السيد حسن السيد.. مبدعٌ أصيل اعتزل الأجيال سيرة شاعر سعودي اكتفى بـ 5 سنوات من الظهور واختفى
بعد ثمانية أشهر من الزيارات التي تُشبه مراجعات حكومية؛ أعاد إليّ أوراقي، وعليها تهميش يملأُ فراغ الصفحات. كنا في عام 1408، وصرنا في 1409هـ. وقبل الأشهر الثمانية؛ كانت هناك أشهر أخرى أُهدرت في انتظار فرصة للوصول إليه..!
لا أتحدّث عن رأس سياسي، ولا “زعيم” اجتماعيّ، ولا حتى عن مسؤول حكومي. أتحدّث عن شاعر يعيش معنا في البلدة نفسها. كانت الفرصة مربوطة بوعد صديقٍ من “المطاوعة”. هذا الصديق وعدني باصطحابي إلى منزل السيد حسن أبو الرحي، لعرض شعري عليه..!
ثم عدل صديقي عن وعده. ونصحني بألا أزور السيد ولا أتواصل معه. حوله شُبهة “عقـَدية” نقلها إليه أحد الثقات في البلدة. الشبهة هي أن لدى السيد رأياً “شاذاً” في صلح الإمام الحسن. وشُبهة كهذه؛ كافية لـ “إسقاط” أيّ أحد اجتماعياً، كائناً مَن كان..!
الذي عرفتُه بنفسي ـ لاحقاً ـ هو أن لدى السيد ملحمة شعر مطوّلة في أهل البيت. وليس لديه رأيٌ شاذ في “الصلح” ولا غيره. وما أرجّحه هو سوء فهم واستنطاق مُتعسَّف من ذلك النوع الذي يلوذ به “المطاوعة” حين يُناقشون آخرين.
الشاعر النظيف..!
صديقي “المطوّع” حاول تعويضي بزيارة شاعر آخر، أهمّ وأكبر. وعدني بزيارة الشيخ عبدالحميد الخطي شخصياً..! لكنني لم أزر أحداً منهما بواسطة الصديق المطوّع، لا “السيد” و لا “الشيخ” ..! الذي فعلته، لزيارة السيد، هو تمثيل دور “النظيف”.
عرفتُ أن لديه عادة استحمام يوميّ في عين “الصوبية” الارتوازية شماليّ القديح. يذهب بعد المغرب، وينتقعُ فيها ساعة أو ساعتين. وليس عليّ إلا أن أكون واحداً من مرتادي العين.
وفي العين؛ أستغلّ الفرصة، وأفتح موضوعات شعر وأدب، وأستشير. ومن ثّمّ أطلبُ إليه أن يقرأ شعري. ليس عليّ أكثر من أن أمهّد لذلك بادعاء “النظافة” الشخصية على طريقته هو. الاستحمام في العين وليس في “دُش” الحمّام..!
وهكذا كان.
ما زلتُ أتذكّر أول موضوع افتضضتُ به العلاقة. كنتُ حريصاً على “استعراض” فهمي وانتباهي وحفظي للشعر.
سألته عن رأي ابن سلاّم الجُمحي في قول عمر بن أبي ربيعة:
ولمّا قضينا من مِنى كلّ حاجةٍ
ومسّح بالأركان من هو ماسحُ
وشُدَّت على دُهب المهارى رحالنا
ولم ينظر الغادي الذي هوَ رائحُ
أخذنا بأطراف الأحاديث بيننا
وسالت بأعناق المُطيّ الأباطحُ
حين مررتُ بـ “الصوبيّة” قبل أيام؛ تذكرت لياليَ كنا نتحدّث فيها حول الشعر والأدب، وسط آخرين “يليّفون” أجسامهم، ويغسلون شعرهم في استحمام العين..! ومساء البارحة؛ وقعت يدي على تلك التوجيهات الأولى التي دوّنها بخط يده على قصائد كنت أحسبها “فرائد”..! في زمننا لم يكن هناك “فيس بوك” ولا تواصل اجتماعي.
عدنا من الحج
لم تكن تحمل أبيات عمر بن أبي ربيعة أكثر من المعنى التالي: “أنهينا مناسك الحج ثم أخذنا نتحدث وقت العودة”…! ويمكن اختزال المعنى في ثلاث كلمات: “حججنا ثم تحدثنا”…!! ولكن هذه الكلمات الثلاث صارت ثلاثين في ثلاثة أبيات..!
فما القيمة المضمونية في إبراز هذا المعنى..؟ كل الحجاج يتحدثون في طريقهم إلى الحج، وفي طريق عودتهم منه. وكل المسافرين يتحدثون، ذهاباً وإياباً، فما الذي قدمه ابن أبي ربيعة لهذا المعنى. المغزى الجمالي، هنا، لا يكمن في المعنى أبداً. إن المعنى متوقع وجاهز ويكاد يكون بلا قيمة. يكمن المغزى؛ في الصورة الفنية، في التعبير الرمزي، في الإحساس باللحظة:
أخذنا بأطراف الأحاديث بيننا
وسالت بأعناق المطيّ الأباطحُ..!
