“سَجْرَةْ ضَوْ”.. كلمة قطيفية دفنها الغاز والكهرباء
يبدو أن لهجات القطيف القديمة (قبل النفط) لم تكن تستخدم كلمة “نار” في التخاطب النمطي اليومي، على الرغم من وجود صيغ “جاهزة” مرّت منها الكلمة، مثل “يا نار اكْليْ حطبْ”..!*
التخاطب اليومي كان يستخدم كلمة “ضـَوْ” للدلالة على “النار”. ويستخدم كلمة “ضـَوَىْ” للدلالة على “الضوء”. وفي القطيف الـ “ضَوْ” يختلف عن “الضَوَىْ”..!
وحين يشيرون إلى “نار” أو “حريق” فإنهم يقولون:
حريقةْ ضَوْ: حريق.
شبّتْ ضَوْ: اشتعلت نار.
ضـَوْ لِيف: نار سريعة الانطفاء (كناية).
سَـجْرةْ ضـَوْ: موقد مشتعل.
وكلّها تعبيراتٌ تتحدّث عن “الضّوْ” بمعنى “النار”. وذلك مختلف كثيراً ـ من الناحية الدلالية ـ عن الضوء الذي تُعرّفه معاجم اللغة بـ “الضياء” المرادف لـ “النور”.
والتعبير الأخير “سَـجْرةْ ضـَوْ” واحدٌ من التراكيب البلاغية التي انقرضت من ألسنة القطيفيين. سبب الانقراض وجيهٌ جداً، فالناس لم يعودوا يستخدمون المواقد الطبيعية. لديهم أفرانٌ وأجهزة تدفئة توفّر لهم النار والحرارة بلا دخان الحطب والعصي والخوص والليف..!
وعلى الرغم من أن كلمة “ضَوْ” ما تزال مستعملة؛ فإن كلمة “سَجْرهْ” لا يعرفها إلا كبار السن.. والكُهول. وبعض حواضر القطيف تنطقها “سَيْرهْ“..! والكلمة ـ بالجيم أو بالياء ـ فصيحة تماماً، وأصيلة في اللسان العربي ومعاجمه:
الـ “سَجْرهْ” اسم مرّة من السجْر..
يقول لسان العرب:
والسَّجْرُ إيقادك في التَّنُّور تَسْجُرُه بالوَقُود سَجْراً.
والسَّجُورُ اسم الحَطَب.
وسَجَرَ التَّنُّورَ يَسْجُرُه سَجْراً: أَوقده وأَحماه، وقيل: أَشبع وَقُودَه.
والسَّجُورُ: ما أُوقِدَ به.
والمِسْجَرَةُ الخَشَبة التي تَسُوطُ بها فيه السَّجُورَ.
وفي الصحاح في اللغة:
السَجورُ: ما يُسْجَر به التَنُّورُ.
وفي القاموس المحيط:
سَجَرَ التَّنُّورَ: أحماهُ،
والسَّجُورُ: ما يُسْجَرُ به التَّنُّورُ،
كالمِسْجَرِ.
أما مقاييس اللغة فيقول:
سجرت التّنُّور، إذا أوقدتَه، والسَّجُور: ما يُسجَرُ به التّنُّور. قال [الشاعر]:
ويوم كتَنُّور الإماءِ سَجَرْنَهُ
وألَقْيَنَ فيه الجَزْلَ حَتَّى تأجَّمَا
———————-
* يا نار اكْلي حطب: مثل يحمل معنى المثل الشعبي الشامي القائل “فخّار يكسّر بعضه”.
حبيب محمود