رمضان يهمس: سأكون مختلفاً

حميدة الزاهر

 

إيمان وخشوع، ابتهالات وتضرع، روحانية وسلام عارم، تكاد أفواه القلوب اليقظة أن تخترق السماء السابعة.

ألسنة كالبلابل الصداحة تضج دون توقف، صلاة تلو صلاة، أدعية طيلة الصبح والمساء، اجتماعات قرآنية، وختمات بلا انقطاع، دروس دينية وأحكام فقهية، ومنهاج يعطى للصغار والكبار، َكأن الكون قد رش ببخور حب وود وتسامح وعطاء.

أيدي سخية وقلوب متعطشة لثواب باريها؛ تسابق لحصد الحسنات والأجور، فطيلة الأشهر الفائتة ينتظرون بلهفة قدوم شهر الخير، يحتفلون به بطريقة عبادية مميزة، الكل له مساره في ترجمة الحب الرمضاني، ففيه تفوح رائحة تضرع إلى الله، الكل دون استثناء فرح منتظر لقدومه، ولاسيما هناك من يخط أفكاره، يدونها في ورقة، يعد خططه التي سينفذها كل ليلة منه.

ولكن هذه المرة مختلفة، وهذا العام قد لا يشبه أعواماً مضت؛ طالما العالم لازال مرعوبا من الفايروس المدعو بكورونا فصداه كبير جدا، أحدث انقلابا في العالم.

ماذا لو أننا غيرنا بعض المفاهيم ونظرنا للموضوع من زاوية أخرى، وسلطنا الضوء على كثير من الأمور التي لم ندر لها بالاً من قبل؟

ماذا لو استثمرنا الوقت بشكل أكبر ؟؟!!

في السنوات الماضية جميعها؛ وإن كان للجانب الروحاني في شهر رمضان جزءا من يومنا؛ إلا أن الفرصة الآن اتسعت، وساعات العبادة والتفرغ لله عز وجل زادت، وكأن شهر رمضان يهمس في آذاننا: سأكون مختلفا وعليك أن تبدع في استقبالي.

لنحول قضية كيف سيكون شهر رمضان تحت ظروف الحجر وحظر التجول؟! لنمحور فكرة البقاء في منازلنا، بعد أن اعتدنا على أجواء خاصة؛ حيث اعتدنا أن نكون خارجه كل ليلة.

لنظهر ابتهالاتنا ومناجاتنا لله عز وجل بطريقة مميزة، ووقت أطول لم نعتده في أي وقت مضى، فلا شيء سيكون لدينا سوى إحياء هذا الشهر، والتفن في مناجاتنا لله عزوجل بالأدعية والصدقة والقرآن والذكر والصلوات.

لنجعله حقا مختلف، لنصنع من كومة الاكتئاب الي يتخيلها البعض في ظل ظروف الحجر فرصة ثمينة للقرب منه عز وجل، لتكن بيوتنا مساجد، لنحيي الصلوات، وليرتفع صوت الذكر.

لنصل أرحامنا بطريقة تتناسب مع وضعنا، لنجري المكالمات الهاتفية لنطمئن، ولنكسب أجر التواصل معهم، بطريقة أو بأخرى نستطيع أن نجعله حقا مختلف، ولنا الخيارات المتعددة في كيفية اسثماره.

جعلنا الله وإياكم ممن يحسنون إدارة أوقاتهم لكل مافيه خير وصلاح، وعسانا أن نحظى بكرمه وخيره، ولا حرمنا الله من صيامه وقيامه.

 

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×