[مراجعات: 6] محمد الماجد: فقهاء ومبتكرون

محمد الماجد

واصفاً الجابري بالفقيه الجديد، منحازاً لعبد الله العروي، منحازاً لمحمد أركون، منحازاً للأسئلة المعرفية التي تنقض النص المقدس من أساساته، ذاهباً بعيداً في السؤال حول أهمية معرفة الوحي في الوقت الحاضر، عائداً أكثر من مرة وعبر الثلاث أجزاء الأولى من الوثائقي الى مقولة رامبو: الحرية تحتاج إلى حرية، متنقلاً بخفة يحسد عليها بين رأي هنا وآخر هناك، ومع ذلك لا أكاد أتخلص من شعور يلازمني بأن خطاب أدونيس ينطوي على شيء من الرهبة الضمنية تمليها طبيعته في إطلاق الأحكام النهائية والمطلقة في ما يتعلق بآرائه، وأيضاً لمزه الساخر أحياناً لمخالفيه.

محبوه بالطبع لا تنقصهم الشجاعة لنفي ذلك كليّةً عنه واستعدادهم الفطري أبداً للذهاب إلى ما هو أبعد، ولا أدري أنا وربما غيري من المعجبين بخطاب أدونيس المتين والرائع في جانبه الفني، كيف لنا أن نقترب من آراءه نقداً وتحليلاً دون أن يهبّ أولئك المتحمسون والمعجبون به في وسطنا المحلي لرمينا بأقذع الألفاظ.

نحن بحاجة على ما يبدو إلى توضيح، ليس فقط في أسئلة المعرفة المعقدة والصعبة ولكن حتى في ماذا تعنيه جملة رامبو، ألن تحيل هذه المقولة على اطلاقها الحرية إلى آلة قتل، أليست الفوضى التي ستنشأ من التخلص الكامل والنهائي من نظام القيم ستعود لتلتئم من جديد في نظام جديد ربما انطوى هذه المرة على قيم عمياء وغائمة وأكثر توحشاً، أليست هذه القيم الوليدة وذلك النظام بحاجة إلى أسئلة معرفية جديدة ستأتي عليهما من الأساس، إلى متى.. وإلى أين، هذا الدولاب الضخم والمعمّر من التأويلات والدلالات المفتوحة متى سيتوقف أو حتى يبطء قليلاً من دورانه، فربما تكون أرض القصيدة، كما هي الأرض، بحاجة إلى هدنه، إلى ماء تفئ إليه، تغتسل ثم تتابع سيرها من جديد، لا ينبغي للمجاز أن يستبدل عنف التاريخ والواقع بعنف أشد منه.

عموماً، لا يوجد وقت للاسترسال في طرح الأسئلة، فهناك نقد رائع أنتظر سماعه ربما للمرة الثالثة في الربع الأخير من الجزء الثالث، نقد حصيف ورائع ذكره أدونيس عن جدوى الجهد الذي بدله حسين مروة في كتابه “النزعات المادية في الفلسفة العربية الاسلامية”، بدى محاوره بيار أبي صعب مستغرباً لعدم تقاطع منهجي أدونيس ومروة في ما يتعلق بنقد التراث بينما بدى أدونيس في المقابل حاسماً في رفض الربط بين المنهجين، أثنى كثيراً على الجهد الذي بدله مروة ولكنه أيضاً وجده عديم الفائدة !، كان الأفضل لمروة بحسب رأيه أن يذهب لينتقد الأصول في التراث الاسلامي لا أن يعالج موضوعه معالجة سياسية، إذْ ما الذي سيستفيده القارئ – ودائماً بحسب أدونيس – عندما يكتشف أن هناك نزعات مادية في التراث الاسلامي أو أن هناك نزعات روحية عند ماركس..؟

ببساطة لا شيء.

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×