للشرود الذهني فوائد في التعلم العفوي

ترجمة: عدنان أحمد الحاجي

شرود الذهن [فقدان الإحساس بالزمكان (1)]، الذي يأخذ عادةً 30-50 ٪ من فترة يقظتنا، لا يزال ظاهرة غامضة في علم الأعصاب الإدراكي.

عدد كبير من الدراسات أثبت وجود علاقة سلبية بين شرود الذهن والمهام التي تتطلب الانتباه، سواء أكان في الحياة الطبيعية العملية أو تحت ظروف وشروط مخبرية. [العلاقة السلبية هنا تعني كلما زاد أحد الطرفين قل الآخر]

بيد أن شرود الذهن لا يبدو أنه ضارٌّ في جميع المجالات الإدراكية، بل لوحظ أنه مفيد لحالة الإبداع وحل المشكلات/ المسائل.

وجدت دراسة جديدة أن الشرود الذهني العفوي قد يعزز التعلم أثناء المهام التي تتطلب الحد الأدنى من الانتباه. وسجل باحثون نشاط الدماغ بينما كان المشاركون منهمكين في تجربة مهمة من المهام التعليمية البسيطة المنخفضة الجهد أنيطت بهم.

ومن المثير للدهشة أن جودة أداء المشاركين الذين سمحوا لأذهانهم بالشرود كان بنفس جودة الأداء في حال التركيز تمامًا – إن لم يكن أفضل. هذا يشير إلى أن حالات ذهنية غير فاعلة [غير نشطة passive، ولا تتفاعل مع المنبهات أو المثيرات الخارجية] (2)، على غرار النشاط العصبي الشبيه بالنوم، يمكن أن تدعم أنواعًا معينة من التعلم اللاواعي [التعلم على مستوى العقل الباطن بدون إدراك الشخص (3)].

عندما يسمح الناس بشرود أذهانهم أثناء عملهم على مهام تتطلب انتباه أو تفكير نشط، يمكن أن تضر هده الحالة بمدى تعلمهم وأدائهم لهذه المهام. ولكن هناك أنواع أقل فاعلية من التعلم تتطلب مستوى متدنٍ من الانتباه.

استكشف بيتر سيمور Péter Simor ، من جامعة إتڤوش لوراند  Eötvös Loránd الهنغارية، وزملاؤه كيف يؤثر شرود الذهن في التعلم في المهام التي تتطلب مستوى متدنٍ من الانتباه في ورقتهم التي نشروها في مجلة علم الأعصاب (4) Jneurosci . 

قام ما يقرب من 40 مشاركًا في الدراسة بمهمة تعليمية بسيطة بينما كان الباحثون يسجلون نشاط أدمغتهم. استُخدمت هذه المهمة البسيطة لأن المشاركين كان بإمكانهم التنبوء بناءً على احتمال تعلمهم تلك المهمة دون إدراك منهم.

شرود الذهن أثناء عملهم على المهمة لم يضر بأدائهم، بل في بعض الحالات، عزز أكثر من عملية التعلم. كان شرود الذهن العفوي أكثر فائدة للتعلم من شرود الذهن المقصود.

أثناء شرود الذهن والتحسن في تعلم المهام المناطة، حدث تذبذب في النشاط العصبي للقشرة الدماغية شبيه بنشاط الدماغ أثناء النوم أو الحالات الشبيه بالنوم. وبالتالي، فإن النشاط العصبي الشبيه بالنوم المقترن بشرود الذهن العفوي يعزز التعلم في المهام التي تتطلب الحد الأدنى من الانتباه.

يقول سيمور: “معظم الدراسات التي جرت في الإدراك تناولت التعلم عندما يكون المتعلم حاضر الذهن تمامًا. لكن في الحياة الحقيقية نقضي الكثير من الوقت في التعلم بشكل عفوي غير مقصود (غير نشط)! نظرًا لأن دماغنا يحتاج إلى النوم، وربما نحتاج أيضًا إلى طرق عفوية وغير مقصودة للتعلم، أو” فترة عابرة من الهدوء wakeful rest” [فترة هادئة قصيرة جدًا، لمدة 10 دقائق، مثلًا، تنطوي على الحد الأدنى من الإثارة أو النشاط، والتي ثبت أنها تعزز الذاكرة] (5)، لاستعادة النشاط بعد فترة من التركيز على مهام تتطلب انهماك ذهني مكثف”.

ملخص الأفكار الرئيسة:

فوائد التعلم السلبي (أو التعلم غير النشط أو غير الفاعل (2)): لا يضر شرود الذهن بالأداء وأحيانًا يحسن من عملية التعلم في المهام التي لا تتطلب انتباها عاليًا أو مركزًا.

الذبذبات القشرية في الدماغ (6) الشبيهة بحالة النوم مقترنة بأداء أفضل للمهمة المناطة أثناء شرود الذهن. [أثناء جانب كبير من النوم، تخضع جميع الخلايا العصبية القشرية تقريبًا لتذبذب بطيء (<1 هرتز) في الجهد الغشائي، يتراوح من حالة متدنية من فعل جهد مفرط الاستقطاب إلى حالة فعل جهد مكثف الاستقطاب (7)] (8).:

أهمية العفوية: شرود الذهن العفوي أكثر فائدة من فائدة أحلام اليقظة المقصودة.

ــــــــــــــــــــــــــــ

مصادر من داخل وخارج النص

1- https://ar.wikipedia.org/wiki/شرود_ذهني

2- https://ar.wikipedia.org/wiki/تعلم_سلبي

3- https://ar.wikipedia.org/wiki/عقل_باطن

4- https://www.jneurosci.org/content/early/2025/03/31/JNEUROSCI.1421-24.2025

5- https://www.biorxiv.org/content/10.1101/449835v2

6- https://ar.wikipedia.org/wiki/تذبذب_عصبي

7- https://ar.wikipedia.org/wiki/فرط_الاستقطاب

8- https://pmc.ncbi.nlm.nih.gov/articles/PMC6729597/

المصدر الرئيس

Daydreaming Helps: Mind Wandering Aids Unconscious Learning

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×