الأحاديث تحولت إلى “بساط” كل منا يأخذ بطرف. والصحراء تسيل..! برقاب الإبل..! وهذا ما يسمّيه النقد الحديث بـ “الذروة التعبيرية”.
إجابة السيد حسن أبو الرحيّ لخّصت لي هذا المفهوم، مفهوم المبنى والمعنى، الشكل والمضمون، اللغة والمحتوى. خاصة في زمنٍ لم يكن فيه الشكل بالقيمة ذاتها التي يحتلّها المضمون في ذائقة العرب الشعرية.
كان حديثنا في العين، بين آخرين لا يعرف أكثرهم (إن لم يكن كلهم) من هو السيد حسن أبو الرحي. ولم يكن هو مهتماً بموقعه الثقافي والأدبي. كما لم يكن يتوقع أن ينفتح حديث أدبي بينه وبين أحد من زملاء “النظافة”. وقد استغللتُ الفرصة في بعض الاستعراض، وجعلتُ نفسي محاوراً، إلى أن توصّلتُ معه إلى اتفاق على زيارته وعرض نصوص لي، فرحب بالأمر..!
من شعراء المملكة
كان اسم السيد حسن أبو الرحيّ يتردّد كثيراً في غير حديث وغير مجلس يضمني وبعض متديني القديح الشباب، في الثمانينيات. حتى أن رؤيتنا له في شارع تعني الكثير. وما سمعتُ أحداً يتحدث عنه، في القديح، إلا وكانت صفته “من شعراء المملكة” جزءاً من حميّة قديحية، لكنها حميّة مبتورة بتراً.
نحن في القطيف، عموماً، نحمل إحساساً بالفخر والتفاخر برموزنا في الاهتمامات كافة. غير أننا لا نملك حولاً ولا قوة في داخلنا للتعاطي مع حتى ما نعتبره مفاخرَ. والسيد حسن أبو الرحي واحدٌ من الشعراء السعوديين المعروفين في حقبة الستينيات، استناداً إلى أمرين مهمّين:
الأول: أنه تناغم مع التيار الرومانسي الذي جاء به الجيل الأول من الشعراء السعوديين، أمثال العواد وحسين سرحان وطاهر زمخشري وحسن قرشي، ومن تبعهم في المنطقة الشرقية أمثال يوسف بو سعد والشيخ الخطي وعبدالله الجشي والمسلم ويوسف الشيخ يعقوب.. وغيرهم. أي أنه تواصل مع هذا التيار الذي اعتُبر جديداً. وفوق ذلك حرص (على الأقل فيما نشر) على رومانسية ذاتية لغة وتشكيلاً.
والثاني: هو أنه خرج عن الدائرة الضيقة المحدودة بانتمائه الأيديولوجي، وراسل مطبوعات سعودية نشراً ومتابعة. ومجلة “المنهل” هي أهم المطبوعات التي قدمته وأبرزته شاعراً وناقداً.
والغريب على نحو لافت؛ هو أنه لم يتواصل مع النشر إلا أقل من خمس سنوات من حياته. ويمكن حصرها بين عامي (1385 ـ 1390هـ). وهي سنوات احتضنت جزءاً من دراسته التجارية وجزءاً من بدايته الوظيفية. وما قبل ذلك وما بعده لم يهتمّ السيد أبو الرحي بالنشر، خاصة بعد التحاقه بالوظيفة الحكومية في كلية البترول والمعادن. (جامعة الملك فهد للبترول والمعادن لاحقاً).
إلا أن اللافت ـ أكثر ـ هو أن سنوات النشر القليلة في عمر الشاعر، كانت كافية لبناء موقع لاسمه بين شعراء المملكة العربية السعودية الذين ظهروا في عقد الستينيات. ولهذا فإن أيّ مصنّف في تاريخ الشعر السعودي الحديث؛ لا بدّ أن يمرّ بـ “السيد حسن السيد”، ويؤرخ له، بوصفه من شعراء التيار الرومانسي. وأستطيع أن أشهد، هنا، ضد مسقط رأسي بأنه كان لا يعرف “السيد حسن أبو الرحي” كما يعرفه أدباء كثيرون من خارج القرية الريفية. ولا أظنه، اليوم، يعرفه بما يكفي لتقدير موقعه من الأدب السعودي الحديث.
محرر المعاريض…!
