عمّال النظافة.. يستحقون رعايتنا أكثر من أي وقت مضى

حبيب محمود

في تسخير مبانيها التعليمية لإيواء عمّال المقاولين، وبالذات عمّال النظافة، تقدّم وزارة التعليم درساً عمليّاً للمجتمع. وعلى المجتمع أن يدرس هذه القيمة جيداً.

ليس لأنّ عمّال النظافة بشرٌ مثلنا ويستحقون الرعاية الصحية والحماية الاحترازية كما نستحقُّ نحن فحسب، بل لأنّ دورهم لا يقلّ عن أهمية دور الكوادر الصحية الواقفة في حزام مواجهة الأمراض والأوبئة.

نحن نسمّيهم “عمال نظافة”، نعم؛ ولكنهم ـ في الحقيقة ـ ضمن منظومة العمل الصحي في أي مكان في العالم.

إنهم أبطال صحة غير مرئيين، إلا حين نفقدهم وتتراكم نفاياتنا ونكتشف أن حياتنا لا يمكن أن تسير على ما نروم إلا بوجودهم.

نعم؛ هناك نظرة دونية لهم في أغلب المجتمعات، بالذات مجتمعاتنا الشرقية. بيد أنها نظرة المغفّلين الذين عرفوا أشياء وغابت عنهم أشياء.

في أزمة كورونا؛ تكشّفت أمورٌ لم تكن واضحة من قبل، أو لنقل: لم تكن مهمّة عندنا. نحن نراهم في شوارعنا يجمعون النفايات. وقليلٌ منّا من أُتيحت له فرصة الكشف عن مهاجعهم المتزاحمة. فعلاً؛ أنهم يجعلون مدننا وقرانا وأحياءنا نظيفة؛ في حين يعيشون في مجمّعات مكتظّة.

في أزمة كروونا؛ لو أصيب عاملٌ منهم؛ لنشر عدواه بين ما لا يُمكن إحصاؤه من زملائه وشركائه في السكن والعمل. وعلينا أن نتخيّل ألف عامل مصاب بهذا الفيروس المربك. علينا أن نتخيل توقف ألف عامل عن العمل.  علينا أن نتخيل مدينة كاملة بلا عمّال نظافة.

ما فعلته وزارة التعليم؛ عملٌّ كبير. المباني المدرسية خاوية، وجديرٌ بها أن تكون ملاذاً آمناً لهؤلاء العمال وزملائهم في مشاريع التنمية والخدمات، من أجل منحهم الحقّ في الحماية، والحصول على احترازات لائقة في هذا الظرف الصحي الصعب أولاً.

وثانياً؛ من أجل أن يستمرّوا أصحاء مثلنا، ويواصلوا أداء واجبهم مثلنا. إنهم بشرٌ مثلنا، وحقّهم في الرعاية الصحية لا يقل عن حقنا.

فليقطنوا مدارسنا أبنائنا، ويُقيموا في فصولها، ولينالوا حقّهم الطبيعيّ، تماماً كما نريد أن نحصل عليه نحن وأبناؤنا وبناتنا.

عمّال النظافة، وعمّال سائر المقاولين، وجميع من يعمل في هذه البلاد الكريمة. كلٌّ منهم جعل حياتنا أسهل، وساعد على حصولنا على احتياجاتنا، ولولاهم؛ لكانت حياتنا أكثر صعوبة.

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×