البعوضة
عدنان السادة
في مثل هذه الأيام العصيبة، تقفل الكرة الأرضية أبوابها على نفسها، يفكرون، يبحثون، حائرون، الذي حدث بالطبع ليس أمراً عادياً، أن يُرعب فيروساً صغيراً كل فرد كل بيت في أصقاع الكرة الأرضية، يجب أن ننظر إليه بعين ثاقبة، أن نستفيد من هذا الدرس القاسي، منذ اللحظة الأولى للحجر وأنا ممتن لكل لحظة حرية أنعم الله علينا بها.
تخرج متى تشاء، تزور الأصدقاء، تسافر، تعود، تأكل وتشرب بدون قلق، يقول صديقي أكثر ما يؤلمني أن أقول صباح الخير لأمي التي تسكن معي وأتردد في تقبيل رأسها، خوفاً عليها أنا الذي أبكي لفراقها عندما تبات ليلة مع أحد الأخوان والأخوات.
الدول المتقدمة التي فشلت فشلاً ذريعاً في التعامل مع هذه الجائحة تؤكد مغزى بيت الشعر الذي يقول:
لا تحقرن صغيراً في مخاصمة
إن البعوضة تدمي مقلة الأسد.
إن تقديرنا لأشياء كنا نحسبها صغيرة يعرفها المتطوعون الذين عملوا في بلدان فقيرة، عرفوا ما هم فيه من نعمة، و كيف تكون مائدة طعامك كفيلة بإشباع عدة أفواه جائعة، هذا البيت الذي تشتكي من صغره يكفي للم عوائل في قرية أفريقية، إن سعر الثوب الذي ترتديه كافٍ لكسوة أفراد بيت كامل في “سيلان”.
درس آخر يذكرني به استنكار أحدهم لماذا كل هذه الحروب في كل بقعة، سواء كانت بين دول أو جماعات، لماذا تضيع كل هذه المليارات على أسلحة الدمار الشامل؟ ألا يجدر بنا ونحن نعاني ونستغيث في دوامة هذه الجائحة أن نُعمل فكرنا لعمل الخير، لإسعاد أنفسنا والآخرين لنعيش في عالمٍ يسوده الخير والحب والسلام.