الحب في زمن “الكورونا “
عدنان السادة
” فلورينتينو” عامل تلغراف بسيط في قرية صغيرة في الكاريبي أحبها و هي طالبة وبادلته الحب ثلاث سنوات فقط، ذلك العاشق المهزوم لم ييأس جاهد لكي يجعل له اسماً لامعاً، ويكوّن ثروة حتى يكون جديراً بمن أحبها.
” فيرمينادازا” تزوجت من طبيب يفيض شباباً، لكن العاشق لم ييأس، لكي يصل إلى محبوبته طوال أكثر من خمسين عاماً.
على ساحل الخليج العربي تنام وتصحو ” فاطمة ” يسمونها إم الخير من صغرها، جميلة، بشرتها أقرب إلى البياض وشعرها الكستنائي الطويل ينحدر كشلال يأسر الناظر.
في هذه الواحة الغناء كان “ مساعد ” فارس لا يشق له غبار، معروف بين أقرانه بالكرم والعطاء، أحبها و احتواها و بادلته المشاعر والأحاسيس، في زمن لا يقيم لهذه العلاقات الإنسانية وزناً، تزوجت إبن عمها كعادة أعراف المجتمع هناك.
لم يتخل “مساعد” عن حبه لها، ظل يعمل جاهداً ليعتلي صهوة المجد، وكان له ما أراد.
مرت السنون، مضى من عمرها سبعون عاماً، وجذوة الحب لم تنطفىء بينهما، حدث أن زارت فاطمة مرقد الإمام الرضا عليه السلام وأصيبت بمرض “الكورونا “
– يا لك من حمقاء ستموتين
– ألا تعرفين أن هذا البلد موبؤاً؟!
وممنوع عليك الذهاب إليه أيتها العجوز الحمقاء..
أطرقت رأسها نادمة، وكعادة النبيل وشهامته كان مساعد يتلمس أخبارها، أحاطها بحبه وعنايته، سهر على راحتها وعمل كل ما بوسعه لإنقاذ محبوبته، لم يأبه لحديث الآخرين وتأليبهم عليها، هذا القلب الكبير احتواها، كما سطر أبنائه المخلصون ملحمة سيخلدها التاريخ في حب فاطمة و ذويها والأمنيات الخالصة لها بالشفاء العاجل.
“فلورنتينو” ها هي محبوبتك تصدق كذبتك البيضاء وتبحر معك إلى لا مكان، أيها الكبير بحبك، عزيمتك تهز الجبال و إصرارك على الظفر بها وحيدين لا ثالث لكما، هل للانتصار مذاق آخر عند المشيب؟ وكيف يكون الحب مختلفاً اذا كان من طرف واحد.
أجابت فاطمة بكل هدوء وهي ترتشف قهوتها: فارق كبير أن تتغذى على حب ويترعرع معك، تراه وتسمع عنه وتجده وتعرف أنه لن ينساك عند الشدائد؛ من أن تعيش خمسون سنة من الحرمان.
انتصرت في النهاية نعم ..
ابتسم “فلورنتينو” .