كورونا وأعمارنا الثلاثة
علي الشيخ أحمد
للإنسان ثلاثة أنواع من الأعمار، أولها “العمر الزمني” الذي يقاس بعدد السنوات التي تمر علينا، منذ أول يوم الولادة الى هذه اللحظة. وهذا النوع من العمر غير قابل للتغيير، لا النقصان ولا الزيادة. فهو خارج عن إرادتنا وخارج عن سيطرتنا. وتتحكم فيه حركة الزمن التي تجري في الكون كله.
النوع الثاني من العمر يسمى “العمر العقلي” وهذا النوع غير مرتبط بالضرورة بالعمر الزمني. إذ إن بعض الأشخاص يتمتع بعمر عقلي اكبر من عمره الزمني. ذاك أن هذا الشخص متجدد في معلوماته وخبراته و مهاراته. وهذا النوع ينمو بالقراءة و الاطلاع والتعلم، وفي الوقت نفسه يتوقف عن النمو حينما يتوقف الانسان عن شحذ مهاراته العلمية والعقلية.
ومتفرع من هذا النوع “العمر النفسي للإنسان” الذي يتعلق بقدرتنا على فهم مشاعرنا أو مشاعر الآخرين، التعامل معها بطريقة مفيدة لنا.
فلا توجد انفعالات منفلتة أو عواطف غير منضبطة. وهذا لا يعني التوقف عن التفاعل والتشاعر، بل يعني ضبط العواطف لتكون في مكانها الصحيح وبمقدارها المناسب.
وتتداخل قدراتنا العقلية مع قدراتنا العاطفية بطريقة تضبط كل منهما الأخرى. فالأحاسيس القلبية تعطينا تلميحات حدسية لبعض القضايا التي تُحسب بالعقل، وأيضا يوجه العقل القلب كي يكون في المسار الصحيح في علاقات الإنسان بغيره.
النوع الثالث هو العمر البيولوجي المرتبط بجسد الانسان وصحته. وقد يعرف هذا النوع بمقدار الكفاءة الصحية للإنسان ككل، وهي في المجمل محصلة لكفاءة كل عضو من أعضاء الجسد على حدة.
بعض الاشخاص يتمتعون بعمر زمني كبير إلا أن عمره البيولوجي صغير نسبياً، و السبب هو العناية بالصحة والطعام و ممارسة الرياضة.
في أيامنا هذه يجتاح المجتمعات وباء عالمي هو وباء كورونا. ومن الضروري الاستعداد العملي لمواجهة هذا الوباء ليس عن طريق التباعد الاجتماعي فقط الذي هو نوع من الهروب من وباء قد يصيبنا من حيث نشعر أو لا نشعر. وهي حالة استعداد سلبية تتطلب من أفراد المجتمع عدم فعل التقارب. والعدم سلب.
ولذا يجب ألا نغفل الاستعداد الإيجابي الذي يتطلب فعلاً ما هو – بالإضافة الى تطبيق تعليمات التباعد الاجتماعي- الاستعداد له عبر رفع مستوى الصحة العامة للفرد و خاصة جهاز المناعة في اجسامنا. وان نتصرف وكان الاصابة بالفيروس امر لا مفر منه.
ذلك يفرض تعاضد الملكات العمرية للإنسان، العقلية والنفسية والصحية.
على مستوى الإدراك العقلي نوجه العقل لفهم الحالة الصحية للفرد ومشاكلها ونواقصها.
وعلى المستوى النفسي، تحفز العواطف بشكل إيجابي لمواجهة الوباء وعدم الاستسلام لليأس من جهة، وعدم المبالاة من جهة أخرى.
أما علي المستوى الصحي فالعمل على رفع جهاز مناعة الانسان الى أقصى درجات جهوزيتها عبر التخلص من العادات الغذائية السيئة، وأيضا من خلال دمج عادات غذائية حسنة. إضافة الى ذلك؛ القيام بعمل الرياضات البدنية المناسبة للحالة العمرية فهي تؤدي إلى التمتع بوزن مناسب و بالتالي تحفيز جهاز المناعة.
وكما هو واضح من حالات كثيرة؛ فإن الذي يحدد قوة وشدة الإصابة بهذا الوباء هو العمر البيولوجي للمصاب تحديداً، وهو عمر يتداخل كثيراً مع العمر النفسي و يؤثر فيه سلباً أو إيجاباً.
لذا؛ فلكل منا دوران ليقوم بهما:
الدور الأول سلبي وهو التباعد الاجتماعي.
والدور الآخر إيجابي وهو العمل على رفع كفاءة جهاز المناعة فينا عبر الغذاء الصحي وممارسة الرياضة تحسبا للإصابة بهذا الفيروس الذي لا يضمن أحد منا السلامة منه.