هيا فقد حان الوقت
حميدة الزاهر
الإحساس بشعور الأمان وطمأنينة أنفسنا، وإدراك أننا في مأمن عن كل ما هو خطر علينا شعورٌ فطري، ولولا هذه الفطرة لأفنتنا الحياة وأصبحنا رفاتا منذ أول هفوة مرض مرت بنا، لأننا حينها بدون أن نعير إحساس الخوف من الأذى أي أهمية سنكون حتما عرضة لكل ماهو مؤلم، بل وقد يتجاوز الأمر حد الألم، فيصل لحد الموت والفناء.
فالحمد لله حتى يبلغ الحمد منتهاه على شتى عطاياه ونعمه، لاسيما نعمة بل فطرة الخوف من الأذى.
نحن اليوم وكأننا نخوض معركة، معركة من نوع آخر، معركة جميع أناس الكون مجبورون على الخوض فيها، معركة مختلفة لا تجابه ولا تقابل بسلاح ناري ولا بسلاح آلي، ولا بمدفع ولا برشاش، بل بما هو أعمق وأدق وأبعد من ذلك بكثير..
فلتستيقظ كل نفس نائمة ولتنهض كل روح من سباتها العميق، لنحارب معا ولنكافح للنصر، لنتحدى ونجزم بأننا قادرون على الانتصار رغم كل عقبة و صعوبة، لنجابه آفة عصرنا الحالي (كورونا ).
لنكن أبطالًا، ولنجهز ذواتنا، فقد حان الوقت لنفرد عضلات عقولنا ومدى وعينا ونبرز أسلحتنا، لنبدأها بسلاح الفكر المثقف الناضج العارف بخطورة هذا الفايروس المدمر للبشرية، لنكن نحن بابتعادنا عن مواضع الخطر أقوى وأعنف من خطورته وانتشاره، هذه هي الإرادة وهذا هو المغنم الحقيقي..
لننظر في أعين أطفالنا الصغار، أيعقل أن تشل الطفولة البريئة الجميلة، ونكون نحن سبب ذلك؟!! لننظر في أعين آبائنا وأمهاتنا أيرضينا أن نفقد عالم الحب والحنان ألا متناهي ونكون نحن سبب ذلك؟! لننظر في أعين أحبائنا أنستطيع أن نقطع حبال الود والألفة من قدرنا الجميل بهم ونكون نحن السبب في ذلك؟!!
هيا لنتصافح بسلامنا الداخلي القوي، ونترك التصافح المادي برهة من الزمن، نأمل أن تكون قصيرة، لنبتعد قليلا عن بعضنا بقلة اجتماعاتنا، نبتعد بعدا يمحور كل خطوة، بعدٌ لنتقارب بعمق أكثر وأغزر إن شاء الباري.
والأهم من كل ذلك: *لنستغل الوقت*، ولنصارع روتين الحياة، الذي بات مُمَلِّلَ لدى الغالبية من الناس منذ بدء الحجر الصحي.
إنّ بيوتنا يمكن أن تغدوا مدارسًا، لكنّها تتيح الحريّة والخيار، اختر أي مادة تحب وابدع بمنظورك كيفما شئت، لربما في داخلك طاقة كامنة حان الوقت لتفجيرها.
إنه الوقت المناسب لنحول أزمة كورونا لفرص ثمينة تترجم كمية القدرات النائمة فقد حان الأوان لذلك أكثر من أيّ زمن مضى.
وهنا يأخذني فكري إلى الوراء قليلا؛ لابد أنك تعرف العالم الإنجليزي إسحاق نيوتن الذي يعد من أبرز العلماء مساهمة في علم الفيزياء والرياضيات عبر العصور وأحد رموز الثورة العلمية؛ وحينما كان نيوتن يدرس في جامعة كامبريدج عام ١٦٦٥ م كانت لندن آنذاك تعاني من تفشي مرض الطاعون.. فقرر نيوتن حينها الانعزال في الريف بقي هناك ١٨ شهرا كرس وقته لدراسة البحوث..
فانتهز الفرصة وتوصل لنظرية الجاذبية كما أنه درس نظرية حساب التكامل والتفاضل؛ وبهذا استطاع أن يحول أزمة الطاعون الى فرصة ثمينة صداها كبير جدا حتى وقتنا الحالي، فقد قيل فيه (من رحم العزلة يولد الإبداع)
هيا فقد حان الوقت، ليمسك كل منا قلمه ويخط على لوحته، ويجسد جانب خفي من باطنه “هيا فقد حان الوقت ”.