على خيول حجرية.. كمال المعلم يُسافر من إيطاليا.. إلى الصين يستثمر ضيق الوقت لإثبات ذاته وإمكاناته
القطيف: شذى المرزوق
ما زال النحات والفنان التشكيلي السعودي كمال المعلم يجوب الأرض بخَيله، التي نحتها بفكره قبل يديه، ليطرح من خلالها رؤيته الفنية، التي تمكنه من الانفتاح في مضمار عالمي ثقافي، متنوع. وسافر المعلم ممتطياً خيله، من ايطاليا للصين شرقًا، مرورًا بدول الشرق الأوسط والخليج العربي، حتى آخر مشاركاته في ملتقى تطوان الدولي للنحت في المملكة المغربية غربًا، للمشاركة في السمبوزيوم، الذي اختتم 23 من يونيو الماضي.
جولة المعلم في المغرب، شهدت منحوتة جديدة لحصان صغير، بمقاسات 106×30×30 cm، مستخدماً فيها أسلوباً مبدعاً، بعد أن نجح في الوصول للمعادلة الفنية، التي جعلت منه فنانًا معاصرًا مختلفًا، وتضمن العمل حصاناً برأسين، ينظران للأعلى، بتكوين بسيط وحديث، واعتبر المعلم ذلك اشارة لما نراه على سطح الأرض من تناقض الخير والشر، وكذا الفرح والحزن، أو حتى تناقض اللونين الأسود والأبيض.
وفي جولة الصين، تجسد حصان المعلم، في ثلاثة مجسمات فنية مذهلة، توسطت “بارك الصين”، تمثلت في حرير الخيل المجسم، حيث نحت صورة فرس تلد ابنها، في مقاس كلي 3 أمتار (طول) × 2 متر (عرض)، وبارتفاع 2,5 متر، مثبت بـ3 أرجل فقط، على قاعدة من الجرانيت، والمنحوتة نفذت من البرونز والستانلستيل، وعرض في مدينة تشانغشون عام 2008. استأنف المعلم في العام التالي مباشرة (2009)، المشاركة بحصان “عنتر وعبلة”، بمقاس 2,5×4×4 متر بمدينة شوانينق، وعلى خلاف مجسم “عنتر وعبلة” الذي ثبته على رجلين، تحدى المعلم نفسه، ومثل مجسم “العاديات” على رجلٍ واحدة، وذلك في المشاركة التي أتت بعد تلقيه دعوة من وزارة ثقافة الصين عام 2011، ليستلهم في حصانه البرونزي صفات الحصان القوي، الذي تحتدم حوافره الأرض من قوته، وسرعة انطلاقه، كما تصف ذلك سورة “العاديات” وبمقاس 4×5× 6 أمتار، أنجز المعلم تحفته الفنية ذات التصميم الإنسيابي الجامح، لينتصب في أحد أكبر حدائق جمهورية الصين.
وقال المعلم في حديثه لـ”صُبرة” إن كل هذه التناقضات، هي من أجل الإنسان الذي هو مزيج بين نقيضين أيضًا: النفس والجسد، فالأولى خالدة، ترتقي للأعلى، والجسد يفنى للأرض، وبينهما السنبلة التي تمثل العطاء والخير، مستشهدًا بالآية الكريمة: “كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة”.
وذكر المعلم أنه ثبت منحوتته المغربية على وحدة من الزخرفة الجبسية، في إشارة منه إلى الزخرفة التي تزخر بها بيوتنا العتيقة، وذلك من باب الانتماء للهوية وتمثيلها في كل مكان من العالم.
وشرح المعلم رؤيته الفنية في المنحوتة، وقال إنه وضعها في مقارنة بين نقيضين أيضًا، من الناحية الفنية، فما بين نعومة الخط وخشونة الحجر، عمد المعلم إلى أن ينفذ هذه التحفة، التي تشير لعنوان الملتقى “الأرض”، منوهًا أنه عند خط أي عبارة، يحتاج الخطاط إلى وقت كافٍ لتنظيفه وتزيينه، وكذلك النحت على الحجر، فهو يحتاج الفنان في النهاية، لوقت لتنظيفه، وهذا هو المهم في المنجز الفني”.
وعن مدة العمل، ذكر المعلم أن “هذه هي المرة الأولى له التي يضع فيها أسلوبه على حجر، في وقت ضيق استغرق ثلاثة أيام ونصف اليوم، فيما كانت بقية الأيام من نصيب الزيارات والفعاليات والندوات الفنية في الملتقى”.
وعن الأدوات، قال المعلم: “النحت على الرخام يحتاج إلى حذر وصبر ومعرفة بالأدوات وأنواعها وكذا طريقة استخدامها”، وهذا ما دفع بالمعلم بأن يدخل في التشريح للحصان برؤيته الخاصة، بعد أن تعرف على ماهية الأدوات إلى حد ما، خلاف المشاركات السابقة، وتنفيذ الأعمال التي تعتمد على التكوين، مستثنيًا السرج في ملتقى المدينة، وحدوة الحصان في سمبوزيوم مسك الرياض.
وعن المزعج في النحت على الرخام قال المعلم: “الوقت ثم الوقت ثم الوقت”، مؤكدًا أنها تستغرق وقتًا مطولًاً وتحتاج لوقت عمل كاف”. مع ذلك، يرى المعلم أن من ايجابيات ضيق الوقت، أن “تعمل بجد وتثبت ذاتك وامكاناتك الفنية في وقت محدد”، معتبراً بأن لكل لقاء اضافة وإن وجدت السلبيات .
يذكر أن الفنان المعلم، يمتلك قامة فنية متميزة، وهو حاصل على بكالوريوس فنون جميلة بدرجة امتياز من اكاديمية الفنون الجميلة بفلورنسيا (ايطاليا) عام 1982، ومثل المملكة في عدد من المعارض والمحافل الدولية والاقليمية، كان آخرها ملتقى تطوان بالمغرب، واحتفت هذه الدورة بالمملكة العربية السعودية كضيف شرف.