[محاكم] تفاصيل جديدة في قصة القاضي المحكوم بالجلد والغرامة الزوج طالب بتعويض 6 ملايين ريال.. والدائرة حكمت بصرف النظر

المشكلة بدأت في صفر 1434.. وانتهت قضيتها في 1441

القطيف: صُبرة

بدأت قصة القضية في مركز شرطة، شهر رجب 1438هـ، وانتهت في محكمة استئناف في شهر محرم 1441هـ. وقد يتبع القصةَ فصلٌ جديد في المحكمة العُليا في المملكة. وما بين مركز الشرطة ومحكمة الاستئناف؛ عبرت القصة أضابير النيابة العامة وجلسات محكمة جزائية ونظرها 3 قضاة.

وخلُص حكم القضاة الثلاثة إلى الإدانة بـ “إساءة استخدام السلطة واستغلال نفوذ الوظيفة“، ومن ثمّ “معاقبته عن ذلك بتغريمه 10 آلاف ريال، مع جلده 20 جلدة“.

هذا هو ملخَّص قصة القاضي. وقد جاء الحكم بأقلَّ مما طالبت به النيابة العامة في الحق العام، وبأقلّ مما طالب مواطنٌ في الحق الخاص، بوصفه المتضرّر، وصاحب الشكوى التي أطلقت التحقيق في القضية الأصل.

7 سنوات

أما القصة الأوسع أحداثاً؛ فقد بدأت قبل ذلك بكثير.. بدأت في 9 صفر 1434هـ، حين استدعى القاضي مواطنًا في دعوى رفعتها زوجته ضدّه، وألزمه وضع بصمته على “إقرار” تضمّن 5 بنود، خلاصتها أن المواطن يعتدي على زوجته بالضرب المبرّح بحيث يتسبب عنه كسور وجروح وكدمات، وأنه يقذف زوجته، وأنه ممتنعٌ عن الإنفاق الواجب لها ولأولادها، وأنه يطردها من مسكنها بملابسها البيتية ويُلقي بها في الشارع، وأنه اقترض منها مبالغ كثيرة ولم يُسدّد لها شيئاً.

وفوق هذا الإقرارات أضافت الوثيقة إقراراً آخر؛ هو أن الزوج وكّل القاضي وفوّضه في تطليق زوجته منه بما يراه مناسباً.

وعلاوة على مضمون الإقرار الذي يتجاوز مضمونه الصلاحيات؛ عرّف القاضي نفسه بأنه “رئيس محكمة الأوقاف والمواريث”، في حين إنه ليس إلا “رئيس دائرة الأوقاف والمواريث” فقط.

وبعد ذلك بقرابة 9 أشهر؛ فرض القاضي على الزوج توقيع صلح، وتضمّنت وثيقة الصلح دفع 122 ألف ريال، من الزوج إلى الزوجة، علاوة على تعهدات أخرى.

في وثيقة واحدة؛ وصف القاضي نفسه بـ “رئيس محكمة” ثلاث مرّات، وجعل نفسه مخوّلاً تطليق الزوجة، وتجاوز صلاحياته بكثير

مخالفة قضائية

كانت معضلة هذا الإجراء أن القاضي أعطى نفسه موقعاً أعلى منه، ومارس صلاحيات ليس مخُوّلاً إياها. وحين ترافع المدعي العام ضدّه في المحكمة الجزائية حجّه بمخالفة ما نصت عليها المادة 9 من اللائحة التنفيذية لعمل قاضي الأوقاف والمواريث.. وهذه المادة تقول “لا يجوز للقاضي النظر في الإثبات إذا كان فيه خصومة بين أطرافه، أو نشأت الخصومة أثناء النظر، أو وجد اعتراضاً على نظره، ممن له مصلحة فيه، ويكون النظر في ذلك من اختصاص المحاكم”.

تظلم الزوج

بدأت القضية بتظلم زوج من إجراءات قاضٍ، لكنّ المعاملة اتسعت حين انتقلت إلى النيابة العامة. وفي المحكمة؛ أنكر القاضي السابق التهم الموجهة إليه. وبعد مواجهته بالوثائق التي وقّعها بنفسه؛ أقر بـ 7 اتهامات على الأقل، ابرزها مخالفة المادة 9 من اللائحة التنفيذية لعمل قاضي الأوقاف والمواريث.. كلّ ذلك حدث في جلسة يوم 7 رجب 1438هـ.

