أرامكو تكشف التفاصيل.. استخدام نوى التمر في حفر آبار البترول والغاز

القطيف: صُبرة

يكشف تقريرٌ نشرته شركة أرامكو السعودية في موقعها، وغرّدت بملخّصه اليوم الثلاثاء، عن استخدام الشركة نوى التمر في استخراج النفط. وتقول الشركة إن مخلّفات صناعة التمور في المملكة تُسهم في تعزيز أعمال الحفر، موضّحة أنها توصّلت إلى ذلك عبر ما وصفته بـ “لحظات من التأمل” عاشها أحد موظفيها أثناء العناية بنخيله، وقد قادته تلك اللحظات إلى ابتكارٍ أسهم في تحسين كفاءة الحفر في قطاع النفط والغاز وحاز على جوائز.

هذا يعني أن التمور ليست غذاءً فحسب، بل دخلت في صناعة النفط، عبر هذا الابتكار الذي يُقدّم قيمةً مضافة ويقلّل من تكلفة الحفر، ويقلل من المخلفات.

سدّ مناطق فقدان السوائل

يقول تقرير أرامكو “لكي نفهم كيف يمكن أن يؤدِّي نوى التمر دورًا في تحسين عمليات الحفر، من المهم أن نتذكر أن حفر الآبار ما زال عملًا شاقًّا، ويتطلب المحافظة على الضغط في ثقب البئر، وهو التجويف الذي يجري حفره، من أجل المحافظة على كفاءة عملية الحفر، كما يجب إخراج ركام الصخور من الثقب ورفعه إلى السطح واستمرار دوران مثقب الحفر بسلاسة.

ولا يمكن لهذه الأعمال أن تتم إلا بوجود سائل الحفر، المعروف بـ “طين الحفر”، الذي يتم ضخه عبر أنبوب الحفر ليخرج من المثقب ويتم تدويره ليرفع إلى السطح ومعه أنقاض الحفر وشظايا الصخور. ولكن في بعض الأحيان، يتسرب السائل إلى مناطق مسامية في الصخرة تسمى (مناطق فقدان السوائل)؛ ما يقلِّل من دورة السائل، ويتسبب في تباطؤ عملية الحفر أو توقفها تمامًا، وينتج عن أوقات التوقف تأخير مُكلِف، تصل خسائره -إذا طال- ملايين الدولارات، من حيث الخسائر في الإنتاج وساعات العمل المهدرة؛ لذا تتم إضافة مواد ليفية سادَّة إلى سائل الحفر لسدِّ المسامات وعمل عازل يمنع تسرب السائل إلى المناطق المسامية أي مناطق فقدان السوائل.

وتصنع المواد الليفية السادَّة من مواد مختلفة بناء على ظروف الحفر والتركيب الكلي لسائل الحفر. ولكل منها مزاياه وعيوبه الخاصة، والأنواع الأكثر شيوعًا هي تلك المصنوعة من كربونات الكالسيوم، وهي غير مكلِفة، لكن كثرة استخدامها يمكن أن يؤدِّي إلى تلف الصخور المحيطة. أما الأنواع المصنوعة من البوليمرات فقد تكون أكثر فاعلية، لكنها أغلى ثمنًا، وقد اعتادت أرامكو السعودية عبر تاريخها على استخدام مواد تُسمى “سدَّادة قشور الجوز”، وهي منتج مصنَّع من قشر الجوز المستورد من الولايات المتحدة الأمريكية.

ومن المهم الحصول على النوع المناسب من هذه المواد في المملكة العربية السعودية على وجه التحديد؛ لأن أنواع الصخور المسامية التي لطالما كانت بيئة مثالية لتشكُّل مكامن النفط والغاز من الوارد جدًّا أن تؤدِّي أيضًا إلى تشكيل مناطق فقدان السوائل. ونظرًا لسهولة فقدان سوائل الحفر، فإنه من شأن الأنواع الأفضل من المواد الليفية السادَّة أن ترفع من الكفاءة وتقلِّل من التكاليف والأوقات الضائعة.

