الحسين يتجدّد شعراً في وسائل التواصل الاجتماعي شعراء القطيف الشباب في منصّات فيسبوك وتويتر وواتساب
القطيف: فاطمة المحسن
على نحوٍ يومي، وشبه يومي، تتناقل وسائل التواصل الاجتماعي في القطيف، نتاج الشباب من شعر كربلاء وعاشوراء، في مقاطع يتداولها المهتمّون بالشعر والمتأثرون بأجواء الأيام العشرة. ويقع شعر أهل البيت، مدحاً ورثاءً، في صلب الموروث العقدي والثقافي في المحافظة، منذ أزمنة قديمة. وما زال امتداده قائماً جيلاً بعد جيل، في وسط الأدباء والشعراء، ومن النادر خلوّ سيرة شاعر من القطيف من شعرٍ متأثر بواقعةِ كربلاء التي يُحييها الناس سنوياً.
شعر الحسين
شعر الحسين في القطيف، يتوالد في إنتاج الشعراء، وتأتي أيام عاشوراء لتغذّي انفعالات الشعراء، فيكتبوا بكثافةٍ أكثر. ومنذ مطلع المحرّم، تشهد وسائل التواصل الاجتماعي منبراً جديداً لنشر الإنتاج الجديد. ويُشبع الشعر بكلماته العواطف التي ترتبط بالإمام الحسين، بدءاً بالشوق والاعتراف بما يُصيب المرء منه، وصولاً إلى التساؤل فيه.
المنبر الجديد لم يعد نصّياً صرفاً، بل هناك من استخدم مقاطع الفيديو ليُلقي شعره بنفسه، مثل الشاعر أمجد المحسن وحبيب المعاتيق. وهناك من استخدم الرسائل الصوتية مثل الشاعر محمد أبو عبدالله. لكن الغالبية فضّلت النصوص المكتوبة ونشرها عبر “فيس بوك” أو “تويتر”، و “واتساب”.
ومنذ بداية الشهر؛ ينشر محمد أبو عبدالله، يومياً، نصوصاً متسلسلة تحمل عنوان “مشيئة”، ولكل نصّ عنوان فرعي. في البداية كان ينشر نصّاً مكتوباً، ثم تحوّل إلى نصّ صوتي مشفوعٍ بنص مكتوب أيضاً..
يقول في نص مفتوح على معانٍ متعددة “مشيئة للدخول”:
آذيتُ مسراكَ بي ولم أضِعِ
كنتُ بحريتي، وكنتَ معي
يأتي المحبون (للعراقِ) منىً
وكنتُ آتيكَ حاملاً طمعي
مبعثر ربما وليس سوا
كَ في رجائي يرد لي قطعي
لم تختلف فكرتي إذ اختلفت
فيك الشعارات بين مجتمعي
نزلتَ كالوحي لا تهرّبهُ الـ
أهواء من منفذٍ إلى البدعِ
لما تنهدتَ في (الدخولِ) أهل
كان من الحب؟ أم من الوجعِ؟!
هل كنت تصغي إلى الرمالِ؟ أم الـ
ـرمال تصغي إليكَ في ولعِ؟!!
بأي غيبٍ بدأت تخبرها
حتى ترجلتها ولم تقعِ؟!!
أجندة عاشورية
أما أمجد المحسن؛ فقد حرص على نشر صوته أيضاً على خلفية فيديو، وهو يمارس الشعر في يومياتِ تتابع “أجندة” عاشوراء السنوية، ومن خلفية تاريخية يحاول المحسن أن يستوقف الشخصيات المتصلة بسيرة الحسين وكربلاء. وفي استيقافه لشخصية هانيء بعروة الذي قُتل مع مسلم بن عقيل في الكوفة؛ يقول المحسن:
سلِّم على هاني بْن عروةَ أصلبِ الدّنيا شكيمة
بلّغه أنّ الوحشَ ذا الأنيابِ أصغرُ من خصومة
إنَّ الظليمةَ في مُعاداةِ النَّدى .. كلَّ الظليمة
طبعُ الّلئامِ ، وما الذي في وُسعها الرُّوحُ اللئيمة؟
هذا ابنُ عمِّي في صفاتِ الآدميين العظيمة..