حاول القاضي السابق تبرير مخالفته بأنه مارس ذلك بصفته الشخصية، وليس بصفته الرسمية.. لكن سرعان ما انهار التبرير أمام وثائق الدائرة التي كان رئيسها، بإثبات توقيعه عليها، وختم الدائرة نفسها. فما كان منه إلا إيجاد تبرير جديد؛ هو أنه “جعل طلاق زوجة المدعي بيده من أجل الضغط عليه للقبول بالشروط”..!

إنكار الاتهام

في جلسة لاحقة؛ حضر المدعي العام والمدّعىْ عليه “القاضي السابق”، إضافة إلى الزوج الذي بدأ التظلم ضدّ القاضي السابق. إنها جلسة “المرافعة”، حسب الاصطلاح القضائي. عُقدت الجلسة يوم الخميس 6 من ذي القعدة 1439هـ، ونُظرت من 3 قضاة أيضاً. وحسب نص الصكّ؛ فإن الجلسة كانت مليئة بالتفاصيل. وخلاصتها أن القاضي السابق أنكر اتهام المدعي العام إياه بـ “إساءة استعمال السلطة”، وما تعلّق بها.

6 ملايين

وهنا؛ جاء دور الزوج ليُدلي بدلوه في القضية بصفته متضرّراً، حسب دعواه.. الزوج وصف القاضي السابق بأنه كان “يتصرف من عندياته ويضرب بالأنظمة عرض الجدار”، واتهمه بقوله “أجبرني على التوقيع بما ليس لي علم به، مستغلاً إني أمّي”. وأضاف “حكم عليّ وألزمني بدفع مبلغ وقدره 122 ألف ريال لزوجتي الناشز [على حدّ وصفه] بدون وجه حق”.

الزوج حمّل القاضي السابق مسؤولية تدهور العلاقة بينه وبين زوجته وأولاده.. وقال في مرافعته “كنت آمل أن تعود لي زوجتي، وإذا بها قد تمردت عليّ وأخذت أولادي الستة ورفضت العودة للبيت بسبب التشجيع الذي وجدته عند المذكور”، يقصد القاضي السابق.

وبناءً على ما رآه الزوج ضرراً؛ طالب بتعويض مالي يصل إلى 6 ملايين ريال من القاضي السابق. وبرّر الزوج مطالبته بأسباب كثيرة، بينها التفريق بينه وبين زوجته وأولاده، إضافة إلى المخالفات التي ارتكبها القاضي السابق، فقد “قام بعمل قاضٍ في المحكمة العامة، وقام بعمل قاضي تنفيذ”.

مطالبات الزوج بالحق الخاص

تأجيل النظر

وبالمقابل؛ رفض القاضي السابق اتهامات الزوج، وطلب صورة مما ذكره ليتمكن من الرد عليه.. ثم تأجل النظر في القضية إلى 27 صفر 1440هـ، حيث حضر المدعي العام والمدعي بالحق الخاص “الزوج”، وتخلّف المدّعى عليه “القاضي السابق”، وحضره عنه وكيل. وبدوره بدأ الوكيل برفض اتهام الزوج، واصفاً شكواه بأنها “اشتملت على كثير من التناقضات”. وهنا بدأ الأخذ والرد والتفصيل في اتهامات الزوج والدفاع عن القاضي السابق.

وبعد ذلك تأجلت الجلسة إلى 15 جمادى الأولى 1440هـ. وحين عُقدت الجلسة ـ في التاريخ المحدد ـ ردّ الزوج على رد وكيل القاضي السابق.. كان ردّاً مطوّلاً مثل رد الوكيل المطوّل..

الحكم والتأييد

استطالت القضية، ما بين دعوى وإجابة.. وفي النهاية؛ خلص القضاة الثلاثة إلى النتيجة.. وتضمنت النتيجة الحكم بصرف النظر عن طلبات المدعي بالحق الخاص.. الزوج.. والسبب “عدم البيّنات عليها”.

أما الحق العام؛ فقد حكمت الدائرة بإدانة القاضي السابق بـ “إساءة استعمال السلطة، واستغلال نفوذ الوظيفة، ومعاقبته عن ذلك بتغريمه 10 آلاف ريال، مع جلده 20 جلدة”.

بعد صدور الحكم؛ لم يعترض المدعى عليه “القاضي السابق” عليه.. بل اعترض الطرفان الآخران.. المدعي العام والزوج.. وهو ما دعا الدائرة إلى رفع أوراق القضية إلى محكمة الاستئناف التي أيدت الحكم في شهر صفر 1441هـ.

 

ملخّص القضية

ملخص قضية القاضي

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×