لماذا نثق في شفّافية وزارة الصحة…؟
حبيب محمود
في مواجهتها السابقة مع فيروس كورونا المعروف بـ “متلازمة الشرق الأوسط”، عام 2015م، وضعت وزارة الصحة نفسها على محكّ المصداقية اليومية، وصارحت المجتمع بسجلّ تنشر فيه مستجدات الإصابات، بالتفصيل. أين ومتى ومن وماذا.
حتى أنها خصّصت في موقعها الإلكتروني أيقونةً خاصة بمتابعة نشر المستجدات، عدا منشوراتها التثقيفية والتوعية. وقتها كنت مدير تحرير في صحيفة “الشرق”. ومن تلك الأيقونة الخاصة صنعنا تصميماً يومياً “غراف” وضعنا له عنوان “عدّاد كورونا” في الصفحة الأولى من الصحيفة. وفي كلّ عدد نضع الرقم الأخير لعدد الإصابات..!
كانت شفّافية عالية من الوزارة، ومصارحة حقيقية مع الجمهور.
وفي تجارب صحافية مماثلة، في تعامل أجهزة الوزارة مع أنفلونزا الخنازير، وأنفلونزا الطيور؛ لم تكن الوزارة أقلّ وضوحاً ومصارحة مع الناس.
وفي مواجهة تجربة كورونا الجديد “كوفيد 19″؛ وضعت الوزارة نفسها على محكّ مصداقيةٍ جديد؛ يُصارح الناس ـ يومياً ـ بما يجري في الوزارة وفي البلاد.
متابعة بيانات الصحة؛ منذ منتصف شهر فبراير الماضي حتى اليوم؛ تنطوي على إفصاح مسؤول، ورصد جريء أيضاً. كلّ ذلك وسط إجراءات أخطبوطية متداخلة في المواجهة الشجاعة مع الفيروس الذي أربك العالم.
الوزارة لا تُعالج المصابين وتفحص المشتبه بهم فحسب. وزارة الصحة ـ في أزمتنا الراهنة ـ هي جيشنا الوطنيّ الأول، بكامل أركانه وقواه وشُّعَبه وتشكيلاته. لم تعد طبّاً وقائياً يُزامنه طب علاجي فحسب. هي وزارة دفاع عن الأمن الصحي بكامل متطلّباته وتحدّياته.. الوزارة وكلّ القطاعات المعنية بالصحة في وزارات الداخلية والدفاع والحرس الوطني ومؤسسات الصحة المستقلة.
وسط كلّ هذا الزحام المتشابك من المسؤوليات والضغوط؛ فتحت الوزارة كتابها لمن يُريد أن يقرأه، ومن يُريد أن يعرف إلى أين وصلنا في جبهة المعركة. صحيحٌ إنها أصرّت على مركزية إعلامية حصرية؛ وحدّدت مصدراً واحداً للخطاب، إلا أن ذلك لم يخدش مستوى الشفّافية فيها. إنها تكشف يومياً عن جغرافية جبهة معركتها، وتُفصح عن: أين، متى، من، ماذا.. عن المعلومة المضمونة.
لستُ مخوّلاً بالحديث عن الجميع؛ إلا أنني أثق في أداء الوزارة بصفتي مواطناً، وأحترم شفّافيتها العالية، وأراها جديرة بمسؤوليتها.
وإذا كان ثمة ملاحظة أو مؤاخذة، هنا أو هناك، فإن من حقّ هذا الجهاز المُجاهد ألا يؤاخذ بهنات تفصيلية، وسط إنجاز وطني عظيم.. ليس من اللائق انتقاد جيش وطنك وهو مشغول بالمعركة.. دعه يركّز على المعركة.