تراجع بشري في الذكاء العاطفي أمام “الاصطناعي” دراسة من جامعتي جنيف وبرن

ترجمة: عدنان أحمد الحاجي
الانفعالات (1) ضرورية لتكوين روابط وعلاقات اجتماعية والحفاظ عليها مستمرةً، وطريقة التعبير العاطفي الفعال بها أو عنها أمر حيوي لتحقيق مخرجات إيجابية لكل من الأفراد والجماعات. وهكذا، فإن من يملكون مهارات قوية في التعرف على الانفعالات وفهمها والتعبير عنها والاستجابة لها (تُختزل تحت مصطلح مهارة الذكاء العاطفي) غالباً ما يحققون مخرجات أفضل في مجالات الحياة المختلفة، مثل أمكنة عملهم. على سبيل المثال، يُنظر إلى الذين لديهم معرفة عالية عن الانفعالات وطرق تنظيمها على أنهم أكثر حميمية وجدارة أثناء الخلافات في مكان عملهم. وخلاف ذلك، فإن ضعف التواصل وضعف إدارة المشاعر قد يؤدي إلى نتائج سلبية، بما فيها فقدان الدعم الاجتماعي، وضعف الصحة النفسية [وجود اضطرابات عقلية، كالقلق والاكتئاب وغيرهما]، وتفكك العلاقات مع أفراد المجموعة أو الجماعة.
هل الذكاء الاصطناعي قادر على الارشاد إلى تبني سلوك أو تصرف مناسب في المواقف والحالات المشحونة انفعاليًا (عاطفياً)؟ فريق من جامعة جنيف (UNIGE) وجامعة برن (UniBE) اختبروا ستة أنظمة ذكاء اصطناعي توليدي – من ضمنها شات جي بي تي ChatGPT – باستخدام تقييمات الذكاء العاطفي (2) (EI) المصممة عادة للبشر. النتيجة: تفوقت أنظمة الذكاءات الاصطناعية هذه على متوسط الأداء البشري، وكانت قادرة حتى على توليد اختبارات جديدة في وقت قياسي. ومن شأن هذه النتائج أن تفتح إمكانيات جديدة للذكاء الاصطناعي وتطبيقاته في التعليم والتدريب وإدارة الخلافات. نُشرت الدراسة (3) في مجلة Communications Psychology.
النماذج اللغوية الكبيرة (LLMs) هي أنظمة ذكاء اصطناعي (AI)، مثل الـ جي بي تي (2) قادرة على معالجة اللغة البشرية وتفسيرها وتوليدها. على سبيل المثال، يعتمد الذكاء الاصطناعي التوليدي ChatGPT على هذا النوع من النماذج. يمكن للنماذج اللغوية الكبيرة (LLMs) الإجابة على الأسئلة وحل المسائل / المشكلات المعقدة. ولكن هل يمكنها أيضًا الإرشاد إلى التصرف بذكاء عاطفي؟
السيناريوهات المشحونة عاطفيًا
ولمعرفة ذلك، قام فريق من جامعة برن، ومعهد علم النفس، ومركز العلوم الوجدانية السويسري التابع لجامعة جنيف (CISA) بإخضاع ستة نماذج لغوية اكبيرة (ChatGPT-4، وChatGPT-o1، وGemini 1.5 Flash ، وCopilot 365 ، وClaude 3.5 Haiku، وDeepSeek V3) لاختبارات الذكاء العاطفي. “لقد اخترنا خمس اختبارات شائعة الاستخدام في كل من المراكز البحثية والشركات. وتقول كاتيا شليغل Katja Schlegel، المحاضرة والباحثة الرئيسة في قسم علم نفس الشخصية وعلم النفس التمايزي والتقييم في معهد علم النفس في جامعة برن، والمؤلفة الرئيسة للدراسة: “هذه الاختبارات انطوت على سيناريوهات مشحونة عاطفياً مصممة لتقييم القدرة على فهم وتنظيم وإدارة المشاعر”.
