انتهاء صلاحية الأمم المتحدة..!

حبيب محمود

من الناحية العملية؛ ليس ثمةَ فرقٌ بين الأمم المتحدة راهناً وبين عصبة الأمم أواخر ثلاثينيات القرن الماضي. اسحبوا ذلك على الناحية القانونية أيضاً، فلم يعد للمنظمة الدولية أيّ إجراء “مُلزم” لأيّ دولةٍ، إلا حين تُصادق الدول الخمس معاً، وحين تريد جميعها تنفيذه..!

اسحبوه، أيضاً، على الناحية الأخلاقية؛ فالدول الخمس لن تتفق على شيءٍ يتعارض ومصالح بعضها. وما يمكن تطبيقه في دولةٍ؛ يُرفَضُ مثله في دولة أخرى..!

قانونياً؛ الأمم المتحدة عاجزة. وأخلاقياً؛ منحرفة. وعملياً؛ فاشلة.

ومثلما أخفق 58 عضواً في عصبة الأمم في الحيلولة دون وقوع الحرب العالمية الثانية؛ فإن 193 عضواً في الأمم المتحدة أشدُّ إخفاقاً في تحقيق الأمن والسلام الدوليّين، وحماية الشعوب من النكال الرأسماليّ..!

المنظمة الدولية التي تقف واهنةً أمام جموح الدول الكبرى حين تقرّر غزو دول أخرى؛ لا يمكن أن تكون إلا مقهىً سياسياً مشغولٌ رُوّاده بأوراق القرطاسية وأجهزة الحاسب. المنظمة التي يتحكّم 5 أعضاء فيها بمصير 193 دولة؛ لا يمكن أن تكون أيّ نوعٍ من أنواع الامتداد الديموقراطيّ الذي تتباهى به الدول الخمس نفسها..!

المجتمع الدوليّ برمّته؛ خانعٌ لإرادات فردية، مغلّفة بطبقة من الشوكولاته. هذه الطبقة اسمها “الأمم المتحدة”. وأسفل الطبقة “الحكومات المتحدة”، ومن بين كل الحكومات؛ هناك 5 حكومات فحسب لها السطوة الساطية على كلّ مؤسسات المنظمة الدولية، بدءاً من اليونسكو إلى مجلس حقوق الإنسان الذي ما زال عاجزاً ـ هو الآخر ـ عن اتخاذ قرار “ملزم” لأي دولة في أي شأن من الشؤون الحقوقية، إلا حين تقرّر الدول الخمس ذلك.

وحتى لو قرّرت الحكومات الخمس؛ فإن عرقلة القرار سياسياً؛ أسهل من توقيعه في مجلس الأمن بحبر 15 دولة. هل ثمة قرار من هذا المجلس التزمه الكيان الصهيوني منذ 1948 حتى الآن..؟!

فعلياً؛ لا وجود لشيء اسمه “الأمم المتحدة” إلا في المباني والموظفين. الموجود، فعلياً، هو خمس دول تلعب بالعالم، كما لعب المنتصرون في الحرب العالمية الأولى بعصبة الأمم، ووجّهوا قراراتها وإجراءاتها صوب مصالحهم.

زر الذهاب إلى الأعلى

صحيفة صُبرة : https://www.sobranews.com