كان السيد حسن يسكن في منزل والده الواقع في “الوادي”. وكان له مجلس في الدور الأول مدخله غربي ويصل إليه الزائر عبر سلم ضيق. وكان مجلسه “مربعة” يجلس فيها والده السيد علوي (رحمه الله)، وأخواه، وبعض أولاده. كان مجلساً بسيطاً لا يدلّ على أنه مجلس أديب. إلا أنه كأي مجلس قديحي ينمّ عن كرم واحتفال بالضيوف.
ولم يكن السيد حسن يأتي إلى مجلسه إلا بعد العاشرة ليلاً، وعادة ما يكون هناك ضيف في انتظاره مستكتباً معروضاً لمسؤول أو خطاباً رسمياً لجهاز حكومي. وقد اشتُهر السيد حسن بهذه “الحرفة” المجانية، كان يحرر الخطابات والمعاريض لكل من يقصده في ذلك، وما عرفتُ أنه اعتذر من أحد أو قال “لا” قط..!
فإن لم يكن الضيف “مستكتباً” فإن من المحتمل أن يكون شاعراً أو متشاعراً جاء عارضاً قصائده.
وفي هذه أيضاً لم يكن يقول “لا”، أو يرد أحداً. ومع كثرة من يقصدونه في “إصلاح” قصائدهم؛ فإنه يبذل جهداً حقيقياً في التعاطي مع ما يستشيرونه فيه. وقد يعيد صياغة مقاطع كاملة، أو يغيّر العناوين، أو المطالع، ناهيك عن أعمال الترميم والترقيع التي تتطلب صبراً وسعة صدر ووقتاً، خاصة مع نصوص غير قابلة للإصلاح، أحياناً.
وفضلاً عن “إصلاح” النصوص؛ كان السيد يوجّه وينتقد وينصح، ويصدق من يستشيره.
في تخميني الذي أكاد أعتبره يقيناً؛ لم يكن السيد سعيداً بهذه الخدمات المجانية أيضاً. وأظنّ أن “كتابة المعاريض” كانت أقرب إلى نفسه بوصفها مساعدة إنسانية. أما إصلاح القصائد؛ فهي مسألة أخرى. السيد حسن شاعرٌ مطبوع، ويحمل حساسية مرهفة إزاء اللغة والمبنى والمحتوى. وهو رومانسي النزعة، شعراً وحياة، والرومانسيون يراهنون على النزعة الذاتية لدى المبدع، ويتحاشون التعبير عمّا لا يريدون. ولذلك كان التدخل في نصوص الآخرين خروجاً عن هذا المبدأ الفني، أو انحرافاً عنه.
ومع ذلك؛ لم يردّ السيد أحداً، بل راح يسخّر مواهبه وقدراته في مساعدة من يقصده في أي نص من النصوص.
والزيارة الأولى التي أقدمتُ عليها كشفت لي أنني واحد من كثيرين. وحين سلّمته أُولى صفحاتي؛ لم يُعطني رأياً مباشراً، بل طلب فسحة من الوقت، على رغم أنني كنتُ أتلهّف إلى كلمات تزيد من سروري وغروري..!!
ويبدو أنني عزّيت نفسي بأنني أتعامل مع شاعر حقيقي..!
أناقة وبساطة
في إنشاء السيد حسن السيد أناقة وبساطة. وكما هو شعره؛ فإن نثره يعتني بالمعنى القريب والتركيب السلس. وقد مارس “الصناعتين” بروح واحدة، الروح الرومانسية. وأستطيع أن أدّعي أن لدي من آثاره الشعرية والنثرية ما يكفي لدراسة شخصيته الأدبية: شاعراً وناقداً، على أن اطلاعي على أدبه، طيلة سنوات تواصلي معه، شكـّل لديّ انطباعاً مهماً في فهم تجربته الإبداعية في صناعة الشعر، وصناعة النثر.
إن معظم ما كتبه السيد حسن السيد ونشره من نثر ينحصر في النقد ثم القصة القصيرة. وروحه القاصة حالمة كما هو شعره. أما نقده فإنه يشي بالأفكار التي يجسدها شعره. ومن أهمّ ما نشر مقالة تناولت شاعرية شوقي. وبقدر ما كان السيد حسن حاداً في تلك المقالة المطوّلة التي نشرها في مجلة “المنهل”، في منتصف الستينيات.. بقدر ذلك؛ تبنّى السيد حسن مقولات مذهب الرومانسيين الذين وجدوا في شعر شوقي خطابية ومنبرية وولعاً بالجزالة التي يُقرّها عمود الشعر العربي منذ عصوره القديمة..!
