ناصفتنا إلى “مين”؟!
أنيس سامي آل دهيم
بقي القليل على الناصفة الشعبانية ونحتفل فيها بمولد الإمام الحجة عجل الله فرجه الشريف. في كل عام يزداد صخب هذه المناسبة الشريفة حتى أصبحت مجرد كرنفال سنوي غير منظم مما جعلها مناسبة قلق وخوف بكثر ماهي راحة واطمنان نخاف على عيالنا وعلى منازلنا.
المناسبة تغيرت مع تغير الأجيال لتدخل في سجال وجدال بين المؤيد لهذا التغيير والرافض له، المؤيد له عذره، والرافض له أسبابه، لتبقى هذه المناسبة تتداول في زوبعة الجدال الذي لا يحسم أبدا، حالها حال الكثير من المناسبات الدينية الخاصة بمجتمعنا.
البعض يتهم تقصير رجال الدين في توعية الناس بكيفية الاستفادة من المناسبة، بتوعية الشباب من أجل الحفاظ على أنفسهم ومجتمعهم، وهذه النوعية حتماً لا علاقة لها برجال الدين لا من قريب أو بعيد، وأجزم أنها لا تشاهد وتسمع ما يوصون به وكأن لسان حالها يقول (ماعنده سالفه).
أما الشريحة الثانية هي من تحضر المجالس ويشاهد ويسمع المحاضرات الدينية والتربوية، وإذا خرج لا يتقيد بها بل يتصرف بما يحلو له ويملي عليه ضميره فقط، وهذه الشريحة من البشر لا يهمه ما يحدث في هذه المناسبات فهو يقبل الكل ولسان حاله يقول (خلي الناس تفرح والأجر على الله).
الشريحة الثالثة: شريحة المعترضين على الكثير من السلوكيات التي تمارس في المناسبات الدينية، ومناسبة الناصفة إحدى هذه المناسبات والسبب هو ما يلاحظه من تغير سريع في طرق إحياء هذه المناسبة، ففي طفولته لم تكن هذه البهرجة والتهريج موجودة أصلا، في زمنه كانت تضج المساجد والمجالس بذكر الله وبالصلاة على محمد وآل محمد ولسان حاله يردد (زمانا كان أجمل).
الشريحة الأخيرة وهي التي تؤمن بهذا التغيير وتتأقلم مع كل فئات المجمتع، وهي تدعوا دوما إلى الأخذ بالأسباب واحتواء الشباب دون سلبهم حريتهم مع مراعاة توجيههم بأسلوب الترغيب وليس الترهيب، مع حثهم لإحياء المناسبات الدينة بأسلوب حديث لا يخالف الشرع، ولا يضر المجتمع، وحتما هذا هو دور رجل الدين ودور المربي وصناع المستقبل والمتفائلين، ودوماً لسان حالهم يردد (زمانهم غير زماننا).
بطبيعة الحال ذلك الاختلاف لا يقاس فقط على المناسبات الدينية بل هو شامل كل شيء في حياتنا (الدين والاقتصاد، العلم والجهل، الغني والفقير، الخير والشر).
إننا اليوم نعيش جائحة (كورونا)؛ تضرر على أثرها الكثير من البشر، الموت من جهة، وقطع الأرزاق والإفلاس من جهة أخرى، وهذا أدى إلى ظهور الكثير من المبادرات تدعوا لتكاتف الجميع، ومساندة الدولة لتجاوز هذه المحنة بأقل الأضرار إن شاء الله. السعودية بقيادة ولاة الأمر حفظهم الله اتخذوا كافة التدابير الشرعية والأمنية للحفاظ على صحة وأمن المواطن والمقيم على مستوى المملكة، ونسأل الله لهم التوفيق إن شاء الله، ودورنا هنا أن نقف إلى جانبهم بما نجود به من العطاء والجهد على مستوى المجتمع والمدينة التي نعيش فيها، وأسهل طريقة لترجمة فعل الخير هو الالتفاف حول الجمعيات والمراكز الخيرية كونها الجهة الرسمية المخولة بجمع التبرعات، وأنها وحدها التي تتعامل بشكل مباشر مع الكثير من الأسر المتعففة، وذوات الدخل المحدود التي تحتاج إلى الدعم في هذه المحنة وغيرها.
وهنا أشيد بمبادرة (ناصفتنا إلى جمعيتنا) فهي مبادرة تصب في الوقت الراهن في مصلحة الجميع فهي تكاتف اجتماعي، أخلاقي، صحي، اقتصادي، إنساني ووطني.
الوقت الآن ليس وقت تسوية الخلافات، إنه وقت التكاتف وقت العطاء، وأهل صفوى يضرب بهم المثل في الكرم والخير والتكاتف، وإن شاء الله نبقى كذلك. قال تعالى في سورة آل عمران بسم الله الرحمن الرحيم(( الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ )) الآية 134