لماذا فرض لبس الكمام بعد أن كان أمراً اختيارياً.. هل كان ذلك بسبب ان انتشار العدوى يكون في الشخص المصاب الذي لا تظهر عليه أعراض..؟ أم من الشخص الذي في حضانة الفيروس.

هل كانت منظمة الصحة العالمية ومركز الامراض لا يعلمان ذلك..؟

بينما الدراسات المنشورة أوضحت ذلك في  شهر فبراير.

وبهذا كان الجميع يعلم ذلك، ولكن لم يكن الأمر سبباً كافيا لعدم انتقال الفيروس، الا إذا لم تكن هناك مسافة التباعد الجسدي كافية.. فلذلك لم يُنصح باستخدام الكمام، وبحسب الدراسات فإن من يلبس الكمام قد يكون عرضة للإصابة.

5

عند ملاحظة إصابات ما قبل استخدام الكمام يتبيّن أنها أقل في بدايات الوباء، ولكن الاصابات في تزايد مستمر بالنسبة للعينات، كما تفاقمت الحالات الحرجة لذى كبار السن ومن يعانون أمراضاً مزمنة، كما تصاعدت الوفيات.

بنهاية شهر مايو كانت نسبة حالات التعافي 10%، بينما كانت في نهايه أبريل 50%، وهو ما يشكل عبئاً في تراكم مرضى المستشفيات في ظل تزايد الإصابات النشطة، حيث كانت بواقع ٢٨٠٠٠ حالة نشطة في نهاية مايو، بينما كانت ١٨٠٠٠ حالة في نهاية أبريل.

وقد كانت حالات الوفاة في معدل أسبوعي يتزايد بشكل ملحوظ، لتلامس 59% في نهاية مايو، بينما كانت 15% في نهاية أبريل.

6

ذلك كله؛ يُعطي مؤشراً خطيراً لتدني الرعاية الصحية، بعد تزايد الاصابات وقله التعافي، ومستقبلاً في حال عدم استخدام الكمامات والتباعد الجسدي.

معدل الاصابات وصل ـ في المسح الموسع ـ إلى نسبة تلامس 1% أسبوعياً، أي في كل ١٠٠ شخص يوجد واحد مصاب.. هذا في نهاية مايو.

وبعد هذه الفترة؛ أصبح المواطن عارفاً ومقدراً للطرق الاحترازية، وكيفية التعقيم، وأصبح بديهياً، ومن العادة إبقاء التباعد الجسدي كمسافة بينه وبين الآخرين.

ولذلك أصبح أمراً واجباً لحماية غيرك من الرذاذ المتطاير وحتى هذه اللحظة.

فرض وجود التباعد الجسدي أصبح أمراً إلزامياً، وعليه جزاءات وعقوبات مشددة في ظل عدم وجود التباعد الجسدي كالسائق والمرافق في المركبات.

وحيث لا بد من الانتقال من مرحلة الحظر الجزئي والكلي إلى العودة الي الحياة الطبيعية، بعدما واجه الجميع ضغوطاً نفسية جرّاء الإقامة الطويلة في المنازل.

لذا أصبح الكمام من طرق الوقاية الأولى، ويجب التخلص منها بطريقة صحيحة للحد من انتشار الفيروس، وبالتأكيد التباعد الجسدي والطرق الأخرى التي يجب أن توضع في عين الاعتبار من التعقيم والحماية الشخصية، حسب المهن والحرف لنعود بحذر وكلنا مسؤولون عن الجميع.

——

١- WHO

Coronavirus disease (COVID-19) advice for the public: when and how to use masks.

https://www.who.int/emergencies/diseases/novel-coronavirus-2019/advice-for-public/when-and-how-to-use-masks

Date: 2020

Date accessed: March 17, 2020

٢-

https://scholar.google.com/scholar?hl=ar&as_sdt=0%2C5&q=Wearing+mask+increase+infection+touch&btnG=#d=gs_qabs&u=%23p%3DTomE_rTcdQsJ

3

https://www.cdc.gov/coronavirus/2019-ncov/prevent-getting-sick/about-face-coverings.html

٤

https://pubs.acs.org/doi/10.1021/acsnano.0c03252

٥

https://jamanetwork.com/journals/jama/fullarticle/2762028

٦

https://www.worldometers.info/coronavirus/