وللإيضاح؛ فإن اصطلاح “عمود الشعر” يختلف كثيراً عن اصطلاح “الشعر العمودي”، وكثير من يخلط بينهما. فاصطلاح “عمود الشعر” عُرف منذ نهايات العصر الأموي، وكان يعني ذلك المستوى من البناء الشعري القائم على الجزالة والفخامة والقوة، وهي سماتٌ نقرؤها في شعر الأمويين ومن سبقهم. وفي العصر العباسي يمثل المتنبي أهم النماذج التي حافظت على عمود الشعر، حتى بعد موجة الحداثة التي استهانت بالعمود، واستحدثت أساليب أقرب إلى السهولة والبساطة والرقة، كما هو مذهب أبي نواس ومن لفّ لفه.
أما اصطلاح “الشعر العمودي” فهو مقتصرٌ على تحديد الشكل الموسيقي، وهو يقابل مصطلحي “شعر التفعيلة” و “قصيدة النثر” اليوم.
ويُصنّف شوقي، نقدياً، ضمن ذلك التيار الذي وُصف بـ “إحياء” عمود الشعر. في حين وجد الرومانسيون، من مدرستي أبولو والمهجر، مشروع شوقي استنساخاً للمشروع التراثي. ولذلك تبنّى السيد حسن السيد المذهب الأخير وبنى أفكاره الشعرية وذائقته الجمالية على التطلعات الحالمة التي رفض الرومانسيون، بموجبها، موضوعات المدح والرثاء والوصف وسائر المضامين المتأثرة بالعوامل الخارجية، وركزوا على الذاتي حتى في تناول الموضوعات المتوقعة.
وأتذكر له مقالة تناول فيها شعراء القطيف، ونشرها في “المنهل” أيضاً. وقد عبّر فيها عن رؤيته لواقع الشعر في القطيف، واستبعد شعراء التيار التقليدي من تلك المقالة، مقتصراً على المتقاطعين معه جمالياً وإبداعياً.
وقد نشرت المجلة ما يُشبه رداًّّ للمرحوم محمد مهدي السويدان تحت عنوان “هؤلاء أيضاً من شعراء القطيف” (إن لم تخنّي الذاكرة). واستعرض الأخير سيراً وانتقى نصوصاً لشعراء آثروا المحافظة على اللغة التي نصفها بـ “الكلاسيكية”..!
رهاب الآخر
وما راقني من شخصية السيد أنه يعبّر عن الفكرة بعيداً عن رُهاب الآخرين المختلفين في الرؤية والموقف. وفي مجتمع مغلق، مثل مجتمعنا، غالباً ما تصطدم الفكرة المستقلة بأخلاط من الملابسات الاجتماعية القائمة على حساسيات بائسة في أغلبها. ومن الأمثلة التي بإمكاننا ملامستها؛ مشكلة الألقاب والصفات الموروثة من البيئة المهووسة بالمجاملات المجانية. بمعنى: حين يتناول ناقد ما شاعراً مثل محمود درويش؛ فإنه لن يُضطر إلى وصفه بأكثر من “الشاعر محمود درويش”.
أما في مجتمعنا؛ فإن أي كاتب لا يمكنه إعداد سيرة أو مقالة عن شاعر إلا وهو مُجبرٌ ـ اجتماعياً ـ على أن يضع قبل اسمه “الأستاذ الشاعر المبدع”، أو أي من الصفات المشابهة، وسوف يكون مُجبراً ـ أيضاً ـ على سوق كلمات الثناء كلما مرّ بنص من نصوصه، وقد يكون الثناءُ وجيهاً، إلا أنه غير علميٍّ في أغلب الأوقات..!
وثمة أمرٌ آخر راقتني في السيد حسن هو التعبير بوضوح وشفافية، وباشتغال أيضاً. وعلى الرغم من قلة ما كتبه السيد حسن في النقد؛ فإنه كان يواجه النصوص مستقلاً برأيه؛ ومستهدياً بالمعايير التي يؤمن بها.
حبيب محمود
فبراير 2014
السيد حسن السيد |
- السيد حسن بن علوي بن السيد حسن بن علوي أبو الرحي.
ولد عام 1366هـ/ 1946م في القديح – القطيف الشرقية – المملكة العربية السعودية.
درس القرآن الكريم والقراءة والكتابة في أحد الكتاتيب، وقرأ علوم الدين واللغة، وحين افتتحت أول مدرسة ابتدائية في بلدته التحق بها، ثم درس في المدارس التجارية إلى أن حصل على الدبلوم بتقدير ممتاز عام 1388هـ، ثم على الشهادة الثانوية التجارية التكميلية عام 1396هـ، ثم حصل أثناء عمله على منحة دراسية داخلية أثمرت عن حصوله على درجة البكالوريوس بمرتبة الشرف في علوم الإدارة الصناعية عام 1400هـ.
عمل بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن في الظهران منذ عام 1389هـ، بإدارة التخطيط والميزانية في الجامعة. وقد أُحيل إلى التقاعد.
أعماله الإبداعية الأخرى: كتب مجموعة من القصص القصيرة, وعدداً من الروايات منها: أغرب من الخيال – عرس الخميس الأسود.