الزاير..المقيم في الدراما والمسرح الخليجي

أثير السادة

ذات حوار تلفزيوني، دفعتني الحماسة لمواجهة دفع لها الأصدقاء مع محمد الشدي، رئيس جمعية الثقافة والفنون آنذاك، كان أول ظهور وآخره، تساجلنا على الهواء، حول المسرح، وحول أداء جمعيات الثقافة، وحول الديناصورات التي لم تنقرض بعد..وفي ذلك الحوار، قدم الشدي الفنان عبدالناصر الزاير وابتعاثه للدراسة في الكويت كشاهد على الاهتمام بالمسرحيين، وعقبت حينها بأن السؤال الأهم هو أين الزاير اليوم، وكم شخصا نال حظا من الابتعاث بعده!.

أسرد هذه الحادثة كمدخل للحديث عن الزاير المسرحي والتلفزيوني والإذاعي الذي يجري تكريمه في الأيام القادمة ضمن مهرجان مسرح الطفل العربي بالكويت، فقد كان بارقة أمل للذاهبين بعيداً في أحلامهم في فضاء الفن، لم نعرف الكثير من سيرته يومها، وكل ما يعرفه الناس أنه اختار الهروب من وظيفته الإدارية التي جلبتها الشهادة، و الاستقرار في الكويت ومنادمة الفن عبر المنصة الأشهر في الخليج آنذاك، ليصبح شريكا في الكثير من المشاريع المسرحية والتلفزيونية والإذاعية ذات الصيت والشهرة.

قلت كان عنوانا للأمل للكثيرين من أبناء المحافظة التي ينتمي إليها، من الذين يشعرون بضيق فضاءات الممارسة، وضغوظ الجغرافيا في حركتهم وتطلعاتهم، يطالعونه بفرح، وبرغبة لأن يكونوا يوما على ذات الطريق الذي لا يعرف غير السالكين فيه حجم الشوك المنثور في جنباته.

عاصرت في مطلع الألفية لحظات الفوران في المشهد المسرحي المحلي، وشاهدت الكثير من الوجوه اليافعة التي دلفت إلى المسرح وجل تطلعاتها أن تجد طريقا إلى فضاء الشاشة الفضية، إلى متسع الدراما التي بدت يومها السبيل الوحيد للوصول إلى الناس، وجوه لا تنقصها روح المغامرة التي حملت الزاير إلى الكويت، لكن ينقصها بعض النضج الذي يمهد الطريق للذهاب بعيدا في امتداد الحلم.

في الأثناء تعرفنا إلى الزاير، وحرصنا على تكريمه ضمن مسابقة الدمام للعروض القصيرة في دوراتها الأولى، دعوناه بفرح لرؤية طائر مهاجر متعدد الألوان، اكتشفنا قربه لهذا المحيط الذي ينتمي إليه رغم بعده، تعرفنا على حماسته لدعم الحركة المسرحية وهو في لحظات انشغاله بمسرح الطفل، ما شجعه على المشاركة في تأليف وإنتاج عروض هنا بعد غياب عن الساحة المحلية.. كان يتحدث بلهجة الكهل الذي خبر مصاعب الحياة في كل فصولها، ويمارس حياته وفنه بروح شاب لم يغادر فتوة الشباب وحيويتها.

إبن مؤسسة الانتاج البرامجي المشترك مازال رغم كل الظروف الصحية التي مر بها يوسع من دائرة أحلامه، ودائرة أصدقائه، يحرص على الاقتراب أكثر فأكثر من ديار طفولته، وشبابه الفني، محافظا على هذا الجسر الواصل بين البلدين، السعودية والكويت، وهو يتنقل بنحو متكرر بينهما، بينما يقف على رصيد من التاريخ الفني المهم، الذي يجعل منه نموذجا يستضيء به الجيل الشاب الذي بات يقصد الكويت ثانية لاكتشاف الفن والانخراط في تفاصيله.

تحية للزاير الإنسان والفنان والمغامر الذي مشى على جسر من الظنون في زمن لم يكن فيه الفن في هذا المكان إلا صورة من الصور المرذولة.

* بالشراكة مع صفحته في “فيس بوك”.

اقرأ أيضا

عبدالناصر الزاير.. من سَيْحة الملّاحة.. إلى منصة المسرح العربي

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×