يا نزلاء سجن المباحث.. عودوا إلى مجتمعكم أحراراً آمنين مؤهّلين برنامج "بناء" يخرّج 31 نزيلاً مؤهلاً وسط حشد من الأهالي والمثقفين والإعلاميين

الدمام: ليلى العوامي، جمال أبو الرحي

31 نزيلاً في سجن مباحث المنطقة الشرقية؛ عادوا إلى مجتمعهم أحراراً آمنين مؤهلين لحياةٍ صالحة. هذا ما احتفل به المجتمع، مساء البارحة، في الحفل الذي نظمته مباحث المنطقة، وسط حشدٍ حاشدٍ من الأهالي والمسؤولين والمثقفين والإعلاميين، اكتظت بهم قاعة فندق نوفتيل.

ولاحق التصفيق أسماء الخرّيجين قبيل نهاية الحفل، بعد سلسلة من فقرات خطابية قدّمها نخبة من وجوه المجتمع في القطيف والأحساء، احتفالاً بنجاح برنامج “بناء”. كما شهد الحفل أفلاماً وثائقية، ومشهداً مسرحياً، وقصيدة للشاعر محمد الجلواح.

استعادة الأدوار

أحد النزلاء الخرّيجين كانت له كلمة باسم زملائه، أكد فيها “استعادة أدوارنا كطبيعيين مواطنين فاعلين إيجابيين لخدمة وطننا الغالي وولاة الأمر حفظهم الله تعالى”، مشيراً إلى “ما قدمه البرنامج من مواد علمية وعملية أوجدت طاقات مؤهلة لمتطلبات سوق العمل”.

تقوم فكرة “بناء” على برنامج متكامل لرعاية النزلاء وتأهيلهم، ويمرّ بـ 5 مراحل، تنتهي بإعداد النزيل للعودة إلى المجتمع مؤهلاً قادراً على المشاركة في البناء والحياة العامة، على نحو إيجابيّ.

ويستعين البرنامج بنخبة من الاختصاصيين الاجتماعيين والنفسيين والمهنيين السعوديين للتحاور مع النزلاء، ومساعدتهم على اكتساب مهارات متنوعة.

عرس ثقافي

الدكتور منصور القطري، أحد المتخصصين السعوديين الذين انضمّوا إلى البرنامج، ومساء البارحة وصف الحفل بأنه “عرس ثقافي”، وبارك “للأخوة المستفيدين نجاح هذا البرنامج الرائع الذي قدم باقة متكاملة من الأنشطة والمهارات النفسية والاجتماعية في تنمية القدرات وتطوير الذات معززةً بالأخلاقيات الدينية والوطنية التي تم تضمينها في البرنامج بعناية وإتقان واهتمام”.

وأضاف “من أجل ذلك نقول لفرسان هذا لحفل ونجومه اللامعة إن برنامج الرعاية والتأهيل (بناء) هو برنامج اجتماعي ريادي يعمل على الحد من التطرف ويسعى الى تحقيق السلامة الفكرية وتعزيز الوحدة الوطنية وتأصيل قيم التسامح والتآخي والتعايش السلمي بين كافة أفراد المجتمع”.

حقيقة واضحة

قاضي دائرة الأوقاف والمواريث في القطيف الشيخ عبدالعظيم المشيخص قدم كلمة مطوّلة؛ خلُص فيها إلى الإشارة إلى من تخرجوا من مركز الرعاية و التأهيل.. وخاطبهم قائلاً “أرجو أن تفهموا حقيقةً واضحةً ناصعةً لا يختلف فيها اثنان أن أمن بلادكم حياتكم وأن سلامة ترابه من العبث هي سلامة أنفسكم نحوا الطهارة والسمو والرقي”.

وقال إن “مشاركتكم في تنميته في كافة المجالات أمرٌ واجبٌ على كل مواطن لقول النبي محمد حب الوطن من الإيمان وحب الأوطان عشق المخلصين لأن الوطن حياتكم عزكم مجدكم هيبتكم بين العالم إن خسرتموه خسرتم معه كل شيء”.

وأضاف “من هذا المنطلق و بإسمي و باسم أهالي محافظة القطيف أرفع أسمى آيات التهنئة على كل الجهود التي يبذلها جهاز أمن الدولة في حفظ الأمن و الأمان و ما يقدمه من إنجازات كبيرة على كافة الأصعدة في تطوير و تأهل الموقوفين نحو حيات أفضل، ولا يسعني إلا أن أقول لهم بإخلاصٍ شديد يرددها كل مواطن سعودي مخلص لوطنه السعودية ُ لنا و نحن أبناؤها و سنبقى أوفياء لها ما بقي الدهر ما بقى الدهر”.

