اختصاصيون: هكذا نتعايش مع “كورونا” لتجنب موجة أخرى أكثر فتكاً قدموا نصائح واحترازات لتلافي الإصابة في المرحلة المقبلة

القطيف : ليلى العوامي، فاطمة المحسن، شذى المرزوق

غداً (الأحد) تعود الحياة في المملكة إلى دورتها ما قبل منتصف شهر مارس الماضي، قبل فرض الإجراءات الاحترازية جراء جائحة كورونا، رغم أن الفيروس الذي أصاب 154.233 شخصاً، وتسبب في وفاة 1230 منهم (حتى عصر اليوم)، ما يزال موجوداً.

إلا أنه يتوجب علينا التعايش معه، هكذا يرى اختصاصيون تحدثوا لـ”صبرة”، مؤكدين أن العودة لا تعني التخلي عن كل الاحترازات التي طبقناها طوال الأشهر الأربعة الماضية، لا بل أن بعضهم ذهب أبعد من ذلك، بأن نرفع مستوى التحرز عما كان عليه خلال الفترة الماضية.

نصائح عند الخروج
يلخص الاستاذ المساعد في كليه الطب بجامعة الملك سعود بن عبدالعزيز للعلوم الصحية الدكتور وسيم بدر الطلالوة، نصيحته للناس بـ”تعامل مع البشر عند خروجك من المنزل على أنك السليم والجميع مصاب، أما عند الدخول للمنزل فأنت المصاب والجميع سليم”.
ويواصل الطلالوة نصائحه قائلاً: “لا تخرج الا عند الضرورة، والتزام الكمامة لا يكفي، فهو يحمي غيرك ولا يحميك، بينما المسافة بينك وبين الآخرين هي ما يحميك، وتخلص من الكمامة في أماكنها”. 

وأيضاً “حاول عند الخروج تجنب أوقات الذروة، وتجنب التجمعات بجميع أنواعها، واقتصد في خروجك بالاعتماد على الطلب اون لاين، وانتق الخروج أوقات النهار، لما فيه من وقاية من التعرض للفيروس، بسبب الحرارة العالية، وأشعة الشمس”.
وإن كنت سليماً فإن الدكتور الطلالوة ينصحك بـ”أبق سليماً، وإن كنت مصاباً؛ فهذا لن يحميك، فالإصابة مرة أخرى تعتمد على مدى مناعة الجسم، فأنت لست منيعاً. وحتى لا تكون مخالطاً التزم جميع الطرق الاحترازية، ولا تقلل منها في وجودك في أي مكان أو زمان أو أشخاص. وتذكر أن تعود بحذر في عودة الحياة لكامل طبيعتها، وكلنا مسؤول خارج وداخل المنزل، وخليك في البيت”.

تهيئة نفسية للعودة
من جهته، يدعو رئيس مختبر التشخيص الجزيئي في مركز جونز هوبكنز (أرامكو الطبي) الدكتور علي الربعان، إلى تغيير السلوك عند العودة، وأن تسبقها تهيئة نفسية لعودة الحياة لطبيعتها في مجال أعمال وتعاملات الناس من أهل وزملاء، مع أخذ جميع الاحتياطات، ومنها التباعد الجسدي، ولبس الكمامة المناسبة، وعدم لمس الوجه بأي شكل الا بعد غسل اليدين، والعناية الشديدة عند لمس المرضى”.

التعايش مع “كورونا”
بدوره، ينبه استشاري أمراض المناعة والربو والحساسية في مستشفى الحرس الوطني الدكتور حسين آل مطر، إلى أن فيروس كورونا “بين أظهرنا، لم يختف، ولكن علينا التعايش مع هذا الوباء الصامت، الذي حل ضيفاً ثقيلاً علينا”.
ويؤكد أن الأخذ بالاحترازات هو المطلوب في المرحلة المقبلة، “وهي المرحلة الأكثر خطورة، إذا لم نلتزم الحذر”، ويقول: “حتى لا نواجه موجة أخرى قد تكون أشد فتكاً إن لم نكن على قدر المسؤولية التي راهنت عليها المنظمات الصحية والرسمية، بعد أن هيأت الدولة لنا كل شيء، فما علينا سوى الأخذ بالبروتوكولات الصحية والعمل بها، حتى لا تذهب كل تلك الجهود وتضحيات الأبطال لحماية المجتمع سدى”.

