الحاجة زهراء المطرود.. ماتت بهدوء وأوصت أبنائها: لا تبكوا علي
سيهات: شذى المرزوق
رفرفت روح الحاجة زهراء المطرود في الأيام التي تلت ذكرى ميلاد الإمام الحسن عليه السلام، وبدا وكأنها تتحين ساعة انتقالها للملكوت الأعلى، بحيث لا تنازع دمعة فقدها، دموع البكاء لذكرى وفاة الإمام علي ـ عليه السلام ـ وفق ما تمنت وأوصت به أولادها، فكان أن انتقلت إلى رحمة الله قبل ذكرى ضربة الإمام بيومين.
الصلاح الذي كانت عليه المطرود في حياتها، تجسد في أفعالها ووصاياها، وكذلك تفاصيل حياتها، التي قضتها في خدمة آل البيت، وتعلم القراءة الحسينية، ومشاركة الأهالي المآتم، فكانت وجهاً مألوفاً في المآتم النسائية، تحظى بقدر عال من الحب والتقدير.
قصاصات صغيرة
في قصاصات صغيرة، خطت وصاياها على عجالة، فكان منها “وصيتي لأولادي وبناتي ألا يبكوا علي”.
وذكر ابنها الرادود علي بومرة: “في قصاصة أخرى، وجدنا وصية أخرى أرفقت معها أبيات شعر كتبت فيها” “أرجو أن توضع هذه الورقة التي فيها هذه الأبيات فوق صدري في ثوب الكفن.
بين الميلاد والرحيل
67 عاماً قضتها الحاجة زهراء سلمان أحمد المطرود، كابدت في بدايتها عناء اليُتم. وقال أخوها عباس المطرود: “زهراء ـ رحمها الله ـ امرأة صالحة عانت الكثير بسبب وفاة والدنا وعمرها حينئذٍ 4 سنوات، فكانت برعاية الله تعالى ووالدتها المرحومة علوية السيد محمد الموسوي مع شقيقتيها زينب وفاطمة، وشقيق كان الأصغر فيهم، يبلغ من العمر حينها سنتين”.
وأضاف “كانت أطيب إخوانها وأخواتها على الإطلاق، هادئة كريمة جداً رحمها الله بواسع الرحمة وأسكنها فسيح جناته مع محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين”، منوهاً انها الأخت الثامنة من بين 10 أخوة وأخوات، أبرزهم الحاج المرحوم عبد الله المطرود، الذي كان له دور كبير في استقرارحياتها بعد عناء”.
وفي هذا، قال ابنها الرادود علي بومرة: “حياة متعبة قضتها والدتي، أنجبت 5 من الأبناء، من هنا كان الدور الكبير لخالي الحاج عبدالله المطرود – رحمه الله – الذي وفر لها حياة كريمة وأمن لها بيتًا فكان بمثابة ثمرة صبرها”.
خادمة أهل البيت
سكنت الفقيدة في حي الديرة، وهو الحي النابض بوسط مدينة سيهات، حيث المآتم مستمرة في بيوتاتها، وعن خدمتها يذكر ابنها علي “كانت تسجل جدول المآتم التي يقيمها الجيران في ورقة ثبتتها على باب دولاب ملابسها، استهوتها القراءة الحسينية خاصة بعد أن تعلمت على يد زوج خالتها الملا عبدالعزيز الناصر- رحمه الله- ما شجعها أن تشارك في القراءة ضمن النسوة القارئات في تلك “العزايا”، وبرغم إنها لم تكن خطيبة أو “ملاية” إلا أنها سعت لأكثر من 25 سنة بعد أن بدأت تجربة المشاركة في قراءة العزاء عام 1995م، لتطور من قراءة النعي والأطوار وطريقة الإلقاء، ساعدها في ذلك دخولي هذا المجال لاحقاً، إذ كنا نتشارك التعلم على الأطوار والطرق في اقامة العزاء والمناسبات الدينية في دول الخليج بفضل دعمها وتشجيعها”.
ويكمل “كانت دائمة الحث لنا للعمل في خدمة أهل البيت، والبذل في سبيل الأئمة عليهم السلام”. ويستذكر قولها بداية هلال شهر محرم، إذا لبست الأسود “هو شهر الحسين فلا تبخلوا بأنفسكم وعطائكم له”.
حبها للشعر
بحسب ما ذكر ابنها، كانت الفقيدة تملك مكتبة زاخرة بالكتب، ولكن ميلها كان لقراءة قصائد شعراء أهل البيت، مثل الملا عطية الجمري، ملا علي بن سالم، والشاعر عبود غفلة.
حبها للشعر أورثته لابنتها سكينة، التي قالت عنها: “أتذكر أول كتاب أهدتني إياه كان كتاب مكارم الأخلاق للطبرسي، وتلاه كتاب منازل الآخرة للشيخ عباس القمي، وكانت والدتي قارئة نهمة، محبة للكتب، والشعر والنثر على وجه الخصوص، ولها محاولات كثيرة في هذا الجانب. واتذكر في هذا قصص جدتي العلوية لنا عن محاولاتها العزاء برغم عدم اتقانها لنطق بعض الحروف بشكل صحيح فكانت تردد “ياسداد ياعيني” أي ياسجاد ياعيني بعد أن تجمع حولها مساند ووسائد البيت لتقيم عزاءها المصغر”.
وتكمل “اعتادت مسامعنا منذ الصغر على أبيات منسوبة للإمام علي “عليك بتقوى الله إن كنت غافلاً” التي لطالما رددتها حتى حفظناها، وكنا نتقلب في مضاجعنا ليلاً على صوت بكائها ودعائها، صديقتي حبيبة القرآن رحلت في شهر القرآن”.