بطلة التحدي زينب السعيدي: خلايا أخي الجذعية غيرت حياتي

سيهات: معصومة المقرقش
بعد معاناة مؤلمة وطويلة مع آلام فقر الدم المنجلي، تستطيع زينب عبد الله السعيدي، اليوم، مواصلة مشوار حياتها الدراسية دون التغيب اضطرارياً لعدد من الأسابيع؛ والفضل يعود ـ بعد الله ـ إلى أخيها الصغير مهدي، الذي تبرع لها بخلاياه الجذعية عن طيب خاطر ورضا كامل.
وعن الفترة التي سبقت خضوعها إلى العملية، قالت زينب “كنت أعاني كثيراً من نوبات فقر الدم التي كانت تمنعني من الذهاب إلى المدرسة ومتابعة دروسي، التي كنت أحرص عليها، نظراً لكثرة تنويمي في المستشفى، ونقل الدم كل شهر لمدة سنتين متتاليتين، دون أي جدوى وتغير في وضعي الصحي من نقل هذا الدم.
خوف وقلق
وأضافت “استمر هذا الحال حتى جاء اليوم الذي عرضت علينا فيه الدكتورة إسراء آل محيميد عملية زراعة النخاع عن طريق الخلايا الجذعية، ولكني كنت متخوفة كثيراً من العملية للمدة الطويلة التي سوف أقضيها في المستشفى فأنا لا أحب ذلك أبداً.”
100 يوم
وتابعت “بعد موافقة أخي السيد مهدي الصغير على التبرع بالخلايا الجذعية شعرت بشعور سعيد جداً، شجعني على خوض غمار هذه العملية، وبعد العملية على الرغم من تعبها وطول مدة إقامتي في المستشفى ثم إقامتي في السكن الخاص بالمستشفى لمدة 100 يوم إلا أنها كانت مثمرة، والحمد لله ها أنا أتممت 6 أشهر دون نوبات فقر الدم المنجلي.”
عودة بحذر
وحرصت زينب بعد 6 أشهر من رحلة العلاج والمواعيد والتنويم، على أن تكون أكثر التزاماً في الحضور المدرسي بشكلٍ يومي لتعويض ما فاتها في السنوات الأخيرة.
كما تحرص زينب على اتباع تعليمات الأطباء لها، بعدم الاختلاط بالمرضى المصابين بأي عدوى، أو حتى التواجد في تجمعات كبيرة، ما دامت في فترة العلاج المقررة لها سنتين نظراً لضعف مناعتها بعد العملية.
موقف عائلي
وتوجهت زينب إلى والدتها بالشكر على كل المواقف التي وقفت فيها معها، حتى أنها شكرت خوفها عليها وحرصها على صحتها أكثر منها، ولوالدها الذي لم يهدأ باله إلا بسؤال كل طبيب ومتخصص واستشاري في أمراض الدم، على جدوى عملية زراعة الخلايا الجذعية لطفلته، حتى اطمأنت روحه أن فلذة كبده ستكون بعد العملية بحالةٍ جيدة، ولا يوجد خوف عليها.
مهدي الأقرب لأخته
من جانبه، قال والدها السيد عبد الله السعيدي، أن أبنه الصغير كان هو الأقرب إلى أخته للتبرع من أختها الكبرى، ولأنها كانت في وضع ما بعد الولادة تمت تنحيتها من قبل الأطباء، لهذا اختير مهدي لهذه المهمة.
وأضاف “بقى مهدي في مستشفى الملك فهد التخصصي بالدمام 24 ساعة فقط، تمت خلالها سحب الخلايا الجذعية لزراعتها في أخته زينب، وبمجرد إفاقته من التخدير خرج فوراً.
تبرع عن رضا
ونوه الأب إلى أن ابنه عندما تبرع لأخته كان بكامل رضاه وموافقته ولم يخضع لأي ضغوط عائلية، وهذا كان رده على الطبيب المعالج لأخته أن تبرعه نابع من ذاته دون ضغط من أحد.
وعن حالة زينب بعد العملية قال السعيدي “بعد العملية كانت ابنتي قد دخلت في معاناة مدة الإقامة في المستشفى، خاصة أنها قد خضعت إلى التنويم قبل العملية بأسبوعين، وشهرين بعد العملية، ثم بعدها تحولت إلى سكن المستشفى لمتابعة أي أمر طارئ قد يحث لا قدر الله، حتى أتمت 100 يوم، والآن تتمتع ابنتي ولله الحمد بوافر من الصحة والعافية، ولم يبق لها إلا موعداً واحداً بعد شهرين لمتابعة مستجدات وضعها الصحي.”
بعد البلوغ
وبين أن نوبات فقر الدم المنجلي بدأت تظهر على ابنته بشكل واضح وقوي بعد سن البلوغ، في حين كانت خفيفة في سنينها العشر الأولى، مشيراً إلى أنه لا توجد قرابة مباشرة بينه وبين زوجته، غير أن جدته قريبة لجدتها من جهة الأم فقط.”
أما عن المتبرع الصغير السيد مهدي، فهو يبلغ من العمر 11 سنة يدرس في الصف الخامس الابتدائي، ويقول عن خوض تجربته الأولى في عملية سحب الخلايا الجذعية لأخته “لم أكن خائفاً أبداً من العملية، بالعكس كنت أريد مساعدة أختي على الشفاء لأنها كانت تساعدني كثيراً في دروسي، ولم يجبرني أحد على التبرع لها”.
قصة زينب جاءت خلال مؤتمر أمراض الدم والنزاف العالمي الذي ينظمه مستشفى الأمير محمد بن فهد، بمشاركة متحدثين من داخل وخارج المملكة، بواقع 3 أيام، وذلك ضمن فقرة أبطال التحديات المخصصة للعوائل والأفراد، الذين استطاعوا تحدى المرض، إما بالخضوع لعملية زراعة الخلايا الجذعية، أو الاستمرار في تلقى العلاج بشكل ملتزم.