المويل: حرمة الموسيقى جاءت من ارتباطها باللهو والمجون
القطيف: صبرة
أمسية متميزة موضوعا وحضورا تلك التي نظّمها منتدى الثلاثاء الثقافي مساء الثلاثاء 25 جمادى الثاني 1439هـ الموافق 13 مارس 2018م تحت عنوان “ماوراء الموسيقى: فن الجمال الموسيقي” والتي حاضر فيها خليل المويل، وأدارها مالك الفتيل بحضور ملفت من المهتمين بالموسيقى وجمع من الفنانين المعروفين. وقبيل بداية الأمسية تم عرض فلم قصير حول تاريخ الموسيقى استعرض تحولات الفهم الانساني في التعامل مع الموسيقى على مدى التاريخ، كما استعرض المصور الفوتوغرافي محمد الشبيب تجربته في التصوير على مدى عدة عقود وحصوله على العديد من الجوائز العالمية، وعن المعرض الصوري الذي أقامه في المنتدى محاكيا دور المرأة في الحياة باختياره صورا متنوعة لعملها من مختلف أرجاء العالم.
أدار الأمسية الشاعر مالك الفتيل حيث تناول في مقدمته للمحاضر موضوع علاقة الموسيقى بالدين والفلسفة، مشيرا إلى أن الموسيقى وعلى الرغم من أهميتها إلا أنها لا تزال الطرف الأضغف في العلاقة مع الدين المقدس والفلسفة المزمنة والمؤطرة علميا، إلا أن هذه المكانة بدأت في الارتقاء خلال القرون الماضية. وأوضح أن مرتكز العلاقة تدور حول التحريم والطرد، أو التخديم والنفعية، أو التقديس والتأليه، مستعرضا موقف الديانات الشرقية كالكونفوشيوسية والبوذية والهندوسية من الموسيقى، منتنقلا إلى بقية الفلسفات كاليونانية ومدرسة الاسكندرية حيث تدور مواقف كل منها حول الموسيقى ضمن الأطر الثلاثة السابقة.
بدأ المحاضر خليل المويل حديثه حول الموسيقى واصفا مكوناتها الجمالية وتأثيراتها على الطبيعة والإنسان مؤكدا أن للمكان تأثيرا بارزا على الذائقة الموسيقية وتجلياتها المختلفة. واستعرض دور الفنون في التواصل الإنساني والإفصاح عن الذات والمشاعر، معتبرا الموسيقى من أسمى الفنون الجميلة وهي فن الجمال السمعي الذي يستطيع أن يستوعبه الإنسان بالرغم من اختلاف اللغات والعادات والتقاليد. وأوضح أن هناك حواجز في المجتمع جعلت من الصعوبة بمكان دراسة ومعرفة علم الموسيقى ومقاماته وفنونه والتفاعل معه.
واستعرض مواقف الفلاسفة من الموسيقى والجدل الدائر بينهم منذ العهد القديم حتى الآن، فمنهم من رأى أن الموسيقى وسيلة اتصال فقط تنقل مشاعر وانفعالات الفنان للآخرين، وآخرين رأوا فيها وسيلة تأثير على أخلاق وسلوك الإنسان بما يماثل الدواء للجسد. وحول القيم الجمالية للموسيقى يرى بعض الفلاسفة أن مصاحبة الشعر والكلمات للموسيقى يعطيها جمالا ورونقا وتأثيرا أكبر ومنهم جورج ويلهم وفريديريك هيجل، بينما رفض ارثر شوبنهاور هذا الرأي ويرى أن الموسيقى فن قائم بذاته ومستقل عن الفنون الأخرى وتستطيع أن تعبر عن أهدافها بوسائطها الخاصة، وأن تأثير النغمات أقوى وأسرع من الكلمات.
وخلص المحاضر إلى أن الموسيقى لغة بحد ذاتها، وتعبر عن حالات إنسانية مؤثرة بنغماتها بأداة “الصوت” أو “النغم” التي تعتبر أساس توين السلالم الموسيقية (المقامات) من خلال قوانين فيزيائية ورياضية معتمدة على الأبعاد والمسافات الصوتية بين النغمات، مؤكدا على أن الموسيقى فن وعلم ولغة. وواصل في حديثه عن المقامات موضحا أن النغم هو أحد العناصر المهمة في تكوين المقام أو السلم الموسيقي، وهو عبارة عن سبعة درجات صوتية متتالية يختلف كل صوت عن الآخر بتردد معين بحيث يختلف كل مقام عن الآخر بالبعد أو المسافة الصوتية بين الدرجات. وقد يطلق البعض على بعض الأساليب الأدائية مقامات بينما هي قوالب موسيقية لألحان قديمة قائمة على مقامات أساسية معينة.
وأوضح أن ارتباط الموسيقى بفنون الغناء تاريخيا عند العرب، جعل منع مقرونا باللهو والمجون وحرمه بعض علماء الدين لما يصاحيه من أفعال غير مستساغة لديهم واعتقادهم بأنه يؤدي إلى إفساد الأخلاق والشهوانية، ويأتي ذلك امتدادا لمواقف فلاسفة سابقين من فنون الموسيقى فارسطو يتحدث عن موسيقى ترتقي بك وتؤدي بك إلى الفضائل وموسيقى تؤدي بك إلى الرذائل. واستعرض المويل أشكال الفولكلور والفنون الأدائية في مختلف مناطق المملكة والتي ترتبط أساسا بطبيعة المجتمع وثقافته، وتعبر عن اهتماماته بصور موسيقية مختلفة. وخلص إلى القول أن الموسيقى التأملية تعتبر غذاء للروح ويمكن أن تستخدم فيها مختلف الآلات الموسيقية كي تعطيها أبعادا تأثيرية أكبر.
خليل المويل
*حاصل على عدة شهادات في مجال الموسيقى
*درس النظريات الموسيقية والعزف في المعهد الروسي
*عضو مؤسس لملتقى جسور الثقافي بالرياض
*عضو في جمعية الحفاظ على التراث السعودي
*خبير من خبراء اليونسكو
*قدم العديد من الورش والأمسيات الموسيقية
*له عدة ألأحان وإصدارات، قام بتلحين أوبريت “هي الرياض أمنا”
*قدم بحثا عن الموسيقار محي الدين حيدر
*كتب عدة مقالات عن فلسفة الموسيقى