الربح يساند “مسرح قسوة” محمد العباس.. سيوسولوجياً أشاد بتوصيف المجتمع التويتري السعودي وتغيير قواعد النجومية
القطيف: صُبرة
وصف أستاذ علم الاجتماع الديني والنظرية الاجتماعية المساعد بجامعة غراند فالي الأمريكية الدكتور عبدالله الربح الناقد محمد العباس بأنه “نجح في توصيف المجتمع التويتري السعودي”. وفي تصريحه لـ “صُبرة” قال الربح إن العباس نبّه إلى الكيفية التي فيها “تم تسليع “التغريدات” وتغيير قواعد النجومية الثقافية من النخبوية إلى الشعوبية”.
وكان الربح قد نشر عرضاً لكتاب محمد العباس “تويتر.. مسرح القسوة” الذي صدر في 2018. وقال الربح إن “عنوان الكتاب الذي يسلط الضوء على تويتر كعالم افتراضي مليء بالقسوة والتوحش”. وأضاف “الكتاب ليس دراسة سوسيولوجية بالمعنى البحثي، ولكنه قراءة ثقافية واعية تسبر أغوار هذا العالم الافتراضي الذي وجد فيه السعوديون متنفسا للتعبير ومشاكسة الخطاب العام سواء بأسمائهم الصريحة أو بمعرفات رمزية”.
وفي عرضه الكتاب وصفه بأنه “يشكّل مجموعة متجانسة من الإضاءات على التبعات الاجتماعية لـ ”تويتر“ على المجتمع السعودي”. وقد “ابتعد العباس في إضاءاته عن طرح الأمثلة الدقيقة، وتوجّه لمفاصل الخطاب العام بوصف أمراض تويتر ظواهر واضحة في المجتمع السعودي، لن يفيها حقها مثال من تغريدة لهذا المغرد أو رد لذاك المتابع”.
وقال “يحضر توتر هنا بوصفه عملية اتصالية مكتملة العناصر بحسب نظرية رومان ياكبسون ليمثّل ثورة في عملية التواصل الاجتماعي من خلال المختصر المفيد في ١٤٠-٢٨٠ حرفا ترفع وتحط من قدر الأفكار والأشخاص والمؤسسات بل حتى الكيانات الكبرى كالدول في مجتمعٍ عُرف في واقعه غير الافتراضي بالمحافظة في التعبير عن الآراء مراعاةً للمحاذير الاجتماعية والرسمية”.
كما أشار إلى “إشكالية دخول الغث على السمين الذي يبدو مدروسا فـ ”لا شيء يحدث بالصدفة في توتر، فهناك حسابات معدة أصلا لتوليد حالة من التلقي الرديء للأفكار والمشاعر. مقابل شخصيات تمتلك من الاستعداد ما يكفي لبيع رأسمالها الرمزي لقاء مبايعة الجماهير الساخطة“ (ص ٤٨). وهنا يقع المثقف المنتج في فخ الغوغاء الذين يصعب على طالب الأضواء مقاومتهم. ”هكذا أصبح حتى المثقف التنويري أداة عمياء لتأزيم الوجود الإنساني، ومصدرا من مصادر الغدر بالسلم الاجتماعي. حيث يمكن ملاحظة تنازل معظم المثقفين من مهماتهم المعرفية والأدبية وفرارهم إلى مضائق الاستقطاب الجماهيري للغوغاء“ (ص ٧). يتحول المثقف هنا من صوت حر يثير الأسئلة ويحرك المياه الراكدة بقلقه الفكري إلى محامٍ عن فئة اجتماعية بعينها كالقبيلة والطائفة لينحصر دوره ضمن هوية فرعية بدلا من الهوية الوطنية الجامعة ”أي كجلادٍ للطوائف الأخرى حسب متطلبات الجمهور الطائفي … حيث تحقنه الجماهير بأوهام البطولة الوقتية الزائفة، وتدفعه لأداء دور الحامي لفكر ومعتقدات ومكتسابت قبيلته الطائفية“ (ص ١٠٢)”.
في معظم هذه المقالات الـ٣١، اعتمد العباس على بنية المقال الصحفي المستقل والذي يبدأ بتقديم طُعم التشويق\المقدمة في الفقرة الأولى ليتبعه بالإضاءة للموضوع المطروق مختتما إياه بإحدى اثنتين: ١- الوصف المباشر للمشكلة والذي لا يخلوا أحيانا من تقريرية مباشرة للمشكلة، ٢- إثارة المزيد من الأسئلة التي تفتح للمتلقي فضاء النقد لهذا العالم الافتراضي.
لقد أبلى العباس بلاءً حسنا في هذا الكتاب وقدّم قراءة واعية لخطورة الخطاب السائد في تويتر ضمن النسيج السعودي دون أن يخرق المحاذير الاجتماعية والرسمية بتطرقه لشخوص أو اتجاهات بعينها، وهذه نقطة ذكية تحسب للكاتب الذي ناقش معظم إشكاليات مسرح القسوة دون أن يعرّض نفسه لسياط الممثلين.
ربما تغافل هذا العمل عما يحدث خارج توتير ويغذي مسرح القسوة هذا مثل ضعف الهوية الوطنية الجامعة وحضور الهوية الفرعية للقبيلة والطائفة في العالم الواقعي والذي انعكس بوضوح في العالم الافتراضي وعلى رأسه تويتر الذي يشكّل المسرح الأكثر شعبية في المجتمع السعودي. يبدو هذا التغافل متعمدا ليتجنب العباس الدخول في مواجهات مع القوى الاجتماعية المؤيدة لتنامي الهويات الفرعية على حساب الهوية الوطنية”.