صدّق أو لا تصدّق.. “الكنار” المتوفر في مزارع القطيف ليس قطيفياً…! السدر المحلي مهدّد بالانقراض.. شجرته تعيش مع الإنسان.. وترافقه في الموت
القطيف: فاطمة المحسن
من بين أكثر من 20 صنفاً من “الكنار” المزروع محلّياً؛ ليس في أسواق القطيف كلها؛ صنفٌ محلّيٌّ أصليٌّ تقريباً..!
والسبب هو أن الصنف الأصلي؛ بدأ في الانحسار منذ سنة 1985، لتحلّ محله أصناف صينية وهندية، تمّ تطعيمها بعضها ببعض، وصار مُنتج القطيف من الكنار (النبَق)؛ يعود إلى أصنافٍ آتية من وراء البحار..!
شجرتان
في موروث القطيف؛ شجرتان تكادان تصلان إلى حدّ التقديس، شجرة النخيل، وشجرة السّدر. كلتاهما لها وضعٌ خاص.
الأولى تُلازم الإنسان منذ مهده، وتعيش معه في حياته، وتلحق به في لحده.
أما الثانية؛ فهي تعيش معه في بستانه، أو منزله، ويتناول فاكهتها في الشتاء، وحين يموتُ يحتاج إلى ورقها في تغسيله.. يدخل ورق السدر في غسل المَيْت، وهو أول ما يُغسَّل به، قبل الكافور، والماء القراح.. أي الماء الصافي الذي لا يُضاف إليه شيءٌ..!
لهذا السبب؛ اكتسبت شجرة “الكنار ـ السدر ـ النبق” أهمية، فهي طعام من جهة، وطهورٌ من ناحية أخرى. احترمها الناس؛ لصلتهم الروحية بها..!
وتُشبه السدرةُ النخلةَ في بعض الطباع.. كلتاهما تتكاثر عبر جزءٍ من الشجرة.. وتتكاثر بذرياً أيضاً. في حالة التكاثر الأولى تنمو الشجرةُ حاملة خصائص أمها تماماً.. بما في ذلك صنف الثمرة ولونها وطعمها وحجمها.
أما في حالة التكاثر البذري؛ فإن كل شجرة تنمو تخرج بخصائص لا تتطابق تماماً مع خصائص الشجرة التي جاءت منها الثمرة.
ينطبق ذلك على النخلة.. وعلى السدرة معاً.
كنار مستورد
وقبل عام 1985م لم يكن لفاكهة “الكنار” من تحديد لأصنافها غير ما يتم نسبه لمالك السدرة. كان هناك صنفان منها لا ثالث لهما، كنار صغير وكنار كبير. وهو ما ينتجه المزارعون، وينتشر منه نبات بري ثمره صغير بطعم مرّ على أغلبه.
قبل التطعيم
ويذكر المهندس وجيه عياش، وهو أحد المهتمين في المجال الزراعي، أن مزارعي القطيف كانوا ينتخبوا السدرة ـ شجرة الكنار ـ من المزارع المميزة، واشتهرت بعض العائلات الريفية بزراعته وتميزه لديهم، كمزارع الجارودية ومزارع منصور السيهاتي.
ادخال التطعيم
يضيف عياش بأن الكنار وصل إلى مرحلة انخفاض شديد في أسعاره، بعد زيادة العرض على الطلب. وكان لا بد من وضع حلول له، وفي عام 1985م تم ادخال عملية تطعيم أصول المحلي بالمستورد، بعد جلب 3 أصناف من الإنتاج الصيني. وقد اعتمدها المزارعون لتحسين جودة الكنار المحلي. ولون ثمرته يتراوح بين اللون الأخضر الداكن والفاتح واللماع.
ثم جاء الكنار الهندي الذي اكتسح السدر باختلاف أنواعه وأحجامه التي تصل لـ 20 نوعاً، أشهرها التفاحي الذي يصل إلى مثل حجم ثمرة التفاح الصغيرة الخضراء وبطعم الكنار.
وهناك الكنار الكمثري الذي يتخذ اللون البني عند بلوغ نضوجه عن الحد، و تتميز أوراقه باللون الأخضر الداكن غير اللماع.
ومن أسماء الكنار المجلوب من الخارج “أم صليم” الذي يكون ذا ثمر صغير الحجم دون نواة.
ويمتدّ عمر شجرة السدر حتى 100عام، وهي من الأشجار ذات المرتبة الثانية في الزراعة بعد النخيل في المزارع، ويكاد لا يخلو منزل من منازل أهل القرى منها، نظراً لسهولة العناية بها وثمرها الوفير في العام الواحد والقيمة الغذائية له.
تكاثر السدر
ويكمل عياش بأن الكنار فاكهة شتوية ويتكاثر سدرها من خلال زراعة البذور التي لا تنتج صفات الأم وذلك بسبب التلقيح، والنوع الآخر من خلال الإكثار الخضري بالتطعيم لإنتاج أصناف ذات ثمار معينة، وتتم عملية التطعيم بالبرعم والقلم، وأفضل وقت لزراعة السدر هو شهرا فبراير ومارس من العام.
دخل وفير
بمساحة تفوق 500ألف متر، يتم زراعة السدر بأنواعه، يقول عياش بأن دخل هذه الإنتاج “يقوّم أسرّ وعوائل” على حد تعبيره، وتختلف الأسعار في أنواعه بين الـ 15 و 20 ريالاً للصندوق الواحد.