لهجة القطيف العامية من الشعر الفصيح: حرف الحاء [9]

عدنان السيد محمد العوامي

استدراك

في الحلقة (5) من الاستدراك على الحاء (مادة حَزّة) سهوت عن ذكر مصدر أبيات شكيب أرسلان التي منها البيت:

يَتَذَكَّرونَكَ كُلَّ حَزَّةٍ مَأزِقٌ       وَلَدَيَّ الحَنادِسَ تُنشِدُ الأَقمارُ

وهي من قصيدة مطلعها:

هلاَّ وأنت الجوهر المختار      عن نيل مهلِك تصبر الأقدار ([1])

 

حده

حَدَّ الرَّجُلَ عن الأَمْر يَحُدُّ حَدّاً: مَنَعَهُ وحَبَسَهُ، تقول: حَدَدْتُ فُلاناً عن الشّرِّ أَي مَنَعْتُه،

السيد مرتضى الزبيدي – تاج العروس)

حده عند أهل القطيف، ساقَه، ووجَّهه، ودفعه، يقول الراعي لولده يأمره بتوجيه الحيوان لجهة محددة: (حِدَّه، خله يجي من هالصوب)، أي اجبره على التوجه لهذه الجهة، ومن أمثالهم: الحاد على الخير كفاعله، ومن أمثلتهم: (الحاد على الخير كفاعله)، أي الدالُّ على الخير، ومن أمثلتهم أيضًا: ويش حدَّك يالمسمار: قال المطرقة)، أي ما الذي دفعك إلى هذا وحملك عليه؟ فهم توسعوا في المعنى فقلبوه إلى الضدِّ، ومما جاء فيه قول أبي النجم العجلي من الرجز:

باليةً في دمنٍ بوالِ                 

محلةً من أنسٍ حِلال

تعرفُ فيها منزل النزال

ومثلاً في خلدٍ مثال

ورقاً تصلين بنار الصالي       

يحد سيل الأبطح السيَّال

عنها وعن أطحل كالطحال

وقول العُشاري:

وَقَد سَأَلتك يا كنز الفَقير وَلَم      

أَدِر لغيرك يا مَولي النَدى فاها

وَخَص رَبُّك أَعلى المُرسلين عُلاً      

برحمة وَصَلاة طابَ رياها

وَآله الغر وَالصحب الكِرام وَمَن      

حَدُّوا الحُدود فَحَدوا مِن تعداها

حلف

(مِن المَجَازِ: هو حَسَنُ الوَجْهِ حَلِيفُ اللِّسَانِ . . . أَي حَدِيدُهُ، وفي حَدِيثِ الحَجَّاجِ، أَنه أُتِيَ بيَزِيدَ بنِ المُهَلَّبِ يَرْسُفُ في حَدِيدِهِ، فأَقْبَلَ يخْطِرُ بيَدَيْهِ،

فغَاظَ الحَجَّاجَ، فقال:

جَمِيلُ المُحَيَّا بَخْتَرِيٌّ إِذَا مَشَى

وقد وَلَّى عنه، فالْتَفَتَ إِليه، فقال:

وفي الدِّرْعِ ضَخْمُ المَنْكِبَيْنِ شِنَاقُ

فقال الحَجَّاجُ: قَاتلَهُ اللهُ، مَا أَمْضَى جَنانَهُ، وأَحْلَفَ لِسَانَهُ!: أَي أَحَدَّ. السيد مرتضى الزبيدي – تاج العروس).

الحَلْفُ بمعنى القسم معروفة عامة، وليست خاصة بأهل القطيف، لكن التحلُّف بمعنى التِّرة والظغينة والترصد لأجل الانتقام، معدودة في العامية، وهي دارجة في القطيف بهذا المعنى. يقول أحدهم للآخر محذرًا: (هدكُّوه (فلان) متحلِّف فيك، اتحذر منه)، أو ويش مسوي فيسوى فيكم حتى تتحلفوا فيه چديه؟ ولها – فيما أحسب – وجهان:

1 – إما من باب الحلف والقسم على الانتقام.