الإحساس بالمسؤولية
من جهته، يأمل المدير الطبي السابق لمستشفى القطيف المركزي الدكتور زكي الزاهر، أن يكون لدى الجميع “حس المسؤولية الإنسانية والدينية والوطنية والاجتماعية”، وقال إن “العودة لمناشط الحياة لا يعني انتهاء الجائحة، ولكن أن نتعامل مع الجائحة بأقصى درجات الحذر والحيطة، حماية لأنفسنا وعوائلنا ومجتمعنا ووطنا الغالي”.
ويتمنى الزاهر، من الجميع “أن يثبتوا للعالم كله أننا مجتمع واع، ولدينا حس المسؤولية بدرجة عالية، وأننا قادرون أن نتميز في القضاء على هذه الجائحة، وفي أسرع وقت ممكن”.
ويضيف “قدمت حكومتنا الكثير والكثير، وقامت بإجراءات جعلتها من أفضل الدول في العالم تعاملاً مع جائحة كورونا، وتستمر الدولة بجميع أجهزتها في تقديم ما فيه الخير للمواطن والمقيم، ويتوجب علينا في هذه المرحلة أن نكون شركاء في حماية أنفسنا وعوائلنا ووطننا الغالي بأخذ أقصى درجات الحذر واتباع جميع القرارات والإجراءات الاحترازية الرسمية”.

الدكتور عبد الجبار علي المحمد حسين

التعايش مع الميكروبات
ويستشهد استشاري علوم الأمراض الإكلينيكية والميكروبيولوجي والوراثة الدكتور عبد الجبار المحمد حسين، بقصة لأخذ العبرة، قائلاً على لسان صاحبها: “عزلت نفسي في البيت ثلاثة أشهر، وعندما خرجت للتنزه مرة واحدة أصبت بالفيروس، ودخلت العناية المركزة”.
ويضيف: “نحن نتعايش مع الميكروبات، سواءً بكتيريا أو فيروسات في الهواء في كل لحظة، وهي بمثابة منبهاً لمناعتنا ومحفزاً لصيانة ما يحدث من فجوات فيها، سواء الجبهة الأمامية المهاجمة الممثلة في كريات الدم البيضاء، أو الخلايا الليمفاوية المنتجة للبروتينات المناعية”.
ويتابع المحمد حسين بالقول: “عندما نعزل أنفسنا عن البيئة؛ تسرح خلايا دفاعاتنا إلى الطحال والغدد الليمفاوية ولا ينتج بروتين مناعي، وكأن لسان حالها يقول: خل القرعة ترعى، وعندما ندخل البيئة من جديد؛ يهجم علينا كل ما هب ودب، مشتاقين للقاءنا، ومنهم الطيب ومنهم الخبيث، ومنهم في الوقت الحاضر فيروسنا الضيف العزيز الغالي على جيوبنا، ولا تنسوا انه يحتل كل بقعة هواء في اجوائنا لكثرة المصابين ونتعلم من ذلك ان الخروج بمناعة طيبه يسمح لنا بجرعة غير ممرضة تجعل قواتنا المسلحة المناعية على أهبة الاستعداد دائماً، ولن ينال منا الفيروس شيئاً، ولذلك 85% منا لا يأبه به ولا يصاب”.

ويختتم كلامه مخاطباً القراء: “لا تخافوا، أذهبوا إلى أعمالكم وأكسبوا أرزاقكم مع التزام وسائل الوقاية، وما يصيبكم الا ما كتبه الله لكم”.