خمس منشآت إصلاحية

كامل الخطي قدّم كلمة الأهالي، وقد ركّز فيها على أن “مسألة إصلاح السجون تحظى باهتمام علمي وسياسي على صعيد دولي، وقد أدى هذا الاهتمام إلى الانتباه إلى ضرورة ايجاد منشآت إصلاحية لاستقبال النزلاء الذين أوقفوا على خلفية قضايا متعلقة بالتطرف الفكري المؤدي لارتكاب أعمال عنف، وفصل هذا النوع من النزلاء عن النزلاء الموقوفين على خلفية قضايا جنائية غير مرتبطة بالفكر المتطرف، وأطلقت لهذا الغرض تجربة في الفيليبين يشرف عليها المركز الدولي لمكافحة الإرهاب في لاهاي، ومكتب الأمم المتحدة الإقليمي لنزع التطرف ومكافحة الإرهاب، ولم تظهر النتائج النهائية لهذه التجربة حتى الآن”.

وعطف الخطي كلمته على تجربة المملكة التي “أنشأت خمس منشآت إصلاحية مركزية متخصصة في كلٍ من الرياض وجدة والدمام والقصيم وعسير، تقوم باستقبال نوع بعينه من الموقوفين، وتوظف حكومة المملكة موارد هائلة لإدارة هذه المنشآت وإدارة شؤون نزلائها، وتسعى السلطات المكلفة بإدارة هذه المنشآت بكل إمكاناتها إلى تجنيب النزلاء الوقوع في الموت الاجتماعي والخروج من سيرورة الوقت، وذلك عبر برامج متنوعة، منها الإنتاج الفني والإعلامي وتوفير أماكن ممارسة الهوايات والمهن، وممارسة الرياضة، وكذلك إدارة النزلاء الذاتية لكثير من شؤونهم، وقد توجِتْ هذه الجهود بتأسيس مركز محمد بن نايف للمناصحة والرعاية الذي يقوم بعمليات المعالجة الفكرية المعززة لمنظومة الأمن الوطني وفق المبادئ الإنسانية، وذلك بترسيخ الاعتدال الفكري والانتماء الوطني، والبناء المعرفي والسلوكي للمستفيدين، وتعزيز فرص اندماج المستفيدين في المجتمع، وبناء المعرفة والعمل وفق أفضل الممارسات المعنية بالتعامل مع قضايا التطرف الفكري. قامت هذه المبادرة الرائدة على مرتكزات استراتيجية منها التكامل المجتمعي، والتعاون مع المنظمات الحكومية وغير الحكومية، ومواكبة المتغيرات، والعمل على عودة المستفيدين للحياة الطبيعية، وتعزيز المواجهة الدولية لظاهرتي التطرف والإرهاب”.

وخاطب الخطي النزلاء بقوله “أيها المستفيدون الأعزاء، إنكم أبناء هذا الوطن، وقد عايشتم بأنفسكم كيف أن حكومة وطنكم بقيادة مولاي خادم الحرمين الشريفين، وسمو سيدي ولي العهد الأمين، قد أخذت بيدكم إلى شاطئ الأمان، وفتحت ذراعيها لتحتضنكم، وقدمت لكم الرعاية والحماية لتعودوا لأسركم ووطنكم أبناء بررة صالحين”.

ليس إنجازاً عابراً

بلدية محافظة القطيف كانت حاضرةً في الحفل أيضاً. وكان حضورها لتكريم النزلاء الذين شاركوا في إعداد وتنفيذ أكثر من 20 علم سعودي للمشاركة بها في احتفالات اليوم الوطني.. قبل ذلك؛ أدلى رئيس البلدية المهندس محمد الحسيني بكلمة أشار فيها إلى “التحول الكبير الذي صنعه برنامج الرعاية والتاهيل “بناء”، ووصفه بأنه “ليس انجازاً عابراً، وإنما هو تحول في ثقافة ووعي جزء من أبنائنا ومحاولة بكل عزم وإصرار لإنقاذهم من طرقات هالكة الى طريق العزة بفضل الله ثم بتوجيهات كريمة من حكومة هذه البلاد المباركة بقيادة خادم الحرمين   وولي عهده الأمين حفظهما الله”.

كما أشار الحسيني إلى “الشراكة المجتمعية بين مؤسسات الدولة المختلفة”، وقال “نقف يداً بيد مع القائمين على هذا البرنامج داعمين لهم  في مخرجاتهم على الصعيد العلمي والعملي رالاجتماعي لنكون شركاء في تلمس احتياجات المستفيد والعمل على تلبيتها مما يحقق رؤية الدولة ورؤية البرنامج وأهدافه السامية”.

وقال “إن ما صنعه أبناؤنا المستفيدون بمناسبة اليوم الوطني هو محط الفخر والاعتزاز لنا جميعاً، ويعكس مدى حبهم وصدقهم وولائهم وانتمائهم لوطنهم ووحدتهم، وهو ليس بغريب عليهم”.

 

.

.

 

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×