الشيخ البيات.. أيقونة الزهد المريدون يُحيون ذكراه في مجلسه بعد ربع قرن على رحيله
القطيف: جمال أبو الرحي
كما كل عام، منذ 25 سنة، امتلأ مجلسه بالمؤبنين، مساء البارحة. ورغم بساطة الحفل إلا أن محبيه ومريديه جاؤوا من أنحاء محافظة القطيف لرثاء الراحل الشيخ منصور البيات رحمه الله.
عاد البيات من النجف الأشرف عام 1401هـ، واستقر في منزله القديم جداً في حي القلعة، ورغم قدرته على العيش في منزل فخم وجديد إلا أنه آثر البقاء في بيته زاهداً في صور البذخ والنعيم، وظل يستقبل زواره والحافين به في ذلك المجلس الذي تفوح منه رائحة التاريخ.
ومنذ عودته فتح بيته للأوراد والأذكار في ليالي الجمع والشهر الكريم، ولإحياء المناسبات الدينية على مدار السنة.
ذلك الرجل النحيل الذي مر على الدنيا زاهداً ورحل عنها متخففاً، ظل حاضراً في وجدان من عاصروه وعرفوه حتى بعد رحيله، فما زال مجلسه يزدحم في ليلة رثائه بهم، وكأنهم في لقاء سنوي مع الشيخ الذي ترك له صورة حية وسيرة عطرة في قلوبهم.. ومضى.
واعتادت أسرة الشيخ أن تقيم هذه المناسبة، في ذكرى رحيله، في 29 من شهر شعبان من كل عام، إلا أن هذه هي السنة الأخيرة التي تقام فيها سنويته في مجلسه الذي اعتاده الناس، حيث أن منزل المرحوم أصبح ضمن أملاك الدولة وسيتحول إلى متحف تراثي تابع لوزارة السياحة.
من هو منصور البيات
الشيخ منصور بن الحاج عبد الله بن عبد العزيز البيات.
ولد في القطيف سنة 1325هـ، ونشأ بين أبوين كريمين، وعاش في ظلهما فربياه تربية الإسلام.
فقد بصره وعمره 3 سنوات، وانبعث شعاع البصيرة ليملأ روحه وقلبه.
فقد الفتى اليافع والده الراحل وهو لم يتعدى الخامسة عشر من عمره.
وتعهده عمه سلمان البيات بالرعاية والاهتمام.
دراســــتـــه:
بدأ الشيخ رحمه الله دراسته في مسقط رأسه القطيف، فتتلمذ على يدي السيد حسين العوامي وغيره، قبل توجهه إلى النجف الأشرف ليواصل دراسته رغم الصعاب التي ابتلي بها.
قرأ النحو والأجرومية عند الشيخ علي أوال التاروتي بعضا منها والقسم الأخير عند المرحوم الشيخ باقر نجل الحاج منصور الجشي.
وقرأ ألفية ابن مالك عند أستاذه الشيخ فرج العمران، وقرأ القسم الآخر منها عند خاله السيد محفوظ السيد هاشم العوامي طاب ثراه. وقرأ المغني عند الشيخ فرج العمران.
أما في علوم الصرف فقرأ قسماً من النظام عند الخطيب الميرزا حسين البريكي، والقسم الأخير عند الشيخ فرج العمران وعند الشيخ محمد علي الجشي.
وفي المنطق والحاشية والشمسية عند الشيخ فرج العمران، وعلم البيان والبديع قرأ القسم الوافر عند فرج العمران والقسم الأخير عند الشيخ علي الجشي وقرأ شطرا وافرا من مختصر المطول عند الشيخ محمد علي الجشي.
وعن الفقه قرأ شرائع الإسلام عند الشيخ باقر الجشي وقرأ اللمعة عند الشيخ فرج العمران قسما منها والقسم الأخير الوافر عند الشيخ محمد حسين آل عبد الجبار، وقرأ قسما من رياض المسائل عند الشيخ محمد حسين المذكور.
وفي أصول الفقه قرأ في كتاب معالم الأصول بعضا عند الشيخ محمد علي الجشي، وعند خاله السيد حسين السيد هاشم العوامي، والشطر الأوفر عند الشيخ فرج العمران.
وقرأ شطرا من كتاب القوانين عند الشيخ المذكور. وقرأ الجزء الأول من كفاية الأصول عند الشيح محمد صالح آل الشيخ مبارك شطرا منها والشطر الكثير عند الشيخ فرج العمران. وقرأ قسما من الجزء الثاني من الكفاية عند الشيخ فرج العمران وقد استفاد فائدة جليلة من الشيخ علي الجشي في علم الكلام والحكمة وعلم الأصول والفقه وغير ذلك من العلوم الإسلامية، غير دراسته عند أصحاب الفضيلة.
في النجف:
في نجف العلم والمعرفة حضر الشيخ رحمه الله الدروس العليا، وكان مثالا للجد والمثابرة خاصة بعد أن ابتلي بفقد ابنه أحمد عام 1369 هـ، فبلغ العلامة البيات تلك المرتبة السامية التي لا تنال إلا بتعب الأيام وسهر الليالي وتسنم ذروتها حائزاً على رتبة الاجتهاد.
وبعد عشرين عاماً قضاها في جوار حرم الإمام علي قرر الأوبة لوطنه القطيف متوجاً بتاج العلم، في سنة 1401 هـ.
فكان يوم أوبته يوماً مشهوداً، وصفه شاعر القطيف المرحوم الحاج محمد سعيد الجشي (أبو رياض) رحمه الله في مقطوعته الدالية.