لمّا هُمُ احتشدوا عليه .. كخاسِرينَ على هزيمة!
نحنُ العُطاشى يا بْن عمِّي، لو تفدّيك العمومة
مرِّرْ لنا مِن بيتِ طوعةَ شَربةً أو بعضَ دِيمة!
مَطَرٌ سُقوطُكَ.. مِن أذانِ الله في يدهِ الكريمة!
شرفات
علي العوازم ينشر نصوصاً أيضاً.. ووردت بعض نصوصه ضمن سلسلة تحمل عنوان “شرفات عاشورائية” ينشرها بعض الشبان، وفيها “الشرفات” مختارات تسرد سيرة الحسين، عليه السلام، شعراً.. وجاء في بعضها:
وَحدِي فَقَد رَحَلُوا عَنّي وَقَدْ يَئِسُوا
مِنِّي وأَعيَا سُقَامِي مَنْ يُدَاوِينِي
قَدْ مَلَّنِي الدَّربُ إِذْ لَا (عِيْسُ) أُبْصِرُهُ
أَوْ نَسمَةٌ مِنْهُمُ تَشْدُو فَتُحيِينِي
هـٰذي (المَدِينَةُ) تَنعاهُمْ فَتَذْبَحُنِي
أَحُسُّهَا أَلَمًا يَكوِي شَرَايِينِي
وَالحُزنُ أنَّى أُوَلِّي يَقتَفِي أَثَري
وَكُلُّ زَاويَةٍ تَبدُو كَسكِّينِ
أُعَانقُ (المَهْدَ) كَيْ أَغْفُو فَتُؤلِمُنِي
لَوَاعِجُ الشَّوقِ إذْ تَبْدُو تُنَادِينِي
أُعانِقُ القَلبَ بِالذِّكرَى فَتُوجِعُنِي
وَفِي دَمَي ذَبُلَتْ غَضُّ الرّيَاحِينِ
(أبي) إذا قُلتُهَا سَكَّنْتُ مِن وَجَعِي
وَالدِّفءُ فِي أَضْلعِي يَجرِي وَيَحِوينِي
خُذنِي إِلَيكَ فَما ذنْبي لِتترُكَنِي
قَاسَيتُ فِي وَحدَتِي ما كان يَكفِيني
أنا (العَلِيلَةُ) كَمْ مَلَّ الفُؤَادُ شَجًى
وَلَا يُهَدْهِدُهُ إلاكَ فِي الحِينِ
جهات آل عمار
وعلى طريقة “لزوم ما لا يلزم”، وهي الطريقة الشائعة بين كثير من الشعراء الشباب؛ يقول حسين آل عمار في نص “جهةٌ رابعة”، مستوقفاً مأساة مسلم بن عقيل:
قلبٌ كوجهِ الماءِ سنَّ طهارتَه
وأقامَ في أرضِ الغرامِ سفارتَه
قلبٌ إذا اشتعلَ المدى بدمائهِ يعلو،
وينصبُ في العراق قيامتَه
أولاه سيّدهُ الطريقَ، فلم يزل
يمشِي ويزرعُ بالورودِ مسافتَه
فكأنهُ ملكَ الوجود بضحكةٍ
أجرت على سمع الزمانِ حكايتَه
فاندكّ كالطودِ العظيمِ وهكذا
سنّت مكابدةُ الظلامِ مهابتَه
في باب طوعةَ والطريقُ مغلّقٌ
والوقتُ وشوشَ للمكانِ تلاوتَه
(ظمآن) تسلبهُ الرياحُ رواءَهُ
ما سلّبت منهُ الأنامُ إرادتَه
حتى إذا شدّوهُ نحو فنائهِ
أجرى على حكمِ الطغاةِ سيادتَه!