[40 حكاية: 7] في التربية.. من أيّ الأنماط أنت..؟

مصطفى الشعلة

مصطفى.. يبغاك المُدير!!“.. كانت صافرة إنذار جعلتني أعود بذاكرتي إلى الوراء، لعلّي أعرِف “ويش سوّيت”، وما اقترفت حتى يناديني المدير إلى مكتبه. دخلتُ وأنّا أفكّر بعقوبة تنتظرني على ذنبٍ لا أعرفه..!

أنا: السلام عليكم

المدير: وعليكم السلام مصطفى

كان بمحضره طالبٌ آخر مع ولي أمره.. مع والده. كأنهما من الطبقة الميسورة الحال.

ولي الأمر: يا أستاذ ما قصّرت معاه. تلفزيون وشريت له. سيارة وشريتها. بليستيشن وشريته. وكل شهر مصروف خمسمية ريال. ويش أسوي أكثر من كذا!

يبدو أن الطالب مُهمِل في دراسته، ووالده يبرّر للمدير عدم تقصيره في توفير مستلزمات ابنه. إلّا أن المدير كان له رأيٌ آخر، ولعله ناداني ليضربَ بي مثالًا حيًّا على أن التربية الصحيحة ليست في توفير المستلزمات الماديّة فحسب.

المدير: مصطفى.. بما أنك الأول على المدرسة، ممكن تقول لينا كيف جدولك اليومي؟

شعرتُ بالأمان، واستعدتُ توازني.. وبدأت أجيب: أرجع البيت. أتغذى وأرتاح شوي. أنجز واجباتي. أروح النخل أساعد جدي. وفي الليل أمارس مهنتي المُفضلّة وهي الرسم والخط على الوسائل التعليمية التي كانت تعود لي بعائد مالي جيّد، وبعض الأحيان يجتمع الشباب لأشرح لهم درس الرياضيات.

المدير: شكرًا لك مصطفى. الآن ارجع لصفّك.

فهمتُ مقصد المدير. يريدُ أن يوجّه رسالة إلى ولي الأمر بأن “تدليلك” الزائد لابنك لعلّه أحد الأسباب في إهماله دروسه. أصبح ابنَه لا يعطي للمال قيمة، ولا يرى أن دراسته مُهمّة مادام يستطيع أن يحصل على ما كلّ يريده من والديه!

في المُقابِل رأيتُ مشاهدَ كثيرة أخرى لآباء مُتعلميّن ومثقفيّن رفعوا من مُعدّل الانضباطيّة على أبنائهم، وقوانين تربويّة صارمة فلم تكن النتيجة بأفضل من المثال السابِق..!

ولذلك أرى أن التربية ميزان دقيق يقع بين إفراط الدلال الزائد وتفريط الشدّة والانضباطيّة الزائدة.

الأنماط الأربعة لتربية الأبناء

من أجمل المحاضرات التربويّة التي رسخت في ذاكرتي هي للأستاذ أسامة الشخص بعنوان “التربيّة الفعّالة | “effective parenting. وسأضع ملخصها هنا، للفائدة.

الأستاذ أُسامة صنّف أنماط التربية إلى أربعة حسب معيارين مهميّن:

  1. مستوى الانضباط وصرامة أوامر الوالدين
  2. مستوى المرونة وتلبيّة طلبات الأبناء

النمط الأول: مستوى الانضباط عالٍ ومستوى المرونة منخفض

يتّصف هذا النمط بالديكتاتوريّة والتسلّط، وبالتالي ينتج عنه أبناء إمّا خانعين أو ديكتاتوريين.

النمط الثاني: مستوى الانضباط منخفض ومستوى المرونة منخفض

يتّصف هذا النمط بالإهمال، وبالتالي ينتج عنه أبناء مُتسيبين ولا يملكون القدر الكافي من العلم والأدب.

النمط الثالث: مستوى الانضباط منخفض ومستوى المرونة عالٍ.

يتصف هذا النمط بـ التدليع” والدلال الزائد، وبالتالي ينتج عنه أبناء مائعون لا يتحملّون المسؤوليّة، والأرجح أنهم لا يتقيدون بالقوانين والأنظمة.

 النمط الرابع: مستوى الانضباط عالٍ ومستوى المرونة عالٍ

يتّصف هذا النمط بالاعتدال والموازنة والعلاقة الصحيّة بين الآباء والأبناء، وهو النمط المثالي للتربية الفاعلة. ينتج عن هذا النمط أبناء يتحلّون بالمسؤولية والانضباط والالتزام بالقوانين، وفي نفس الوقت بالمودة والصداقة والمرونة والثقة بالنفس. 

#أربعونقصةفيأربعينعامًا

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×