من هذه السيناريوهات، على سبيل المثال، السيناريو التالي:
سرق أحد الزملاء فكرة مايكل وأعتقد رؤسائه أنها فكرة هذا الزميل السارق ولذلك تلقى تهاني غير مستحقة على هذه الفكرة. السؤال المطروح على الذكاء الاصطناعي كان. ماذا سيكون رد فعل مايكل الانفعالي من بين الردود التالية:
أ) سيتجادل وسيناقش زميله السارق
ب) سيصعد هذه السرقة وسيتحدث مع رؤسائه بشأنها
ج) سيمتعض بينه وبين نفسه من تصرف زميله ولن يبديها لأحد
د) سيسرق فكرة من زميله كما سُرقت فكرته
وتبين هنا أن الخيار (ب) هو الأكثر ملاءمة.
وبالتوازي مع الاختبارات على النماذج الخمسة، جرت نفس الاختبارات على المشاركين من البشر. وفي النهاية، حققت النماذج اللغوية الكبيرة (LLMs) درجات أعلى بكثير – 82% من إجاباتها كانت صحيحة مقابل 56% من إجابات البشر كانت صحيحة. وهذا يفيد بأن هذه الذكاءات الاصطناعية لا تفهم الانفعالات فحسب، بل تدرك أيضًا معنى التصرف بذكاء عاطفي، كما يوضح مارسيلو مورتيلارو Marcello Mortillaro، كبير الباحثين في المركز السويسري للعلوم الانفعالية (الوجدانية) (4) التابع لجامعة جنيف، والذي شارك في البحث.
توليد اختبارات جديدة في وقت قياسي
وفي مرحلة ثانية، طلب الباحثون من ChatGPT-4 توليد اختبارات ذكاء عاطفي جديدة، بسيناريوهات جديدة. هذه الاختبارات التي ولدها الذكاء الاصطناعي تلقائيًا أُجريت على أكثر من 400 مشارك. تُوضّح كاتيا شليغل: “لقد أثبتت هذه الاختبارات المولدة بالذكاء الاصطناعي موثوقيتها ووضوحها وواقعيتها، تمامًا مثل الاختبارات الأصلية (التي وضعت بشريًا) التي استغرق تطويرها سنوات.” ويضيف مارسيلو مورتيلارو: “لذا، لا يقتصر دور النماذج اللغوية الكبيرة على إيجاد أفضل إجابة من بين الخيارات المتاحة فحسب، بل يشمل أيضًا ابتكار سيناريوهات جديدة تتلاءم مع السياق المطلوب،”
تمهد هذه النتائج الطريق لاستخدام الذكاء الاصطناعي في سياقات كان يُعتقد أنها مختصة بالبشر، مثل التعليم أو التدريب أو إدارة الخلافات، شريطة أن يستخدمها ويشرف عليها خبراء، نشر هذا البحث في مجلة علم نفس التواصل (3)
ــــــــــــــــــــــــــــ
مصادر من داخل وخارج النص
1- “انفعال هو شدة التأثر. وفي علم النفس يعني: حالة نفسية ذات شحنة وجدانية قوية، مصحوبة بتغييرات فسيولوجية خاضعة للجهاز العصبي الودي، وبحركات تعبيرية كثيراً ما تكون عنيفة، وينشأ الانفعال عادة عن إعاقة فجائية لرغبات قوية كما في الغضب والخوف، أو عن إرضاء غير متوقع لهذه الرغبات، كما في الفرح. ويعرف التحليل النفسي الانفعال: بأنه التعبير الديناميكي عن الغرائز. ويرى الطب السيكوسوماتي (النفسي الجسمي)، أن التوتر الناشئ عن الإنفعالات الممنوعة قد يؤدي إلى اضطرابات وظيفية، أو عضوية مزمنة.” مقتبس من نص ورد على هذا العنوان:
https://altibbi.com/مصطلحات-طبية/علم-النفس/انفعال
2- https://ar.wikipedia.org/wiki/ذكاء_عاطفي
3- https://www.nature.com/articles/s44271-025-00258-x
4- https://ar.wikipedia.org/wiki/شات_جي_بي_تي
5- https://en.wikipedia.org/wiki/Affective_science
المصدر الرئيس
https://www.unige.ch/medias/en/2025/et-si-lia-comprenait-les-emotions-mieux-que-nous