ما هو سر ولع محمد رضا نصر الله بعلي جواد الطاهر..؟
ربما هناك سرٌّ وراء إعجاب الإعلامي محمد رضا نصر الله بالناقد العراقي الدكتور علي جواد الطاهر. ومن لديه متابعة لما يكتبه نصر الله؛ فإنه يلحظ تكرار هذا الاسم في كتاباته. حتى أنه في خصومة مشهودة ـ سنة 1995 ـ اتهم الشاعر السعودي محمد العلي بأنه يستلهم كتاباته من طروحات على جواد الطاهر، فما كان من الأخير إلا أن ردّ عليه في حوار بقوله “ما الذي عند علي جواد الطاهر حتى أسرق منه”..؟!
نصر الله مولع بعلي جواد الطاهر، وفي هذا التقرير الذي أعدته الزميلة بيان آل دخيل من حوار تلفزيوني لنصر الله مع علي الطاهر إشارة واضحة إلى هذا الولع.. الحوار تمّ في أواخر سبعينيات الماضي، ضمن برنامج “الكلمة تدق ساعة”.
القطيف: بيان آل دخيل
في المقابلة الثرية عام 1979م؛ أشار نصر الله إلى ضيفه عندما نزل إلى الرياض للتدريس في كلية الآداب بجامعتها في 21/5/1383هـ ورغبته الداخلية في الإلمام بشؤون الأدب في المملكة، واهتمامه بأدب الحجاز وتدريسه.
قال الطاهر “بدأت اسأل، وأشتري واقرأ، وكان مما اطلعت عليه “وحي الصحراء” و “شعراء نجد المعاصرون”، أضفت فيها من مادة إلى ما قرأته يوماً، وهكذا سرت، ورغبت في أن أكتب عن هذا الأدب “كتاب أدب الحجاز”.
أضاف “رغبت في أن أكتب عن هذا الأدب وأن أدرسه، وقد عهد إليّ تدريس الأدب الحديث في الكلية، لكن المسألة ليست مسألة رغبة، إنها مسؤولية”.
تجربة
كذا يحكى الطاهر تجربته في بدايات انتقاله للمملكة للتدريس في جامعة الرياض آنذاك. وبعد ذلك العام بعامين، كان قد بدأ السعوديون في العودة والاهتمام بالأدب في السعودية، يقول الطاهر “شعرت بحاجة ماسة، ليس من المعقول في الرياض ندرس مصر والأدب العراقي واللبناني والمهجري ولا يدرس الأدب السعودي… كنت أشعر بمسؤوليتين، الأولى أني كنت جاهلاً بهذا الأدب، والمسؤولية الأخرى أنه يجب أن يدرس بشكل أو بآخر.. ومن هنا بدأت”.
الرعيل الأول
بعد قراءة شعر لشعراء عرفوا في الرعيل الأول وقراءة شعر الأجيال اللاحقة، وبدايات القصة، والرواية، والمقالات في الصحف السعودية، ولأنه لا يمكن تشكيل صورة كاملة عن الأدب دون الرجوع للمؤلفات التاريخية والدينية رأى الطاهر أن المصادر كانت كثيرة جداً، ولكي لا يضيع كل ذلك الجهد، ولكي ينتفع به الدارس للأدب جاء “معجم المطبوعات العربية في المملكة العربية السعودية”.
وحول رأيه في مجلة العرب والشيخ حمد الجاسر والتعاون معه عبر “معجم المطبوعات العربية في المملكة العربية السعودية”، قال الطاهر “هو رجل فذ لم يقترب منه أحد، ولم يتعرفه أحد إلا وازداد حباً لتواضعه ودماثته وكرمه، وعلمه الغزير، باعتباره “مفخرة من مفاخر العرب”.
يرفض الطاهر مسألة دراسة الأدب بتقسيمه سواء قديم أو حديث “لا يمكن لعصر أن يستغني عن عصر”، أو في بلد محدد (دراسة قطرية) “أنا من دعاة الإلمام قدر الإمكان بالآداب عموماً وبالآداب العربية خصوصاً”.
كما يرفض الطاهر أيضاً فكرة حصر أسماء معينة في بدايات الريادة للأدب والشعر، وكان قد نادى بدراسة الأدب الحديث على أساس قومي وأن يشترك فيه عدة مؤلفين من الوطن العربي.
وحول رأيه في الشعر الحر كان يجيب ” لا أريد أن أقع في نفس اللجاجة بين قديم وحديث وعمودي وحر، هناك شعر في كل شيء والشعر يعرب عن نفسه”.
بنظرة متسامحة وباستيعاب كبير للاختلاف، عاش الطاهر حياته متقبلاً وداعياً إلى تقبل كل الأنواع الأدبية والبعد عن التعصب بأشكاله.
السباعي
وحول رأيه في الكتاب السعوديون أمثال القاص والكاتب أحمد السباعي (توفي ١٩٨٤م)، قال “الأستاذ أحمد السباعي رائد بمعنى خدم الأدب وعمل على نشره وكتب أكثر من قصة، رجل له طراز خاص، لكن كله يدخل في الريادة، يعني لم يخط الخطوة الفنية اللازمة ولهذا ترك. يكتب مقالة جيدة ومؤرخ وصحفي، يدخل في أعمدة النهضة الحديثة في السعودية قطرياً وقومياً”.
الشاعر محمد حسن فقهي (توفي ٢٠٠٤ م) “في الفترة التي كنت فيها في السعودية كان ينشر في المدينة، وبنفس واحد من اللغة والفكرة، ونشر كثيراً وكأن كل ما نشره قصيدة واحدة، نفس الروح والمنهج والمفردات..”.
العواد
محمد حسن عواد (توفي ١٩٨٠م)..”المشاغب العظيم” بحسب وصف نصر الله، ويرد الطاهر “كان مشاغباً، قرأت متأخراً هذه المشاغبات على وزن مداعبات، يريد أن يكون بشكل أو بآخر عقاد السعودية – إن صح التعبير- فهو طرح موضوعات لم تكن يوماً تطرح في السعودية”.
وحول منهج البحث الأدبي، يقول ” شعرت بضرورة تدريس هذه المادة لتوجيه الطلبة في المرحلة الأولية، ومن ثم بدأت هذا عندما عدت من باريس في كلية الآداب في بغداد، ودرست نفس المادة في جامعة الرياض، واستقر هذا الرأي في أن أجمع الرؤية في كتاب”. وتؤكد رؤية الطاهر أن الأدب بشكل عام في الغرب والشرق به الجيد والسيء، ولا أفضلية لأحدهما على الآخر.