جمهور “حسينيات” القطيف يتزاحمون على خطباء “إنستغرام” و “يوتيوب” التزموا التعليمات الحكومية بمنع التجمّع والتجوّل وحافظوا على العادات بطريقة جديدة

القطيف: معصومة الزاهر

منذ عقود مضت، والمواطنون في القطيف يحرصون على إقامة الفعّاليات الدينية والاجتماعية في المجالس المفتوحة والحسينيات المنتشرة في ربوع المحافظة، وهو التزامٌ مهم في المذهب الشيعي. ولكن مع الحجر الصحي وقرارات منع التجول التي شملت جميع ربوع المملكة، ومنع التجمعات البشرية للحد من انتشار وباء كورونا الجديد، تغير المشهد بكل تفاصيله وملامحه داخل المحافظة.

ففي شهر شعبان من كل عام، تتوالى المناسبات المُبهجة في القطيف، ليس أولها ميلاد الإمام الحسين وميلاد العباس بن علي بن أبي طالب، وليس آخرها ميلاد السجاد وميلاد الإمام المهدي، وهو ما دعا القائمين على أمر هذه المناسبات، إلى توجيه منابرهم صوب مواقع التواصل الاجتماعي، وإحياء تلك الشعائر في بث مباشر يفي بالغرض، مع منع التجمعات البشرية.

في المقابل، هناك من فضل وقف هذه المناسبات، وتحويل ميزانياتها إلى الجمعيات الخيرية، للصرف على الأسر المحتاجة.

مشاهد كثيرة

وفي البداية، يقول هاني المعاتيق: “تم استغلال وسائل التواصل الاجتماعي لإحياء المناسبات الدينية، لأنه من غير المقبول عدم احيائها”، مضيفاً “بادرت كثير من أحصاب المآتم بالتحول إلى البث المباشر عن طريق القنوات الخاصة بكل خطيب أو كل مأتم”.

وأضاف “في صفوى، اتفقوا على توحيد المآتم الرئيسة والبث والتسجيل دون جمهور، كل مرة على مأتم معين، يتم بثه إلى الآخرين، وأجد أن هذا أمر رائع جداً، ويدل على ذلك أن عدد المشاهدات كثيرة جداً، بعكس الأيام العادية، وهذا من الأساليب الحديثة التي عززت من التواصل بين أفراد المجتمع”.

هاني المعاتيق

ضعف الانترنت

وتستضيف الكثير من وسائل التواصل الاجتماعي حوارات وندوات طبية ودينية وثقافية، كلها عن بُعد، ولها متابعون بنسبة مشاهدة عالية فاقت التوقعات. حيث قام الخطيب علي أبو المكارم بإحياء ليلة ميلاد الإمام الحسين ـ عليه السلام ـ ببث مباشر على حسابه في الانستجرام لمدة ٣٥ دقيقة. ويتحدث أبو المكارم عن هذه التجربة: “لاقت اقبالاً واستحساناً من الكثير، وبعض المشاهدين شكا من ضعف الانترنت فقط”.

يضيف: “كنا نتمنى أن نُحيي هذه الليالي في مساجدنا وحسينياتنا كما اعتدنا كل عام، ولكن الالتزام بالاجراءات الصحية في هذه الأيام مطلوب، وهذا ما وجهنا إليه القرآن الكريم والنبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، بالحفاظ على النفس والمجتمع، ولكن هذا لا يتعارض وأحياء هذه المناسبات عبر وسائل التقنية بالشكل المناسب”.

وقال: “يجب  علينا أن نشكر من يقوم برعايتنا صحياً، من أطباء وممرضين وفنيين، فهم جنود الصفوف الأولى، وأولئك الجنود يواصلون الليل بالنهار لخدمة دينهم ومجتمعهم ووطنهم، ويساهمون بحفظ أرواحنا ويجب علينا أن نكون معهم في الالتزام بما يأتي منهم من تعليمات في هذه المرحلة، حتى ترفع هذه الجائحة ويدفع الله عنا وعن العالم هذا البلاء”.

الخطيب علي أبو المكارم

متابعة الخطباء

ولا يرضى الملا علي الباقر، إلا بإيصال وإبلاغ الوعظ والإرشاد إلى أفراد المجتمع، ويقول: “إن بث علوم مدرسة أهل البيت لا يجب أن يقتصر على الحضور المباشر، فمن خلال الدور المُلقى على عاتقنا كمبلغين لمبادئ هذه المدرسة الطاهرة، وفي ظل هذه الظروف التي هي سنة من السنن الإلهية في عالم الإبتلاء ونزولاً عند طلب الأخوة الأعزاء، واستثماراً للوقت، خصوصاً في هذه المرحلة، ارتأينا أن نواصل نهج الخدمة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وبحمد الله توفقنا أن منّ الله علينا بإحياء ذكرى سيد الشهداء من خلال البث على الإنستجرام”.

البث المباشر

ويقول الملا عماد أيوب: “في هذه الفترة، لابد لنا من الاتجاه نحو البث المباشر لإحياء المجالس، والحّد من التجمعات، من أجل حفظ صحة أبناء المجتمع”. ويتابع: “وجدت من خلال تجربتي بالبث المباشر تفاعلاً كبيراً من أفراد المجتمع في تعليقاتهم وكذلك في متابعتهم، واستشعرت كأنهم موجودون معي. والتمست نقطة، لابد أن نلتفت إليها، إذ لا يوجد أحد يشتت ذهن الخطيب أثناء البث المباشر، في المقابل، نجد في بعض المجالس الشخص يتحدث مع شخص بجانبه، أو في الجوال، ما يؤثر على تفاعل الخطيب ويشتت ذهن المستمع”. ويقول: “في اعتقادي أن من يفتح البث المباشر، يكون منجذباً إلى محدثه، ويستمع إلى ما يقوله الخطيب، لذلك، فقد سعدتُ كثيرا حينما رأيت من يردد الأبيات التي أقولها في التعليقات، ويطلب مني قراءة شيء ما، مما يشجعني على الاستمرار في القراءة.

حفظ الأنفس

ويرى الخطيب عبد الحميد الغمغام، أن البث المباشر عبر وسائل التقنية الحديثة، أوجد حلولاً قوية، لفترة العزل التي تعيشها محافظة القطيف، ومنع الاختلاط والتجمعات البشرية. ويقول: “لأننا نؤمن بدور المنبر باعتباره قناة من القنوات الأساسية لتوجيه الناس وايصال المعارف الاسلامية لهم، وكذلك توجيه الناس بالعمل على حفظ النفس والالتزام بالتوجيهات التي تصدر من ذوي الاختصاص، وتحديداً في هذه المرحلة الحرجة والحساسة التي يعيشها العالم، قمنا بالعمل على بث مباشر للمحاضرات والمناسبات، ومنها مأتم الوالد ابوسعيد الغمغام ـ رحمه الله ـ إلى جميع الناس، لنؤكد على أهمية أحياء ذكرى أهل البيت عليهم السلام من جهة، والعمل على حفظ الأنفس من جهة أخرى”.

وقال: “نسأل من الله العلي القدير أن يتقبل من الجميع  دعاءهم، وأن يحفظ البلاد وجميع بلدان العالم ويدفع عنا وعن الجميع كل سوء وبلاء”.

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×