مشايخ في القطيف يدعون العائدين من الدول الموبوءة بـ”كورونا” إلى الفحص الطبي سجلوا موقفهم الشرعي وطالبوا بترك عادات التقبيل و"حب الخشوم"
القطيف: صُبرة
سجل مشايخ في محافظة القطيف موقفاً شرعياً موحداً بشأن التعامل مع فيروس كورونا المستجد، الذي ينتشر في عدد من دول العالم، ويهدد الأرواح. وأكد المشايخ أنه ينبغي على المواطنين أخذ الحيطة والحذر في حال انتشار الأمراض المعدية، ومنها كورونا، والمحافظة على صحتهم، باتباع النصائح والإرشادات الصحية الرسمية، والمساعدة في تقليص انتشار الفيروسات المعدية قدر الإمكان، بترك العادات الاجتماعية مثل التقبيل والعناق و”حب الخشوم”، محذرين من إثارة الشائعات حول المرض. ومن الشيوخ الذين سجلوا موقفهم قاضي الأوقاف والمواريث في المحافظة الشيخ الدكتور عبدالعظيم بن نصر مشيخص، والشيخ حسن الصفار.
تكليف شرعي
وطبقاً لبيان تلقته “صُبرة” اليوم؛ وجه رئيس دائرة الأوقاف والمواريث الشيخ عبدالعظيم بن نصر مشيخص كلمة توجية شرعية أخلاقية من باب التكليف الشرعي والوطني، فيما يتعلق بالمرض، وقال: “من التكليف الشرعي الملقى على عواتقنا جمعيًا، أن نُلفت عناية المواطنين لأهمية ما تمر به البلدان العالمية والعربية والإسلامية والخليجية من انتشار فيروس “كورونا”، ارتأينا أن نوّجه كلمة قصيرة نافعة في المقام لّي ولكم جميعًا من باب قوله تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ)، وقوله تعالى: (إلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ).
وقال المشيخص إن “التكليف الشرعي المناط على عواتقنا جميعا، وجوب حفظ الصحة الخاصة والعامة، التي هي بدورها من أوجب الواجبات عليّنا جميعًا، وقال: “يجب التعامل مع كافة الأمراض السارية والأوبئة على أنها مرض خطير، يجب على المواطن التحفظ منه شخصيا ومراعاة تحفظ أسرته ومن يلوذ بهم، وقد ندبنا إليه العقل فضلاً عن الشرع”.
ونصح الشيخ عبد العظيم بـ”الابتعاد عن الوصفات الشعبية والالتزام بأمور ذوي الاختصاصات الطبية، فإنهم أعلم بمقدر قوة وضعف الأمراض السارية”، وكذلك “الالتزام بما يرد إلينا من الجهات المختصة من تعليمات وإرشادات وقائية لأنها قارب النجاة بإذن الله”.
وشدد على مسألة شرعية أخرى، وهي “وجوب مراعاة الجانب الشرعي في مثل هذه الأمراض والوقاية منها بألا يجوز للمريض الذي لمرضه عدوى، أن يبقى في أسرته أو مجتمعه مما يسبب العدوى للآخرين، ولا يجوز للمريض الذي له مرض معد أن يرتاد الاجتماعات العامة ولو تضرر أحد بسببه كان شرعاً ضامناً لقاعدة “لا ضرر ولا ضرار”. وقال: “إذا انتشر في البلد مرض معد مثلاً: تسمم الهواء أو كورونا أو الجدري أو ملاريا، يجب إمتثال الإنسان للتوجيهات التي تقيه وأسرته من سريان الأمراض”.
