أسّس أول مكتبة في العوامية.. المرهون يُهندس الحنين الشخصي في متحف خطاط.. رسّام.. شاعر.. هاوي عملات.. ومُولع بجمع التحف

العوامية: معصومة الزاهر

في عام 1983؛ أسّس أول مكتبة تجارية مرخّصة في العوامية. كان موقعها في الجزء الجنوبي الشرقي من البلدة، مقابل الحي الذي كان يُعرف بـ “المنيرة”. استمرّت المكتبة 5 سنوات. لكنّ تلك السنوات القليلة لها أثرها في يافعي عقد الثمانينات الذين كانوا يصطفون أمامها عصر كل أربعاء لشراء مجلة “ماجد”.

زبائن المكتبة من الكبار تعلقوا بها أيضاً، لكونها الوحيدة في البلدة، ولأنها كانت توفّر عناوين كتب مطلوبة في تلك المرحلة، كما وفّرت الأدوات القرطاسية والمجلات والصحف.

لكن معلم التربية الفنية جعفر المرهون اضطرّ إلى إغلاق مشروعه، عام 1988م، بعد ارتباطه بإكمال دراسته الجامعية، وتحسين مستواه الوظيفيّ.

متعدد المواهب

لم يكن بيع الكتب وتدريس الفن التشكيلي هما ما شغلا اهتمام جعفر المرهون فحسب. الرجل متعدّد في مواهبه. لديه حسُّ فنّان شديد الشغف. كتب الشعر الشعبي ونشر مجموعة واحدة “قمر ليلاك”. مارس الخط العربي، وتعاطى الرسم، وما زال يحتفظ ببعض أعمال شبابه في الرسم التأثيري الذي تُستخدم فيه السكين.. إنه الأسلوب الذي ابتكره فان جوخ فيما بعد عصر النهضة..

لديه ولع بالأعمال اليدوية المتصلة بهذين الفنّين. لديه ولع بإعادة التدوير. لديه ولَع بأشيائه الخاصة، وأشياء عائلته، إلى حدّ الاحتفاظ بها لعقود طويلة.

مُتَيْحِف…!

وحين زارته “صُبرة” في مجلسه الصغير؛ وجدت “مُتَيْحفاً” يحتلُّ ربع مساحة المجلس. المساحة الصغيرة جداً، مهندَسَة ببراعة على مقاس حنين المعلم المتقاعد. جزءٌ من حياة عائلته يسكن هذه المساحة، كما يسكن حنينه. كأسُ زجاج كان والده يستخدمه، دولابٌ صنعه والده بنفسه، ساعة الوالد الـ “ويستن”، كاميرا فيلمية من السبعينيات، أزياء نساء قديمة، فخاريات، أوانٍ.. أشياء جمعها ورتّبها في أرفف صغيرة جداً، وهو من صمّم ونفّذ المكان بيديه..!

600 قطعة

ترتيبٌ دقيق لقرابة 600 قطعة من فلكلور المجتمع المحلي في القطيف، والعوامية بوجه خاص. ويكاد يرتبط أكثرها بشأن شخصي أو عائلي لدى المرهون. إنه يحتفظ بأدواتٍ استخدمها شخصياً، وأشياء عدّلها وأعاد تدويرها، وهدايا، وجوائز.

يُضاف إلى ذلك ما جمعه من هواياتٍ أخرى، مثل العملات، وأشرطة الـ “كاسيت” و الـ “كاتْرِج”، لأغانٍ كلاسيكية عربية. وفي المكان الصغير يعبّر الفنان عن مزاجٍ عالٍ. أغاني السيدة أم كلثوم وفريد الأطرش يسمعها كما كان قبل 40 سنة.

كتابة سيرة

بعد 32 عاماً على مشروع المكتبة؛ يتذكّر المرهون مكتبة “الحكمة”، قائلاً إنه أسّسها لملء فراغه. كان شابّاً في الـ 24، ولم يمضِ على تعيينه معلماً في صفوى إلا أقل من 5 سنوات. وكان يحمل رخصة “خطّاط” من وزارة الإعلام. فكانت الفكرة هي تغيير نشاط الترخيص، والبدء بمشروع من جديد.

أما المتحف الصغير الذي يملكه؛ فهو نتائج هواية بدأها مذ كان طفلاً.. كان يجمع ما يلفت نظره، ليحوّله إلى شيء ممتع. في المكان واحدة من كرات جوز الهند، يحتفظ بها منذ سنة 1393هـ. أخذها، وبشرها، وعدّلها، وكوّن منها مجسماً جمالياً. ومنذ 47 سنة وهي في حوزته..!

هذا الاعتزاز الشخصي جداً، جعل منه عاشقاً مستمرّاً للحنين. المرهون المولود سنة 1379هـ يدوّن سيرة حياته عبر أشياء استعملها واقتناها. ويكتب بعض سيرة عائلته من “ملّاس”، أو “طاسة”، أو “دافور”، أو “مكحلة”.. المتحف الصغير سجلّ حياة إنسان لديه حسٌّ خاص..!

جعفر أحمد علي المرهون

  • مولود في العوامية، 1379هـ.
  • درس الابتدائية والمتوسطة في مسقط رأسه.
  • أكمل الثانوية في تخصص التربية الفنية في الرياض وتخرج عام 1398.
  • بدأ معلماً في مدرسة علي بن أبي طالب في صفوى لمدة 6 سنوات.
  • عاد إلى الرياض لإكمال دراسته في الكلية المتوسطة.
  • قضى 34 سنة في التعليم وتقاعد مبكراً.

 

القمبار
القمبار

 

 

 

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×