2 – أو الحِلْف بمعنى التحالف، ومما جاء فيه شعرًا قول ابن أبي السعلات:

فَظاظَةَ هَذا نَشتَكيها وَعُنفهُ      

وَها ذاكَ مِن هَذا أَفَظُّ وَأَعنَفُ

أَتَعجَبُ مِن عَمرٍو لِأَن كانَ والِياً

وَذَلِكَ مِنه اِبنِ النَبيطَةِ أَطرَفُ

وَما مِنهُما إِلّا اِرتَدى لُؤمَ أَصلِهِ      

وَما مِنهُما إِلّا بِهِ مُتَحَلِّفُ

وقول الفرزدق:

لَنا العِزَّةُ الغَلباءُ وَالعَدَدُ الَّذي      

عَلَيهِ إِذا عُدَّ الحَصى يُتَحَلَّفُ

وَلا عِزَّ إِلّا عِزُّنا قاهِرٌ لَهُ      

وَيَسأَلُنا النَصفَ الذَليلُ فَيُنصَفُ

حلفاء

(الحَلَفُ والحَلْفاء: من نَباتِ الأَغْلاثِ، واحدتها حَلِفةٌ وحَلَفةٌ وحَلْفاء وحَلْفاة؛ قال سيبويه: حَلْفاء واحدة، وحَلْفاء للجميع لما كان يقع للجميع ولم يكن اسماً كُسِّرَ عليه الواحد، أَرادوا أَن يكون الواحدُ من بناء فيه علامة التأْنيث كما كان ذلك في الأَكثر الذي ليست فيه علامة التأْنيث، ويقع مذكراً نحو التمر والبر والشعير وأَشباه ذلك، ولم يُجاوِزُوا البناء الذي يقع للجميع حيث أَرادوا واحداً فيه علامة التأْنيث لأَنه فيه علامة التأْنيث، فاكتفَوْا بذلك. ابن منظور – لسان العرب)

والحلفاء عند أهل القطيف: ضرب من الحشائش خشن كالقصب، ينبت في مجاري المياه، وحواف السواقي والمبازل، ومما جاء فيه من الرجز قول رؤبة بن العجاج:

إِنَّ الدَبَى فَوْق المُتُونِ دَبّا      

وَهَبَّتِ الرِيحُ بِمُورٍ هَبّا

تَتْرُكُ ما أَبْقَى الدَبَى سَبْسَبَّا      

كَأَنَّهُ السَيْلُ إِذا اسْلَحَبّا

أَوْ كَالحَرِيقِ وافَقَ القَصَبّا      

والتِبْنَ وَالحَلْفاءَ فَالْتَهَبّا

ومن الشعر قول أحدهم:

يَعْدُو بِمِثْلِ أُسُوْدِ رَقَّةَ والشَّرى        

خَرَجَت من البَرْدِيِّ والحَلْفَاءِ

قول أبو النجم العجلي:

إِنَّ السُيوفَ تُجيرُنا وَنُجيرُها      

كُلٌّ يَجيرُ بِعِزَّةٍ وَوَقاءِ

لا ينثَنِينَ وَلا نَرُدُّ حُدودَها      

عَن حَدِّ كُلِّ كَتيبَةٍ خَرساءِ

إِنّا لَتَعمَلُ بِالصُفوفِ سُيوفُنا      

عَمَلَ الحَريقِ بِيابِسِ الحَلفاءِ

وقول الراعي النميري:

رِشاءُ مَحالَةٍ في يَومِ وِردٍ      

يَمُدُّ حِطاطُها المَسَدَ المُغارا

تَعَرَّضَ حينَ قَلَّصَتِ الثُرَيّا      

وَقَد عَرَفَ المَعاطِنَ وَالمَنارا

وَهابَ جَنانَ مَسجورٍ تَرَدّى      

مِنَ الحَلفاءِ وَاِتَّزَرَ اِتِّزارا

وقول أبي نواس:

وَمُهَفهَفٍ نَبَّهتُهُ لَمّا هَدا      

وَتَغَلَّقَت عَيناهُ بِالإِغفاءِ

وَشَكا إِلَيَّ لِسانُهُ مِن سُكرِهِ      

بِتَلَجلُجٍ كَتَلَجلُجِ الفَأفاءِ

فَعَفَوتُ عَنهُ وَفي الفُؤادِ مِنَ الهَوى      

كَتَلَهُّبِ النيرانِ في الحُلَفاءِ

وقول السفاح التغلِبي:

جَلَبنا الخَيلَ مِن حَلْفاء قرنٍ      

وَنوردها لِظاهِرَة ٍ حَنينا

فَلمّا أَن أَتين عَلى تُمَيلٍ        

تَأَزَّرنَ المجاسِدَ وَاِرتَدينا

وقول ابن الرومي:

لو سوايَ استمال مال إليه      

وَلأَلْقى لناره حَلْفاءَ

لكن اللَّهُ شاهدٌ أنَّ نفسي      

تمنح السيفَ عند ذاك انْتِضاءَ

ليَ عَينٌ هواي فيكم يُريها      

منْ جَلاهَا بلومكم إقذاءَ

([1])موقع ديوان الشعر، الرابط: https://goo.gl/1g9Aex.

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×