يعزّ عليّ ألّا أحضر تشييعه
السيد حسن السادة
معرفتي بالملا حسن آل باقر، رحمة الله عليه، تحت منبره في الجارودية عندما كان يقرأ مجالس العزاء على أبي عبد الله عليه السلام في حسينيتي المعراج وآل عبد اللطيف. كان متميزاً في قراءته خطابته، وفي السيرة وفي النصح وفي الفقه، كان يعطي الإرشادات الدينية، وكان من أوائل الخطباء الذين يبينون الأحكام الشرعية على المنبر الحسيني.
وأتذكر حينها أن الآباء يتحدثون عن هذه الأحكام وجيل الشباب وقتها يتناقشون معه حولها، فكان نعم الأب المربي في تعامله وحسن تناوله لهذه الأمور.
***
عندما سافرنا إلى الشام للدراسة الحوزوية؛ هناك التقينا به في ذلك الوقت في أسفاره، حيث كان يأتي مع مجموعة من المسافرين من أهالي بلدته أو القرى المجاورة، وكان أغلبهم من كبار السنة ويعتني بهم أشد العناية.
كان رحمة الله عليه محافظاً على القرآن الكريم، وعلى صلاة الليل والعبادات، وكان يرعانا كطلبة العلوم الدينية بالمحبة، وكان دائم السؤال عن كل صغير وكبير.
كان دائماً يتواضع للصغير عن الكبير، يسألنا عن الأحكام الشرعية وهو العارف بها، مريداً بذلك حثنا على النقاش. ويُشدد على القضايا الشرعية وخاصة قضايا النساء، وفي طريقنا لكتابة شرح كتاب سداد العباد، أطلعناه على بعض هذه الكتابات وكان يشجع ويؤازر هذه الجهود ويحثنا على تحمل وطأة الغربة ويخففها علينا.
كان يقدر أهل العلم والعلماء، كما كان يزور العلماء الموجودين في دمشق في ذلك الحين، خاصة حينما كان يسأل عن السيد سعيد الخباز، وحينما يأتي الشيخ عبد المجيد أبو المكارم. يجتمعان ليكونا لقاء عامراً بالمودة والمحبة والمسائل الشرعية وأخبار البلد وأحوالها وكيفية حل بعض المشاكل العالقة في المجتمع.
أتذكر حينما جاءني بعد حادث أصابني؛ كان الطبيب قد جعل الجبيرة على رجلي، وقد أخطأ في تركيب العظم، فكان لا بد من كسر العظم ليتم إعادة علاجه. كنت أتألم وأتأوه، فدخل هو متغير الوجه بعد أن أنهى الأطباء علاجه.
سألته لماذا تغيرت ملامح وجهك..؟
فقال إنه كان متأثراً ومتأذياً من ألمي وصوتي الذي وصله.
كان ودوداً وعطوفاً على جميع أهل الحلة والكثير أهل القرى المجاورة.
يقدرون له سؤاله عن الصغير والكبير وحبه للفقراء وللمؤمنين، كنت أغبطه كثيراً على مقدار ما يملك من وقت مبارك، وأنا أقول له أنت لديك بركة في الوقت، فهو لا يترك في أيام صحته الفواتح والزيجات، ويلبي دعوة الصغير والكبير ويسأل عنهم ويتواصل معهم ويتفقد جميع الناس.
يعجز اللسان عن ذكر محاسنه ومآثره. يلجأ إليه الفقراء والمحتاجون وخدماته جليلة وكثيرة، لا أستطيع احصائها أو آن آتي عليها.
نسأل له المغفرة والرحمة ويعز علي أن أكون بعيداً ولا أحضر تشييعه ودفنه ولا ننساه من الدعاء وأن يجبر مصاب عائلته ومحبيه جميعاً.