فقد شابة في أزمة الكورونا المستجد COVID-19
عبدالله اليوسف
بعد اكتمال التسعة أشهر حان موعد المخاض والولادة فلجأت الأم إلى أحد المستشفيات ورزقت بفتاة وشعر الجميع بفرحة عارمة، وظلت الأم تترقب إحضار البنت لرؤيتها وأخيرا أحضرتها الممرضة.. أشرق وجه الأم ونظرت إليها بفرح ورأت ملامح الجمال بها، وهللت وكبرت وصلت على محمد وآل محمد، وهنا حضر الأب وأخوتها وعمت الفرحة الجميع.
وبعد انتهاء موعد الزيارة جاءت الطبيبة المعالجة وجلست مع الأم لتخبرها أن نتائج التحاليل والأشعة تظهر أن بها عدة أمراض وتحتاج إلى متابعة؛ وهنا أطبق الحزن على الأم التي لم تدم فرحتها طويلا وكأن خنجرا أصابها.
شكرت الطبيبة وسألتها عن الاجراءات وإذا كانت تستطيع أخذها إلى البيت فأجابتها بالإيجاب، ولكن عليها أن تحضرها حسب مواعيد المراجعة، وذلك لمتابعة حالتها الصحية.
اجتمعت الأسرة فرحة بخروج المولودة الجديدة ولكن الأب لاحظ أن مظاهر الفرحة لم تعد موجودة على الأم فسألها عن سبب ذلك فأخبرته بما جرى فرد الأب إن الله أبصر بها وسوف نقدم لها الرعاية والعلاج، وسنبحث لها عن أي طبيب معالج حتى لو كلفنا ما نملك، وبعد ذلك جرت الأيام وتمت مراجعة المستشفى وأصبحت هذه الفتاة من ذوي الاحتياجات الخاصة ومع كبر العمر زادت الأعراض أكثر فأكثر، ولكنها عاشت في أجواء أسرية جميلة يملؤها الحب والطمأنينة على الرغم من المعاناة التي عانتها هذه الفتاة بالدخول المتكرر إلى المستشفى وملازمة الفراش ومرافقة الأم لها، ومعاناة الأسرة من غياب الأم وكانت البنت كلما كبرت أخذت تعبث ببعض خصوصيات إخوتها كالحقيبة المدرسية أو الأجهزة؛ لأنها لا تدرك أهميتها وكان إخوتها يتضجرون ويشكونها إلى أمهم التي تقول لهم إنها تفعل ذلك لأنها تحبكم، واستمر الحال إلى أن عصف بالعالم فيروس كورونا المستجد
COVID-19
ووصل إلى بلادنا أيضا، ومع انتشار بعض الحالات تم القيام بالحجر الصحي على المنطقة التي تسكن فيها هذه الفتاة، لكن المرض لا يعرف متى تأتي نوباته حيث عصف بها بعد أسبوع من الحجر الصحي وتم نقلها إلى خارج منطقة الحجر الصحي، بعد تفهم رجال الأمن لحالتها والسماح لهم بالخروج، وتم إيداعها في إحدى المستشفيات التي كانت تتابع حالتها، لكنه القدر فبعد عدة أيام عرجت الروح إلى بارئها واستردت الأمانة، وهنا دخلت الأسرة في دوامة كيف ستتعامل مع هذه الظروف، وكيف سيتم التنسيق مع الجهات ذات العلاقة بحضور جزء من أسرتها وأصدقاء الأسرة بحكم الحجر الصحي لجميع الأنشطة التي تتعلق بالاجتماعات كإقامة العزاء والمناسبات الدينية والاكتفاء بالعزاء عبر الهاتف أو وسائل التواصل.
وقد حز في خاطري، عندما حضرت مراسم الدفن والتشييع، بكاء أخوتها الذين بان عليهم الانكسار، وكيف تصدى أخوتها لإنزالها في قبرها وكلهم ألم وحزن لفقدها بالرغم مما عايشته معهم وهم يشاهدونها كالوردة التي تذبل شيئا فشيئا.
نتمنى أن تنزل الرحمة والمغفرة على روح هذه الشابة الفقيدة وأن تقام الفاتحة ومراسم العزاء بعد زوال هذا الوباء، وأن تذكر بالأعمال الصالحة من قراءة القرآن الكريم والصدقة والوقف الخيري أو كفالة أيتام باسمها.
ولنا وقفة تأمل مع هذه الفتاة وأسرتها وكل ذوي الاحتياجات الخاصة، عن توفر الإمكانيات والخدمات للمعاق ومراعاة احتياجاته في التنقل والذهاب إلى المستشفى أو التعليم، ومتابعة الحالة الصحية وتقبل الأسرة وجوده دون أن يؤثر على مستوى أفراد الأسرة الدراسي، وتفهم الجميع أن هذا الابتلاء نوع من زيادة الأجر والثواب، على الرغم من أن بعض ذوي الاحتياجات الخاصة قادر على التعلم والعطاء وقد يكون لديه نبوغ في موهبة ما، وهذا يعتمد على حسب الحالة المرضية التي يعانيها الطفل.
ونحن ولله الحمد توجد في بلادنا مراكز تهتم بهم وتقدم لهم المعونة والمساعدات، وكل ما يلزم من أمور طبية واستشارات أسرية ويخضع البعض منهم في برنامج الطب المنزلي لزيارته والوقوف على متابعة حالته الصحية.
ولقد تم نشر كتيب تابع لهيئة حقوق الإنسان يتكلم عن ذوي الاحتياجات الخاصة وبيان أهم احتياجاته المعنوية كالاحترام والتقدير والاستقلال في تفكيره وفي تصرفاته.
الحب والحنان والأمان.
تعزيز أفعاله الإيجابية عاطفيا قولا وحركة.
دمجه في نشاطات الحياة الأسرية والبيئية المحيطة.
عدم التعامل مع المعاق بإعاقة ما على أنه عاجز كليا في النواحي الأخرى.
وعدم إظهار الشفقة والعطف عند التعامل مع الطفل المعاق لأنه قد تجرح مشاعره.
عدم إشعار الطفل المعاق بأنه يختلف عن أقرانه.
أخيرا نتمنى أن يمن الله بالشفاء لجميع المرضى وخاصة مرضى فيروس كورونا المستجد COVID-19
وأن يحمي الله البلاد والعباد من كل سوء ومكروه.