نواة الفكرة الرائعة

ويروى تقرير الشركة القصة: في أحد أيام إجازة نهاية الأسبوع، كان الدكتور محمد أمان الله، وهو باحث أعلى في مركز إكسبك للأبحاث المتقدمة، يعتني بحديقته في الظهران، ولفت انتباهه نخلته الباسقة، وكان من ضمن الأعمال التي يقوم بها للاعتناء بهذه النخلة، التشذيب باستمرار، وإزالة بقايا التمر والزوائد الأخرى، بعد صَرْم النخيل في كل عام. وبالطبع، بعد أكْل التمور والاستمتاع بمذاقها، يتبقى نوى التمر؛ ومن هنا بدأ محمد بالتساؤل ما إذا كانت هنالك إمكانية أن يستفاد من نوى التمر ليحلَّ محل قشور الجوز المستخدمة في المواد الليفية السادَّة لمنع فقدان طين الحفر التي تستوردها أرامكو السعودية.

فكرته هذه ربطت بين اثنين من أهم القطاعات الصناعية وأكثرها حيوية في المملكة العربية السعودية، وفي حال نجاحها، يمكن أن تحول مخلفات صناعة التمور إلى حل جديد للتحديات طويلة الأمد التي نواجهها أثناء حفر الآبار.

وبدأ هو وفريقه في مركز إكسبك للأبحاث المتقدمة بالعمل على نموذج أولي. وتوصلوا إلى عيِّنة بدت نتائجُها واعدة، وقرروا تجربتها مقارنة مع سدَّادة قشور الجوز الذي تستخدمه أرامكو السعودية.

التمور ضد الجوز

كان أداء المادة الجديدة الليفية السادَّة المانعة لفقدان طين الحفر المصنوعة من نوى التمر، جيدًا بقدر المادة الموجودة حاليًا، أو أفضل في بعض الحالات بسبب صلابتها التي تشبه صلابة كربونات الكالسيوم المستخدمة بالفعل في القطاع، وخصائصها الميكانيكية المشابهة لخصائص قشور الجوز. وفي عام 2015م، قدَّم الفريق طلب براءة اختراع لفكرة استخدام نوى التمر مادة ليفية سادَّة لمنع فقدان طين الحفر، بعد أن شجعتهم تلك النتائج.

وأثبتت الأبحاث الإضافية، بالشراكة مع مركز أبحاث النخيل والتمور بالأحساء عدم وجود تفاوت كبير بين جميع أنواع نوى التمور التي اختبرها الفريق أثناء العملية من حيث الخصائص الميكانيكية، بصرف النظر عن نوع النخيل أو المنطقة التي زُرعت فيها؛ لذا كانت جميعها مناسبة للاستخدام في المادة الليفية السادَّة.

جائزة

وبعد أن شجعتهم النتائج، عمِل الفريق مع شركاء محليين لتوريد نوى التمور ومعالجتها بكميات كبيرة، وَفقًا لمواصفات محددة، وأطلقوا عليها اسم سدَّادة مركز الأبحاث المتقدمة أو “سدَّادة آرك”.

وفي عام 2016م، شرعوا بإجراء تجارب ميدانية على ثلاثة آبار، إذ حفَر الفريق بعمق بضعة آلاف قدم في البئر الأولى قبل أن يكتشفوا فقدانًا جزئيًا للسوائل، فاستخدموا سدَّادة آرك، وسرعان ما لاحظوا انخفاضًا في فقدان السوائل.

ونجحت سدَّادة آرك في البئرين الأخريين بمستوى الأداء نفسه على الرغم من اختلاف ظروف الحفر في كل بئر. وفي الحقيقة، كانت النتائج مذهلة لدرجة أنه في عام 2017م فازت سدَّادة آرك بجائزة الابتكار التقني للعام في حفل توزيع جوائز النفط والغاز في الشرق الأوسط.

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com

×