دفع الضرر
وقال الشيخ عبد العظيم: “لا يجوز البقاء في محل يخشى فيه الإنسان من سريان المرض المُعدي، بل لا يجوز له الذهاب إلى أماكن يتواجد فيها المرض المعدي، فإن قاعدة: “دفع الضرر العقلائي -المتحمل- حاكمة على ذلك”، مشدداً على أنه “لا يجوز للمريض الذي أُصيب بأي مرض معد استخدام أدوات أو أغراض غيره، لكي لا تسري العدوى لغيره، ومن فعل ذلك بالآخرين كان ضامنًا لإطلاق الأدلة في المقام”.
ودعا الشيخ عبد العظيم الجميع إلى “عدم التواجد أو التجمهر في أماكن التجمعات، حتى تنجلي هذه الغمة ويزول العارض بإذن الله سبحانه وتعالى”. وقال: “أسأل الله أن يحفظنا وإياكم وبلادنا وسائر بلاد المسلمين، ويحفظ بلادنا حكومة وشعبًا إنه سميع مجيب الدعاء”.
تداول الشائعات
وفي خطبة الجمعة الماضية دعا الشيخ حسن الصفار المجتمع المحلي إلى التحلي بالجدية واستنفار قواه لمحاصرة مرض “كورونا المستجد” والحدّ من انتشاره، والنأي في الوقت عينه عن تداول الشائعات وإثارة الهلع بشأن المرض. جاء ذلك خلال خطبتي الجمعة الماضي في مسجد الرسالة بمدينة القطيف.
وشدد الشيخ الصفار على التعامل بجدية مع التحذيرات الصحية الرسمية الهادفة لمنع تسلل المرض للبلاد وانتشاره، وذلك بعدم السفر للبلدان التي تشكل بؤراً لهذا المرض. وحضّ المواطنين العائدين للبلاد من دول موبوءة على الخضوع الفوري للفحص الطبي والاستجابة لإجراءات الحجر الصحي، وعدم الاختلاط بأفراد أسرهم وسائر الناس مدة 14 يوماً على الأقل.
ووصف الصفار تساهل العائدين من بلدان ضربها المرض، وفتح مجالسهم لاستقبال المهنئين بأنه يرقى إلى التهاون بصحة الناس وتعريضهم للخطر. وقال إن “التهاون في الخضوع للإجراءات الوقائية يمثل مخالفة شرعية عند إمكانية نقل العدوى للآخرين”.
العادات الصحية
وأمام حشد من المصلّين، شدّد الشيخ الصفار على النأي عن تداول الشائعات وإثارة الهلع بشأن ظهور إصابات “كورونا” في بلادنا. وحثّ على الالتزام بالعادات الصحية المطلوبة دائما وخاصة في مثل هذه الظروف ومن ذلك غسل اليدين وتغطية الفم والأنف عند السعال والعطس.
ودعا إلى ترك العادات التي يمكن أن تسهل انتقال العدوى من قبيل تبادل القبلات والمعانقة و”حب الخشوم” في مختلف المناسبات الاجتماعية. وانتقد في السياق تداول بعض الخلطات العشبية الاعتباطية، باعتبارها وسائل علاجية فعّالة في حين لا تزال أضخم المختبرات العالمية تجهد في البحث عن دواء ناجع للمرض.
وبموازاة ذلك، دعا الصفار إلى التحلي بالطمأنينة وعدم الهلع أو المبالغة في القلق، وذلك باستنهاض مخزوننا الإيماني الروحي. وأضاف أن التوكل على الله يعني الثقة به والاعتماد على لطفه ورحمته وهو ما يؤدي إلى ارتفاع معنويات الإنسان واستنفار طاقته الروحية، فيتحلى بالصمود والثبات أمام أي مشكلة.
وأوضح الشيخ الصفار أن التوكل على الله يعني البحث عن الحلول والسعي لتحقيقها، ولا يعني الاستسلام للمشكلة والخضوع لها. وتابع القول “الفرق واضح بين التوكل والاتكال، فالتوكل يعني السعي لمواجهة المشكلة بينما الاتكال يعني الاستسلام والانتظار دون سعي وبذل جهد”.