استمرار الاحترازات
بدورها، تقول استشارية صحة عامة ووبائيات الدكتورة علياء عبد الحميد الناجي: “إن رفع منع التجول هو عودة جميع الانشطة التجارية والرياضية، وأيضاً عودة الدوام في جميع الدوائر الحكومية، وهو ما لا يحده تقييد للناس على خروجهم وتجولهم في الشارع، وممارسة الرياضة في الكورنيش والسباحة على الشواطئ”.
وتستدرك بالقول: “كل ذلك ينبغي له أن يستمر كما هي الحياة مستمرة، ولكن مع الأخذ بالاحترازات، واستمرار لبس الكمامات في أماكن التجمعات، ومنها العمل والأسواق، والمحافظة على تباعد بحوالى مترين، خصوصاً في الأسواق وغيرها، وعدم الذهاب إليها إلا للحاجة الملحة، فما زال الفيروس موجوداً ومستمراً، والعودة مرهونة بالحذر”.
وترى الناجي أن المحافظة على نظافة اليدين، سواءً بالغسل بالماء والصابون أو باستخدام الجل الكحولي المطهر هو أحد الاحترازات التي لا بد منها، وعدم إغفالها، وكذلك عدم السماح بالتزاحم داخل المحلات، مضيفة أن “الذهاب لمحال الحلاقة وصالونات التجميل النسائي لا بد أن يكون بالحد المعقول، وبمواعيد، لئلا يتسبب ذلك في الزحام داخلها، كما أن تنظيف الأسطح فيها ضروري، وأيضاً كل أسطح المحال التي قد يلمسها الشخص، ومنها أزرار المصاعد والسلالم والأبواب، حتى أبواب السيارة ومقودها”.

استمرار النمط الصحي

من جانبه، يرى الاستشاري المشارك في الطب الوقائي والصحة العامة الدكتور علي حسين الحداد طبيب، أن الفيروس لم يختف، والعدوى لم تنته، والخطر لم ينتف.

ويقول إن “عودة الحياة إلى أنماط جديدة وسلوكيات صحية في الحياة اليومية وبروتوكولات لا بد من مراعاتها في المساجد والمطاعم والأسواق والأماكن العامة ومقرات العمل، وبتطبيق هذه الأنماط سنسهم بإذن الله تعالى في الحماية والوقاية، حينها ستقل فرص الانتشار وتحد من ارتفاع الإصابات”.

ويدعو الحداد، إلى “أن تصبح سلوكياتنا اليومية وعاداتنا ونمط حياتنا صحية مستمرة طوال الوقت وباستدامة فيما يخص بأهمية الأخذ بكافة أساليب النظافة والوقاية وآدابها، وفيما يتعلق بغسل اليدين باستمرار وتغطية الأنف والفم عند السعال والعطاس، والحرص على التباعد الجسدي بيننا وبين الآخرين، وعدم مخالطة الآخرين عند الشعور بأي أعراض المرض، وضرورة استشارة الطبيب المختص فوراً، وأن تصبح نهجاً وسلوكاً وعادة على مر الأيام، وليست محدودة بهذه الجائحة وهذا الوقت.

ويؤكد أهمية الحرص على الغذاء الصحي المتوازن وممارسة النشاط البدني، والذي يمثل إهمالها أيضا أحد أهم عوامل الخطورة والأسباب للإصابة بالأمراض غير المعدية، والتي تمثل نسبة كبيرة من التغير الوبائي العالمي والمحلي فيما يخص معدلات ظهور الأمراض وانتشارها وعبئها على النظام الصحي”.

أما حول ماذا على الناس أن يفعلوا؟ فيشير الحداد إلى أن الطبيعة الاجتماعية في المجتمع لها خصوصيتها من ناحية الروابط العائلية والعلاقات الفردية والأسرية والاجتماعية ومستويات الصلة والاتصال والتواصل والترابط، ولكن ينبغي الحذر والحرص والتقيد والالتزام، مؤكداً على توصيات وزارة الصحة باتخاذ الإجراءات الاحترازية والتدابير الوقائية مثل: غسل اليدين باستمرار، وتجنب المصافحة أو الملامسة، والحرص على لبس ما يغطي الأنف والفم بالكمامات، والالتزام بالتباعد الجسدي والحفاظ على المسافة الآمنة مترين.

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×